تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هل تسللت الـ «سي آي ايه» إلى أجساد اللاتينيين؟

عن موقع Oriental Review
ترجمة
الأربعاء 8-2-2012
ترجمة رنده القاسم

في سلسلة من خطاباته الشعبية اعتبر هوغو شافيز انتشار مرض السرطان بين الرؤساء الأميركيين اللاتينيين ظاهرة غريبة و مرعبة . فقد أصيب بهذا المرض الخطير شافيز نفسه، و رئيس الباراغواي فيرناندو لوغو ،

و ديلما روسيف و لولا دا سيلفا (البرازيل) و كريستينا فيرنانديز(الأرجنتين). و يعرف عن هؤلاء بأنهم اليساريون من السياسيين الأساسيين المناضلين لأجل تسريع عملية توحيد أميركا اللاتينية و التخلص من سيطرة الولايات المتحدة على العالم الغربي. و قد أسهب شافيز بالحديث عن الإمبراطوريات التي تذهب لآخر حد لأجل تحقيق أهدافها.‏

و لم يتأخر رد واشنطن إذ قالت فيكتوريا نولاند المتحدثة الرسمية باسم الحكومة الأميركية أن كلمات شافيز رهيبة و تستحق التوبيخ و تعتبرها ادارة اوباما اتهاما باستخدام تقنيات بيولوجية خاصة تسبب السرطان بين القادة الأميركيين اللاتينيين غير المحبين للولايات المتحدة.و بالتأكيد شافيز ليس غراً و هو يدرك بأن واشنطن سوف تطالب بأدلة. لذا فسر الرئيس موقفه بالقول إنه لم يلم أحدا و لكنه استخدم حرية التفكير لمواجهة سلسلة من الأحداث التي يصعب تفسيرها.و هذا القلق مفهوم جدا، فلأجل التغلب على المرض كان عليه الخضوع لسلسلة من جلسات العلاج الكيماوي المنهكة في كوبا.‏

و لكن القلق سيبقى، فكيف ظهر هذا المرض؟ و كيف أصاب رجلا قويا يعيش حياة صحية ؟ و لماذا عانى فقط السياسيون الشعبيون من مشاكل صحية لم تطل أيا من رؤساء الجناح اليميني المخلصين للإمبراطورية؟‏

و اندفع الدكتور الفنزويلي الشهير سالومون ياكوبويكز ، و هو اختصاصي تغذية و من الزوار الدائمين للسفارة الأميركية، للحديث بطريقة قاطعة بأن ما من مذكرة خاصة بال CIA قد استخدمت، و بأن الرؤساء أنفسهم هم من جلب المشاكل لأجسادهم.‏

و هكذا سرت في دوائر المعارضة و وسائل الإعلام المؤيدة للولايات المتحدة النغمة القائلة بأن شافيز و أصدقاءه الشعبيين كانوا عرضة للضغط النفسي و الخوف من المستقبل و يعانون من هوس الاضطهاد إذ يرون مؤامرات الإمبراطورية في كل مكان.‏

و مع ذلك أخذ تفسير شافيز على محمل الجد. فالمحللون السياسيون لا يملكون أدنى شك بأن خدمات أميركية خاصة كانت تشن عملية على نطاق واسع بهدف تحييد (المتمردين الأميركيين اللاتينيين القياديين). لذا قاموا بدراسة تاريخ البنتاغون و ال CIA المتعلق باستخدامهما مواد إشعاعية و أسلحة بيولوجية و كيماوية في القارة و أعادوا إلى الذاكرة الحقائق الرهيبة حول استخدام كائنات بشرية كفئران تجارب، و هي حقائق لاذ التيار الرئيسي لوسائل الإعلام الغربي بالصمت حيالها.‏

و الفرصة ضئيلة في أن يرى التاريخ العميق لبرنامج الأسلحة البيولوجية الأميركية النور. فالجزء الرئيسي من الأرشيف قد صنف، و أكثر الملفات خزيا تتعرض للتصفية تدريجيا ، و الدارسون المعنيون بكشف حقائق الاختبارات الإجرامية يموتون في ظروف غامضة.‏

لقد كان ذلك عام 1947 حين اكتشف تلوث يد ال CIA بهكذا تجارب و ذلك مباشرة بعد تأسيس الوكالة. إذ عمل رجال من الFBI و ال CIA على حماية أطباء من الولايات المتحدة في مدينة غواتيمالا قاموا بدراسة مرضي السفلس و السيلان ما سبب إصابة ألفي غواتيمالي بالعدوى ، مع العلم أنهم لم يكونوا قد حصلوا على الإذن بالتجارب.‏

و في عام 1953 أطلقت ال CIA مشروع MK ULTRA الذي يدرس طرق التأثير على السلوك البشري و طريقة التفكير بمساعدة عقارات و مكروبات، و قد تضمن أرشيف ال CIA و المخابر العسكرية معلومات عن تشتت بكتيريا ممرضة في نفق نيويورك .‏

عام 1970 أطلق البنتاغون و ال CIA برنامجا سريا للغاية لإجراء تجارب على أسلحة جينية لم تطبق من قبل . و قد أوكلت لعلماء مهمة استراتيجية تهدف لخفض تعداد السكان في دول يفترض أنها عدوة.‏

و تعتبر كوبا من أكثر الدول الغربية معاناة من الأسلحة البيولوجية بصناعة الولايات المتحدة. إذ عانى حوالي ثلاثمائة ألف كوبي من الحمى النزيفية و مات مائة و خمسون بينهم خمسون طفلا. فالبعوضات التي نمت في مخابر فلوريدا و جورجيا قد نقلت إلى كوبا بطرق مختلفة.‏

الكاتب الغواتيمالي بيرسي فرانسيسكو الفارادو ، الذي عمل لمدة عشرين سنة لدى الاستخبارات الكوبية في الولايات المتحدة ، نشر مقالا حول استخدام السرطان كسلاح من قبل الCIA و قدم أدلة دامغة على وجود عشرات المخابر البيولوجية على أراضي الولايات المتحدة.‏

و طالما أشار الباحثون السياسيون الفنزويليون إلى احتمال استخدام الولايات المتحدة لنظام سلاح مغنطيسي كهربائي إشعاعي موجه محمول لمهاجمة سياسيين (غير محابين). و الضحية لا تموت مباشرة و لكن بعد فترة من الزمن ، و هي ميزة ايجابية تسمح بالهرب دون أي أثر.‏

لقد ازداد عداء الولايات المتحدة خلال قمة أميركا عام 2005 مع الهزيمة الكبيرة للفريق الأميركي الذي حاول فرض اتفاقية التجارة الحرة على أميركا الشمالية و الجنوبية .و سرعان ما ظهر ال UNASUR( اتحاد دول أميركا الجنوبية) و الذي حال خلال سنوات وجوده دون نجاح انقلابات تدعمها الCIA كما في بوليفيا و الايكوادور . و شجع على الحوار بين الجيران المتناحرين و عمل على تسهيل إعادة الديمقراطية في هندوراس و غيرها.‏

و الحدث الهام أيضا كان عام 2011 في كاراكاس حين أعلن عن إنشاء ال CELAC(مجموعة دول أميركا اللاتينية و الكاريبي) والتي ضمت ثلاثة و ثلاثين عضوا من الأميركيتين باستثناء الولايات المتحدة الأميركية و كندا.‏

لقد اعتبر شافيز و أصدقاؤه الجبهة الجديدة ضرورية لمواجهة دكتاتورية الولايات المتحدة في OAS (منظمة الدول الأميركية). و في العقد القادم ستغدو ال CELAC أكثر قوة مؤثرة في الأميركيتين و ينبغي على ال OAS التخلي عن إذعانها للولايات المتحدة لأجل الاحتفاظ بموقعها في المنطقة.و يمكن القول بأن الولايات المتحدة الأميركية ستغوص في أعمق أزمات تاريخها.‏

 بقلم الصحفي الروسي نيل نيكاندروف‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية