تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


فــــي أدوار الحــــب.. أداء بـــــــلا قلــــــب

فنون
الأربعاء 8-2-2012
هفاف ميهوب

من الطبيعي أن ينجذب المشاهد إلى أي دور حب يشعره ويلامس أحاسيسه, ليكون انجذابه الأكبر لما يلامس فيه شغف القلب إلى الحب. ذاك الشغف الذي أكثر ما يعنيه, في حال كان العمل على درجة موفقة في محاكاةِ حياته وخصوصياته العاطفية.

وبالتالي ألا يُفترض أن نتساءل وكمشاهدين متفاعلين ومتأثرين: ترى .. أمازالت دراما الحب قادرة على جعلنا نتابع ونتفاعل فنتأثر أم إنها تحوَّلت إلى تقديم مضامينٍ فرضت على الفنان أن يجسِّد أدوار الحب بأداءٍ وكأن لا شيء يعني مؤدّيه إلا الظهور وتجسيد الدور لا أكثر؟..‏

سؤالٌ الإجابة عنه مناطة بإحساس المشاهد الذي حتماً لازال يذكر أعمالاً درامية تضمَّنت قصص حب جُسِّدتْ بطريقة مؤثرة ومقنعة وبالغة القدرة على جعله يشعر وكأنه فعلاً يتابع ما يعيشه الفنان الذي يجسد الشخصية . ونستعرض وعلى سبيل التذكير ببعض ما قدمته دراما الحب من قصصٍ كانت شديدة القدرة على كسبِ تعاطف المشاهد. تلك التي شاهدناها في (خان الحرير) والتي جعلت الغجرية فضة (أمل عرفة) تهيم عشقاً بـمحسن (فراس إبراهيم) الشاب المدني الذي نال من حبها ما لم ينله فنان في هذه الأيام, وبما رسخت له بأغانٍ مازالت حتى يومنا تستهوي كثرٌ ممن لازالوا يتذكرون مقدار ما تألَّمتْ (فضة) من ذاك الغرام .‏

أيضاً هناك (الثريا) العمل الذي أكثر ما هدف إليه, عكس مقدار ما يدفع الحب المرء للتمرّد, وهو ما أقدمتْ عليه (سوزان نجم الدين) ابنة الباشا التي ومن شدة حبها لابن الأرض (عياش) أو (جمال سليمان) ضحَّت بكلِّ جاه ومكانة والدها راضية بأن تكون مجرَّد زوجة, ولفلاحٍ عاشت حياته بكلِّ ما فيها من مشقة وأعباءٍ وكفاحٍ .‏

لاشكَّ أن هذين العملين, لم يكونا الوحيدين اللذين جسدا الحب بطريقة مقنعة ومؤثرة. ذلك أن هناك الكثير من الأعمال التي أشعرنا من يجسّد دور الحب فيها, بأنه يريد فعلاً أن يوصل نبضه إلى قلب المشاهد, وبدلالة ما قدمته الفنانة (سلاف فواخرجي) في أكثر من عملٍ وافق الإحساس فينا, وإلى الدرجة التي جعلتنا نذرف ألم فقدها مع الحبيب في (ورود في تربة مالحة) العمل الذي ورغم امتلائه بالأحداث إلا أن أكثر ما جذبنا إليه, قصة الحب المستحيلة التي جمعت بينها وبين (سامر المصري) الرجل المتزوج الذي كان قد أحبَّها بطريقة جنونية دفعته لتسمية مجلته (نغم) على اسمها .‏

هذا كله , يضطرُّنا للقول: ربما باتت دراما الحب صورة طبق النقل عن حياتنا. تلك الحياة التي كانت أكثر شاعرية وأصدق وأوفى في العلاقات العاطفية, لتتحوَّل إلى علاقاتٍ محكومة بالفساد والانحلال والخيانة والمصالح المادية, وهو ما بدأت تجسّده الدراما وباختلاف مضامينها التي ومهما ابتعدت عن قصص الحب لا يمكن لها إلا أن تمرَّ عليها ولو مرور الضرورة, يقينةً بأنها الأكثر إمتاعاً وتأثيراً وجاذبية .‏

من هنا, لابدًّ أن نذكِّر بأن هذه الدراما, ورويداً رويداً بدأت تشغلنا بمضامينٍ يلعب الدين فيها دوراً أساسياً ومانعاً, وهو ما تابعناه في (أحلام كبيرة) حيث عانى عمر المسلم (باسل الخياط) من نزيف حبه المستحيل لـ (فواخرجي) الشابة المسيحية التي هاجرت لانعدام الأمل بالتقائها . أيضاً, ومثلما شاء مستحيل الحب أن يُهجّر الحبيبة في (أحلام كبيرة) شاء في (ليس سراباً) أن يُميت الحبيب جلال (عباس النوري) وبطريقةٍ وجدت حلاً لحبه المستحيل لـحنان (كاريس بشار) لطالما كان في بقائه حياً خطورة لا تعادلها إلا خطورة لأنهما من دينين مختلفين .‏

بعدها, ولأن الحياة بدأت تفرض علاقات الحب المنحرفة والمخترقة لكلِّ المحرمات, بدأت مضامين النصوص تفرض علاقات نادراً ما نجد فيها الحب المنطقي والمؤثر والإيجابي . وهو ما جعل دراما الحب لا تتطوَّر بالجرأة التي طرحتها فقط وإنما أيضاً بخروجها عن المنطقي والمألوف وإلى أن وصلت حدّ اليأس في اكتشاف الحب الحلال, ما أثمر عنه أعمال عدة جعلت العشق الحرام لا يعكس إلا علاقات الحبِّ التي تجعل المشاهد يشعر بأن الفنان الذي يجسّدها يمررها إليه, تماماً كما هي, وبأداءٍ بلا قلب .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية