تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المسرح السوري إبداع على الورق .. وتوق للنهوض

ملف الأسبوع
الأحد 13/5/2007
نهضة المسرح في سورية جاءت على يد كل من : رفيق الصبان وشريف خزندار , اللذين كانا قد عادا الى سورية من فرنسا بعد ان تدربا على أيدي الفنانين الكبيرين جان لوي بارو وجان فيلار , فأخذا يقدمان نماذج من المسرح محاولين وضع أسس لثقافة مسرحية واعية تضمن في الوقت نفسه إقبال الجماهير , وأسس الدكتور رفيق الصبان في هذه الفترة أيضاًنواة فرقة مسرحية كان لها أكبر الفضل في دعم مسيرة المسرح في سورية وأطلق على طاقمه هذا اسم : ( ندوة الفكر والفن) .

‏‏‏

في العام (1978م) أخرج سعد الله ونوس مسرحيته الفاتنة ( الملك هو الملك وفيها استخدم بلباقة فنية كبيرة احدى حكايات ألف ليلة , تلك التي تروي كيف أن هارون الرشيد قد شجر ذات مرة فقرر ان يصطحب وزيره في جولة ليلية سمعا خلالها من يقول : آه لو كنت معه لأقمت العدل بين الناس وفعلت كذا وكذا فيقرر الخليفة أن يأخذ الرجل الى قصره وان يجعل منه خليفة لمدة يوم واحد.‏‏‏

نصان مستلان من كتاب المسرح في الوطن العربي الطبعة الثانية للناقد المصري د. علي الراعي .. وفيهما اشارات واحتفاء بالمسرح السوري ... آثرنا ان يكون الاستهلال بهما لعلنا ننشط الذاكرة ونشحذ الهمم بعد ان كانت لنا جولة واسعة الطيف مع من يعنون بالمسرح ويرونه همه الابداعي الاول والاخير.. لعل حبر الورق ينشط ويثير الحماس لعلنا نسمع بحلول خارج اطار التنظير الذي نقدم منه الآن وجبة دسمة.‏‏‏

***‏‏‏

إذا كانت الجذور في الحياة, وكانت حضارتنا بتراثها وغناها وتنوعها قد قدمت أشكالاً بدائية عن المسرح, فالسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم تتطور هذه الفروع وتصبح غصوناً وأشجاراً تؤتي ثماراً.. الباحثون المعنيون بهذا الأمر توقفوا عند سببين اثنين.‏‏‏

الأول: وحسب ما يقولون رفض العرب القدماء المسرح الوافد اعتزازاً بتراثهم ولغتهم وثقافتهم وأن لديهم ما هو أفضل وأحسن هو الشعر.‏‏‏

الثاني: أن المسرح ربما يقترب من الخروج عن بعض المألوف ووصل الأمر ببعضهم أن رآه وثنية يجب الابتعاد عنها ومع الأخذ بهذه الأسباب كحالة توجس في بادىء الأمر, لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا بقي الخوف من المسرح علماً أن ما شهدته فترة الازدهار العربي يدل على أن العرب كانوا بوتقة انصهرت فيها مختلف الآراء والعلوم والمعارف وكان لدى الجميع متسع من الحرية في القول والفعل, وهنا لم يخفَ على أحد على العقيدة, ولم يرَ في الكثير من الموضوعات إساءة على شدة الاختلاف حول ما طرح.. كأن هذا الواقع الثقافي في تلك الأيام يقول لنا: ليست المسألة مسألة خوف إنما هي مسألة اهتمام ورغبة, فالعرب مشغولون بنزعتهم الكلامية المنشدّة الى الماضي أكثر من انشدادها الحياة الحاضرة أو المستقبلية, وهذا يعني أن فن الترفيه إن كان في قصورالحكام والآراء, وليس ثمة من يهتم بمن هو خارج هذا الاطار.‏‏‏

‏‏‏

***‏‏‏

صروح شامخة فهل نحسن استثمارها?‏‏‏

***‏‏‏

سليم عجاج : الرؤية غير واضحة‏‏‏

‏‏‏

يجيب الدكتور ( سليم عجاج) مدير المسارح والموسيقا بقراءة تاريخية للمسرح السوري والذي يعتبر عمره قصيراً /150/ سنة مقارنة بالمسرح العالمي ويعتبر أنه بدأ يؤسس لنفسه (المسرح السوري) مع نشوء المسرح القومي /1960/ وتعتبر فترة السبعينيات والثمانينيات فترة مزدهرة للمسرح في حين اقتصرت فترة الستينيات على دمشق عاصمة للمسرح ومن استطاع اليه سبيلا من الطبقة البرجوازية في دمشق وفي فترة التسعينيات ارتبط المسرح بالمخرج بشكل أساسي (حيث عاد عدد من المخرجين الذين درسوا خارج سورية وقدموا عروضهم وتجاربهم..) الآن وضع مسرحنا غير مُرضٍ والأسباب عديدة منها ما يتعلق بالوضع الاداري والتنظيمي للمسرح والترويج لعروضه إضافة لكون الرؤية الاستراتيجية للمسرح السوري غير واضحة الملامح /كيف..?! وأين..?! وإلى أين..? مسرحنا السوري أيضاً الابتعاد عن تنشيط المسرح في المحافظات واقتصارها على دمشق إضافة لنجاح الدراما السورية وانتشارها والعوامل المغرية فيها لتوجه الفنان والمخرج والكاتب نحوها.. وانعدام فرصة وجود مسارح خاصة ترفد المسرح الرسمي..وطبيعة النصوص المسرحية المقدمة لاتعتبر حقيقة عن صوت الجمهور يمكن إعادة ألقه.. بتشجيع الفرق الخاصة ومشاركة المؤسسات الأهلية.. إقامة مهرجانات مسرحية في المحافظات يتوجها مهرجان دمشق العالمي.. إعادة الهيكلة التنظيمية للعاملين في المسرح.. أن يكون للمسرح هيئة عامة ومستقلة وهذا ما نسعى جاهدين له.. الاعتناء بالتسويق والترويج للمسرح.. وتنمية الكوادر البشرية ورفع أجور العاملين والمشتغلين بالمسرح..‏‏‏

تأمين بنى تحتية جيدة ومستلزمات المسرح كافة.. تنمية روح العمل المؤسساتي (روح الفريق) في المسرح والتعاون ما بين المسرح والاعلام (المرئي والمكتوب والمسموع..)‏‏‏

***‏‏‏

جهاد الزغبي:‏‏‏

لم ننظر إليه بعين النقد‏‏‏

‏‏‏

أولاً اعترض على السؤال ,المسرح السوري لم يفقد بريقه , فنحن لم نتطلع على المسرح بعين نقدية مرتبطة بالمرحلة التي يقوم فيها العرض المسرحي بمعنى عندما بدأ المسرح القومي في الستينات لم يكن هناك من وسائل لدى الجمهور للتسلية سوى المسرح وبنفس الوقت كان شكل العرض المسرحي مرتبطاً بالحكاية وبسلوك الشخصيات, أذكر في نهاية السبعينات أن نفس الشخصيات المسرحية التي تألقت في الستينات أصبح ينظر إليهم بأنهم غير مرغوب بهم ومبتعدين عن الركب المسرحي, أما في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات ارتبط مسرحنا بالإيديولوجيا وهو فوران ايديولوجي من الاتحاد السوفييتي وبالتالي مع سقوط هذه الايديولوجيا انتهت هذه المرحلة. من جهة أخرى المسرحي الفرنسي جان (بريمر) وجد أن المسرح الفرنسي المعروف عالمياً فقد بريقه وطاقاته التي تبحث عن الشيء الجديد, وفي الوقت الذي كان موجوداً في مهرجان دمشق المسرحي الأخير جسّد مسرحنا وممثلونا طاقاتهم المتجددة وحبهم للمسرح.‏‏‏

وفي مهرجان أيام عمان المسرحية الذي أقيم مؤخراً في الأردن , عقد مؤتمر تحدث عن الآخر (الغرب) والاحتواء وبحضور عدد من النقاد المسرحيين العرب وأثنوا على المسرح السوري من خلال عرضي شوكولا وحكاية علاء الدين واعتبروه من أهم العروض في الوطن العربي. ولكن أريد هنا أن أقلب السؤال , المشاهد هو من فقد بريقه وأعتقد أنّ السبب الرئىسي أن المشاهدين وبعض العاملين في المسرح لم يعودوا يعرفون ما نريد, فمسرحية فوضى لعبد المنعم عمايري حصدت في مهرجان القاهرة التجريبي أفضل إخراج وعرض مسرحي وكان رئىس لجنة التحكيم أمريكياً وحين عرضت في دمشق, وصل الأمر بعبد المنعم عمايري أن يترك المسرح فالمشكلة تكمن في المشاهد وبعض العاملين في المسرح.‏‏‏

***‏‏‏

نبيل الحفار:‏‏‏

في حالة كمون‏‏‏

‏‏‏

المسرح السوري الآن في حالة كمون على الرغم من كثرة العروض نسبياً على صعيد مسرح الهواة في مختلف المحافظات أو النتاجات المتباعدة لبعض الفرق الخاصة غير التجارية في العاصمة, وكثرة العروض لاتعني بالضرورة وجود حركة مسرحية , كما أن المهرجانات المسرحية ليست برهاناً على وجود حركة مسرحية بل هي مجرد تجميع لعروض أحادية أنتجتها جهات أو منظمات أو نقابات بشق الأنفس خلال سنة كاملة والعاملون في هذه العروض مناضلون حقيقيون ويكادو أن يصيروا قديسين في الظروف القاسية والمتقشفة التي يعملون بها إناثاً وذكوراً ويتجلى الظلم الذي يحيق بهم عندما نجري مقارنة مع ظروف العمل في التلفزيون والسينما على كافة الأصعدة المادية والمعنوية , وبما أن المسرح جزء من الحالة الثقافية العامة في سورية وفي البلدان العربية الأخرى, فلا بد للمسرح لكي يخرج من حالة الكمون هذه من أن تحدث تغييرات جذرية جريئة على صعيد هيكلية الانتاج وقاعدته المادية ليس في مديرية المسارح فحسب بل في كافة الجهات التي تقدم فعالية مسرحية ما كجزء من عملها العام سواء الشبيبة أو العمال أو الجامعة والمسرح المدرسي, والتذكير فيما يمكن للمسرح أن يقوم به كوظيفة اجتماعية فنية ثقافية يجب أن تحتل المركز الأول في فعاليات هذه الجهات القادرة على الانتاج وإن لم يواكب التذكير في دور المسرح تطورات التغيير ومتطلباته مادياً ومعنوياً فلا أمل أمامنا بفن مسرحي ينهض بدوره فكرياً وفنياً.‏‏‏

***‏‏‏

عمر حجو: لدينا نصوص جيدة ولكن..!‏‏‏

‏‏‏

الاهمال وخاصة من وزارة الثقافة له دور كبير في تأخر المسرح واتجه الناس الى المسرحيات التجارية ولكنها ملتها أيضاً فهربت منها الى التلفزيون فلم تعد تتعاطى المسرح.‏‏‏

المسرح هو ديمومة فيجب أن لا يعمل يوماً ويعطل بقية السنة. يجب أن نعود الناس على المسرح لأنهم يقومون بواجب وظيفي المسرح القومي يقدم المسرحيات بالموسم المسرحي فقط وليس بشكل دائم وهذا خطأ كبير ونحن نعيد ألق المسرح: المسؤولة هي وزارة الثقافة فهناك أصول وآداب للمسرح يجب أن نعمل عليها وعلى الدولة أن تتبناه وترى الثغرات وأنا من الذين أتمنى أن يستمر المسرح نريد أن يقدموا لنا مسرحاً مجانياً وإعلانات لا أن ندفع نحن الفنانين من جيبنا وسنعمل, لدينا نصوص جيدة ولدينا إبداعات كثيرة ولكن نريد التمويل المادي لنعيد للمسرح ألقه ويجب أن نعرف ماذا يريد الناس حتى نعيد للمسرح ألقه.‏‏‏

***‏‏‏

سامر زرقا: التجريب أفقده بريقه‏‏‏

‏‏‏

جميع المسرحيين السبب في فقدان المسرح بريقه من مخرجين وممثلين وإدارة حتى أنني لا استثني الجمهور.‏‏‏

ويضيف: المسرح يرفض المباشرة ولهذا ليس من المعقول أن أذهب الى المسرح كي أرى ما يجري لدي مع جابي الباص أو شرطي المرور.. أو.. أو .. إلا إذا كانت معالجة بطريقة مسرحية, وأفشل المسرحيات تلك التي تحاول أن تعمل على مثل تلك المواضيع, لأن الجمهور تعود على رؤيتها من خلال المسلسلات التي تناقش حالات اجتماعية, فهي ضمن نطاق العمل التلفزيوني ظريفة تعجب شريحة كبيرة وتهدف الى الاضحاك.. طبعاً لا أنفي أن الدراما السورية قد احتلت مكانة متميزة على الصعيد العربي بشكل عام.. ليس بالضرورة أن ينجح المسرح إذا سلك نفس الطريق الذي سلكته الأعمال التلفزيونية.‏‏‏

الى الآن لم نرَ عملاً كلاسيكياً من أعمال شكسبير قد نفذ بشكل سليم في مسارحنا لصعوبة هذه الأعمال وعدم توافر شروط نجاحها, فنهرب ونتستر تحت قوانين المسرح فيقول أحدالمخرجين أنا لي رؤيتي التي تخالف ما أراده شكسبير, فيخرج العمل تحت اسم كلمة (التحديث) التي بتنا نسمعها كثيراً وبعيداً عن النص الذي كتبه شكسبير, فهذه الحداثة هي التي أبعدت جمهورنا عن المسرح.‏‏‏

ويحمل زرقا المسؤولية على العاملين في المسرح فيقول: كعاملين في مجال المسرح كلنا منظرون ونفهم بكل شيء, ونتكلم عن كل شيء, ولكن لا نقدر جهود بعضنا التي اعتبرها بسيطة لحد الآن, ولكن هناك من يعرف (من أين تؤكل الكتف) وهناك من يطبل ويزمر له, ومن يبني علاقات كبيرة من خلال واسطاته المعروفة وغيرالمعروفة, ومن يتعدى على المسرح وهي ليست مصلحته جميعنا لا نحاول سماع بعضنا والكل يرى المسرح من خلال مفهومه الذاتي, ولا يفكر واحد منا أن يستقرىء على الأقل ما يحاول أن يفعله زميله.‏‏‏

كل هذا أفقد المسرح بريقه لأننا حملنا المسرح أكثر مما يستطيع حمله وهوالكذب.. الكذب على أنفسنا بالدرجة الأولى.. وعلى الجمهور بالدرجة الثانية.‏‏‏

فكل الفنون تعتمد بكل بساطة على الصدق ولكن هذا فقدناه في المسرح, كلنا مغالون وصوليون كذابون ونريد أن نوهم الجمهور الحبيب بأننا نعاني من أجله, ونمشي ونصدق كذبتنا, وبالنهاية نكتشف أننا الوحيدون من صدق الكذبة وأننا مكشوفون أمام هذا الجمهور الذي يأتي ليرى ما لم نقدمه لحد الآن وهوالصدق.‏‏‏

وينهي حديثه موجهاً نداء الى كل المسرحيين ليكونوا صادقين مع أنفسهم ومن ثم ليخرجوا ويمثلوا ويرقصوا عندها سيستعيد المسرح ألقه.‏‏‏

**‏‏‏

نور الدين الهاشمي: لم يتجذر في حياتنا..‏‏‏

‏‏‏

يفترض السؤال أن ّ المسرح قد تألق وتوهج في فترة سابقة ولا أعتقد ذلك فأوضاع المسرح ما زالت في اضطراب منذ وفوده إلينا كفن غربي في أواخر القرن التاسع عشر ولم يستطع المسرح حتى الآن أن يتجذر في حياتنا الاجتماعية والثقافية ليغدو ظاهرة طبيعية ضرورية إلى جانب الفنون الأخرى ويعود ذلك كما أراه إلى الأسباب التالية:‏‏‏

أولاً: المسرح فن جماهيري يعتمد الحوار والنقاش والجدال وهذه أمور ما زالت غائبة عن حياتنا بشكل عام.. لأنها تعتمد على حرية الرأي والجرأة على قوله والمسرح دون حرية يغدو ثرثرة سطحية لاقيمة لها..‏‏‏

ثانياً: أساس العرض المسرحي هو الجماهير ولايمكن تخيل مسرح دون جماهير والجمهور حين يأتي إلى العرض المسرحي الحقيقي لابد أن يكون مدفوعاً بوعي ثقافي يدرك تماماً أهمية المسرح في تعميق الوعي وكشف الحقائق وتعرية الواقع. ولكن الجماهير العربية للأسف بشكل عام قد تعرضت للتهميش وتزييف الوعي وهي محاصرة بالتجهير وغياب الحرية واللهث وراء لقمة الحياة مما يجعلها منكفئة على ذاتها لاتعني لها الثقافة شيئاً والمسرح جزء هام من فعل الوعي الذي ابتعدت عنه.‏‏‏

ثالثاً: المسرح فعل اجتماعي راق يعتمد تكاتف معظم الفنون بالإضافة إلى المال وتوفير المكان الملائم وفي مجتمع متخلف يتراجع التعاون ويصعب التعاون في ظل البحث عن الخلاص الضروري وانتشار الفردية والأنانية. رابعاً: تضخم ذات مرضي عند كثير من المخرجين بحيث صار العرض المسرحي وسيلة لإبراز عضلات المخرج من تجريب وانبهار وإدهاش سطحي على حساب عناصر العرض المسرحي وتوازنها دون أن يحسب هؤلاء المخرجون حساباً للجمهور أو لرسالة المسرح ودوره.. وهذا أفسح المجال للمسرح التجاري الذي لايفكر فيه المخرج هنا إلا بشباك التذاكر مستغلاً عطش الجماهير فيزيد من الجرعة السياسية والجنسية مخففاً من احتقان الجماهير وشوقها للحديث ومناقشة هذه المحرمات..‏‏‏

وأخيراً فإن المسرح فعل حضاري يتأثر مباشرة بالأوضاع السياسية والاجتماعية وحين تتهشم هذه الاوضاع وتعاني من انكسارات فلا بد أن ينكفئ المسرح على ذاته ليعيد مع الجماهير حساباته وتوازناته وقد يخبو قليلاً ولكني أعتقد أن جمره تحت الرماد.‏‏‏

**‏‏‏

نضال سيجري: لايفقد دوره‏‏‏

‏‏‏

مقولة أن يفقد المسرح بريقه خاطئة فالمسرح لايفقد بريقه أبداً فقد يكون العاملون بالمسرح هم الذين فقدوا بريقهم.‏‏‏

فهناك أشخاص تمل بسرعة وتشعر بأن المحصول الذي يقدم كعمل مسرحي لايحقق النجاح من حيث المشاهدة أو أن المردود المادي أقل بكثير , أو يهربون لعمل آخر . فالطقس الخاص بالمسرح لانشعر به على التلفاز ولاتجوز المقارنة فالمسرح أعلى وأرقى ويجسد حالة الانسان من انتكاسات ووجع ولكن هناك بعض المشكلات.‏‏‏

- التسويق فنحن لانجيد التسويق الجيد للمسرح كي يحضر الجمهور ما نقدمه من أعمال. فطريقة التسويق والحالة الترويجية يجب أن تكون حضارية ومعاصرة.‏‏‏

- أما الشيء الثاني والذي يعتبر العمود الفقري الأساسي فهو التمويل والحالة المادية التي تعني أن ننتج مسرحاً.‏‏‏

فالمسرح يحتاج لدعم حقيقي وبحاجة لتعاضد وتكاتف وأن نلغي فكرة أن المسرح حالة ترفيهية . فإذا اعتبرنا أن المسرح حاجة لايستغنى عنها فيصبح الاعتناء به أكثر مما هو عليه . يجب أن نتخلص من الحالة الروتينية والبيروقراطية الموجودة في المؤسسات الحكومية التي تقضي على جزء من الحالة المسرحية وبالإضافة إلى رفع أجور العاملين ليأتوا بكل حماس وبرغبة حقيقية. والاعتناء بجيل الشباب وأن نقدم لهم مكاناً للتدريب والعرض.‏‏‏

***‏‏‏

وليد إخلاصي :لدينا نواة للنهوض به‏‏‏

‏‏‏

الجواب: يعطي السؤال في شكله قناعة ثابتة بأن المسرح السوري في السابق قد بنى صرحا له ازدهرت فيه العروض المسرحية التي قدمت برامج محسوبة تلتزم انتظاما حافظ على مسيرته في مشهد الثقافة الوطنية,كما وأن حركة التأليف للمسرح (أو الاعداد) لم يتوقف عن النمو والمتابعة محققة شرطها الفني.ويستكمل السؤال نفسه عندما يتساءل عن كيفية استعادة ذلك التألق الذي خبا نوره.‏‏‏

ونلمح في هذا السؤال حنينا الى ماض يتخيل انه كان مشرقا,ولكن الاحداث والنكسات تغلبت عليه فانكفا على نفسه فلم يبق لنا سوى ان نعيد اليه مجده. وبظني ان تلك الصورة لا نملك كامل المقومات الموضوعية. وبظني كذلك انه يمكن الاعتراف بمحطات مميزة مرّ بها المسرح السوري اعتبرت ايجابية وبالغة الأهمية,وأولها كان في احداث مديرية المسارح في وزارة الثقافة مما أرسى أرضية للمسؤولية الرسمية التي قررت أن تكون راعية لحركة المسرح,وثانيها كان في انشاء معهد عال للفنون المسرحية ليساهم في اعداد كوادر فنية تمنح الأمل في بناء قاعدة معرفية لتطور المسرح,وثالثها جاء مع رعاية رسمية للمهرجانات السنوية المسرحية التي يقف على رأسها مهرجان دمشق ,ورابعها تجلى في اقامة عدد من الأبنية المسرحية التي يقف على قمتها بناء دار الاوبرا في دمشق كواحدة من أهم الصروح المسرحية العربية.‏‏‏

ويجوز القول بأن هذه المحطات على أهميتها لم تستطع أن تستكمل انشاء واقع مسرحي يمنح الاعتراف بحدوث حركة مسرحية متكاملة في الحياة الثقافية والاجتماعية تتسم بالانتظام النسبي بما يقارب ,هو عليه الحال في مؤسسة التلفزيون.وإذا ما تم الاتفاق على هذه الحقيقة فانه يمكن القول بان ما حدث ويحدث في واقعنا المسرحي يشكل نواة ناضجة لانبات شجرة مؤسسة المسرح الوارفة الظلال.‏‏‏

***‏‏‏

د. حنان قصاب حسن : المشكلة عالمية‏‏‏

‏‏‏

نحن نعيش زمن التحولات,واتجاهات الفن تتغير على ضوء التغيرات التي تسم فترة ما.إننا نعيش في زمن الصورة,والمسرح القائم على الكلمة وحدها لن يستطيع أن يصمد أمام طغيان وسائل الاتصال التي تتطور بشكل سريع,وأمام تطور ذائقة الشباب من الجيل الجديد.في العالم كله هناك توجه واضح للمسرح البصري الممزوج بالرقص وفن الفيديو والرقص في حين يتراجع بشكل ملحوظ الشكل التقليدي القائم على النص,وبالتالي المشكلة ليست محلية بل هي عالمية.المسرح بشكله التقليدي لم يعد مطلوبا كما كان في السابق والتجارب الناجحة في العالم هي التي استطاعت ان تخلق صيغا مبتكرة وأشكالا جديدة تمزج بين النص والصورة.‏‏‏

يمكن إذن العمل على تنضير أدوات المسرح وإفساح المجال للشباب ليجدوا آليات عملهم المتجددة بالإضافة الى إغناء مخزونهم الثقافي والمعرفي والبصري عبر وسائل عديدة أبرزها تعريفهم على ما يجري في العالم من تجارب,وتمكينهم من إيجاد التمويل المناسب والأمكنة المتاحة للتدريب والعمل.‏‏‏

***‏‏‏

عبد الفتاح قلعة جي: هل من مسؤول ثقافي يبادر..!‏‏‏

‏‏‏

لا شك أن المسرح السوري يعاني اليوم من أزمات مزمنة تتعلق بما يلي: 1- الوعي الثقافي والفكري والإدراك الحقيقي لدورالمسرح. 2- آليات العمل والانتاج. 3- تشوش مفهوم الابداع والتجريب بسبب غياب الثقافة الحقيقية بالمسرح وتطوره العالمي عن كثير من العاملين في مجال العرض المسرحي. 4- غياب النقد المسرحي الحقيقي لصالح القراءات الانطباعية السريعة أو الضجيج المدائحي بحكم علاقات القربى. 5- تغييب المؤلف الرؤيوي عن الساحة المسرحية وتصدي أرباب شهوة الكلام والثرثرة اللفظية أو الحركية للتأليف المسرحي والاخراج معاً. 6- وبسبب غياب المؤلف غابت القيم الكبرى الفكرية والانسانية والوطنية عن النتاج المسرحي السوري, وأصبح ما يقدم مجرد نصوص هشة وعروض ضعيفة فكرياً وفنياً يسدل عليها الستار مع إسدال الستار. 7- طغيان ثقافة الدراما التلفزيونية ودراما مسرح التهريج التجاري المجاني, والمسرحي البدائي أوالرديء, وجميعها تقع في خانتي الاستهلاك والجهل. 8- اهتزاز مفهوم (الهوية الثقافية والخصوصية) ليس في المسرح فحسب وإنما في الثقافة العربية عموماً, بالرغم من كل المقالات والندوات والحوارات التي تعقد حولها والتي تؤكد ضرورة الحفاظ عليها, وبالرغم أيضاً من تعليقنا هزائمنا في هذا المجال على مشجب العولمة.‏‏‏

**‏‏‏

ياسر دريباتي: ألقه افتراضي‏‏‏

‏‏‏

المسرح كائن اجتماعي مصيره مرتبط بالانسان ويحضر حيث تكون الجماعة, الجماعة الراغبة في اللعب للتعبير عن وجودها مع ما يحمله هذا الوجود من آلام وآمال.‏‏‏

الجماعة الراغبة في الفرجة التي تعيد تشكيل النسيج الاجتماعي وفق قوانين جديدة تكون الثقافة والفن أحد مكوناتها الأساسية, لذلك يصعب الحديث عن ألق المسرح وحضوره في مجتمع تختصر فيه الجماعة الى مقولات جاهزة وشعارات براقة وتُقصى فيه روح الفرد المبدع عبر إخضاعه لمنظومة قيم فكرية وفنية متسقة مع السائد وراغبة فيه وبالتالي إعاقة جوهر العمل الفني والابداعي القائم على كشف السلبي وتفكيك بنيته.‏‏‏

لا يمكن الحديث عن بريق المسرح في غياب تقاليد المسرح التي لم تؤسس حتى الآن, ومع مجموعة من العروض المسرحية المتناثرة هنا وهناك يصعب الحديث عن بريق أو ألق.‏‏‏

المسرح السوري منذ ولادته وحتى الآن لم يخرج عن كونه مجموعة من الظواهر المسرحية بناها مسرحيون سوريون أخلصوا للمسرح ولم تُفلح جهودهم في تأسيس ريبورتوار مسرح سوري يضمن الديمومة والاستمرار لهذا المسرح, ولم تُفلح المؤسسة المسرحية السورية مع عقليتها البيروقراطية في بناء المسرح السوري رغم الطاقات الأكاديمية التي وفرها المعهد العالي للفنون المسرحية.‏‏‏

نعيد الألق للمسرح السوري قول تنقصه الدقة لأنه ألق افتراضي يحتاج تشكله الى مؤسسة تعمل بآلية إدارية جديدة تنتصر للمسرح الجاد والنظيف, وتعمق حضور المسرح في المجتمع السوري بإنشاء فرق مسرحية في كافة المدن السورية يكون لها قوامها الاداري والمالي المستقل ولها ريبورتوراتها السنوي الخاص.‏‏‏

***‏‏‏

زيناتي قدسية: فرصة للنهوض‏‏‏

‏‏‏

من المفترض أن يحصل التعاون ما بين مؤسسات القطاع الخاص المعني بالمسائل الثقافية مع القطاع العام , لأن الثقافة ليست حكراً على قطاع دون آخر وفي حالة التعاون تصبح المساهمة مضمونة النتائج والتي تعود بدورها لصالح المشروع الثقافي ككل , وهناك تجارب عالمية ناجحة ارتكزت على ذلك التعاون الذي أصبح مفهوماً محسوماً , وحتى بالنسبة لسورية , لم تعد تطرح الفكرة كما في السابق .‏‏‏

وقد دعا الفنان قدسية الوقوف عند هذه التجربة وهكذا تظاهرة بحيويتها وتأثيرها والتي تفرض ازدياد المشاركات واتساعها على صعد مختلفة وأكد قائلاً : يحضرني التذكير بأن الحكومات لاتصنع الثقافة بل تدعم المشاريع الثقافية , من هنا سعينا كأفراد نحو الفعالية بثقة كاملة كي تثبت فعاليتها ونجاحها على أرض الواقع كي نفوز بثقة حقيقية تحفز الاخرين للمشاركة والمساهمة في هذا السياق لابد من التأكيد على دور الاعلام وأهميته بالتركيز على هكذا تجارب للفت النظر إليها فهي تعود علينا بالفائدة الثقافية والجمالية , إذ أطالب الوقوف والحيوية وكلما اتسعت الدائرة كلما دفع بهذه الخطوة إلى الأمام وإلى الأفضل , حيث الإستمرارية شرط مهم /أهداف التجربة / .‏‏‏

وعن سؤال سوية العروض المتفاوتة / فهل فرضه طبيعة المهرجان , أم أن المهرجان بحد ذاته قد أخذ أيضاً نصيبه من أزمة المسرح ككل , فأجاب : تتحدثون في الصحافة عن أزمة المسرح باستسهال وبدون تردد وفي اقرار واعتراف , فكل شيء في إطار الأزمة في العالم العربي ونحن في سورية جزء منه , لكن ما يميز العمل المسرحي في سورية أننا مصرون على تجاوز الأزمة بالجهود المتاحة ونحاول أن نخفف من وطأتها ,إذ نقاتل بشراسة من أجل أن نخرج منها , وهدفنا الخروج إلى مجال مختلف فيه الإبداع والابتكار .‏‏‏

***‏‏‏

جوان جان: الإدارات تتحمل جزءاً من المسؤولية‏‏‏

‏‏‏

على الدوام ما فتئت /الثورة/ تسلط الضوء على المسرح السوري ومشكلاته وإنجازاته وإخفاقاته , سواء في صفحاتها الثقافية أو ملحقها الثقافي واليوم عبر مادة أعتقد أنها ستأتي في موعدها المناسب تواتراً مع انعقاد الدورة الثانية من مهرجان الشباب للفنون المسرحية التي تستضيفها محافظة الحسكة من 26 نيسان ولغاية 5 أيار.. وكما تأتي هذه المادة الصحفية في زمانها المناسب يأتي هذا المهرجان الذي تقيمه مديرية المسارح والموسيقا في وزارة الثقافة في زمانه المناسب ليساهم مساهمة فعالة في تنشيط الحركة المسرحية ودفعها إلى الأمام وهي الحركة التي شهدت حالات المد والجزر أثرت سلباً على واقعها وتوقها إلى تأسيس نهضة مسرحية طالما حلم المسرحيون بها وسعوا إلى تحقيقها , غير آبهين بالعوائق والظروف الموضوعية وغير الموضوعية التي عرقلت مسيرة هذا المسرح الذي تبدو من أولى مهماته اليوم السعي نحو إعادة الجمهور إلى صالات المسارح.‏‏‏

**‏‏‏

عدنان سلوم : لدينا من المسارح ما يكفي لتطويره‏‏‏

المخرج عدنان سلوم مدير مسرح الطفل يرى بأن المسرح لم يفقد بريقه بل إن (الفنانين والعاملين في المؤسسات المشرفة على المسرح) هم الذين فقدوا القدرة على إعطاء المسرح البريق الخاص به..لأنه لم يعد من الأولويات الثقافية في البلد,وأغلب ما ينجز من مشاريع ومقترحات مسرحية هي فردية وذاتية ولا تعبر عن رؤية جماعية,ورغم ذلك يعتبرها سلوم إيجابية أحيانا لغياب المشروع الوطني الثقافي الذي يخصص حيز منه للمسرح ودوره كأداة تثقيف,كما يرى أن العمل المسرحي هو جزء من البيروقراطية التي تعاني منها مؤسسات وهذا دليل آخر لانعدام القدرة على إعطاء المسرح بريقه الخاص لكثرة التبدلات الإدارية على المؤسسة الوحيدة التي تنتج وتشرف بشكل أو بآخر على انجاز العروض المسرحية الخاصة دون إعادة النظر في آلية عملها.. كما أن أغلب المديرين الذين تتابعوا على إدارة مديرية المسارح.. يتعاملون مع المؤسسة من منطق شخصي وذاتي فيهتمون بترتيب أوراق المحسوبيات أكثر من اهتمامهم بالمشروع المسرحي إلا على المستوى التنظيري والبريستيج والضجة الإعلامية وكل مدير يصل,يظهر وهو يحمل حبلا ومستعد (ليخرج الزير من البير) فإما أن ينقطع الحبل أو يسرق الحبل أو أساسا لا يوجد حبل,وبالمقابل العمل المسرحي يعتمد على العرف بحيث كل شيء ضبابي لا تعرف متى ستعرض وما عليك وما لك كفنان أو مدير أو عامل في المديرية وتداخلت الصلاحيات بحيث أصبح كل واحد في مديرية المسارح يتدخل بكل شيء إلا عمله الأساسي هذا إذا كان لديه عمل بالأساس.‏‏‏

**‏‏‏

أنور محمد : بحاجة إلى أشخاص تراجيديين‏‏‏

المسرح السوري منصتّه بحاجة إلى أشخاص تراجيديين مثل فواز الساجر وسعد الله ونوس وممدوح عدوان وجهاد سعد.‏‏‏

‏‏‏

لأنه استقطب موظفين لا مفكرين,جاؤوا إلى المسرح للانتفاع,وصعدوا فيه إلى أعلى المناصب,وصار مثله مثل أي مؤسسة خدمية أو إنتاجية:فلا فرق بين أن تكون عاملا أو موظفا فيه,أو في أي مؤسسة لإنتاج الكونسروة والألبان والأجبان,أو لبيع الغاز والمازوت.المهم أن تحقق لنفسك من خلاله الجاه والمال,بل إن بعضهم حاول تسويق ابنه(كأعظم) مخرج مسرحي في مهرجان دمشق الأخير (ما هذا الاستخراب?) وصرت ترى بعض الممثلين وبقدرة قادر يتحولون فجأة إلى مؤلفين ومخرجين ومنتجين -دفعة واحدة-فلا يعطون فرصة لغيرهم.‏‏‏

صحيح أن التلفزيون-المسلسل التلفزيوني أثّر كثيرا على المسرح,خطفه,خطف بريقه.وما عاد المشتغل فيه يملك تلك الشجاعة الأسطورية,فيضحي ويقبل بالأجر الذي لا يكفيه ليسد جوعه,إلا أن هذا ليس سببا مهما.بل الأهم أن حسن النية,ونبالة المقصد عند بعض العاملين فيه-وهي على الغالب تجيء في قالب تصريحات وخطب وبيانات-هي ما تخطف بريقه,فهؤلاء يعرفون كيف يحكون,ولا يعرفون كيف توضع الخطط والخرائط المسرحية لنشاط الموسم أو للمهرجان-ربما هناك من يضايقهم- إذ إن معظم العروض يتم ارتجالها,وينسى المدير أن المسرح هو لعبة جماعية يشتبك فيها الحلم مع الواقع,فنمارس أحلامنا,نعيشها على خشبته.فيصير ما نراه على المنصة خطابا,تقريرا إعلاميا.ولمّا تجابههم بأن هذا العرض ليس فيه من المسرح شيء ,يبررون-بأنه مسرح (تجريبي) نخبىء فيه عجزنا فمثلا- دعني أستطرد :قدم المسرح القومي في أحد المواسم مسرحية (صدى) من تأليف وإخراج عبد المنعم عمايري,وهي مأخوذة-صورة طبق الأصل -عن مسرحية (بيت برناردا إلبا) لغاريثا لوركا,فيهلّل لها الذي يهلّل.‏‏‏

في حين يمر عرض (هجرة أنتيغون) من تأليف وإخراج جهاد سعد -وهو عرض مسرحي ذكي وخطير,أعاد فيه جهاد للمسرح السوري ألقه وبريقه,دون أن (ينتكش) به أحد.طبعا أنا لا أنال من عبقرية العمايري,ولكن لماذا نحوّل العرض المسرحي الى بضاعة?‏‏‏

مسرحنا السوري يحتاج إلى رجال مسرح يحققون له بعده المعرفي والجماعي في كل عرض يقدمونه,فلا نرى مثل تلك العروض التوفيقية التلفيقية,التي تحوّله إلى منبر للخطابة,المسرح السوري مكبل بالجنازير,بل هو رهن الاعتقال.فمنصته ليست (منصة) لأنه صار مكانا للتسلية,في حين أنه بحاجة,منصته بحاجة إلى أشخاص تراجيديين مثل: فواز الساجر وسعد الله ونوس وممدوح عدوان وجهاد سعد وفرحان بلبل ومها الصالح وزيناتي قدسية وآخرون.‏‏‏

************‏‏‏

في البحث عن جذور..‏‏‏

شغل النقاد والمتابعون لتاريخ المسرح أنفسهم بالبحث عن جذور لهذا الفن في تراثنا وذهبوا بعيداً في التنقيب ووصل بهم الأمر الى حد التأويل وخرج بعض هؤلاء بمجلدات أفادت في التأصيل لهذه الظاهرة, وإن كان هذا التراكم لم يجد في محصلة الأمر نفعاً.. صحيح أنهم قالوا: إن المتحامقين أدوا أدواراً مسرحية وأن إنطاق الحيوان وتقويله ما يريدون قوله بالمداراة, وصحيح أن طقوس الاستسقاء وغيرها كلها إشارات دالة على الارهاصات الأولى لهذا ا لفن الذي ظل نبتة غريبة في حياتنا, ولم يزدهر وإن شهد طفرات لم تعمر طويلاً.‏‏‏

***‏‏‏

هل سيبقى غريباً..?‏‏‏

وربما يحق لنا أن نعيد طرح السؤال بصيغة جديدة إذا كان خلال المراحل الماضية لم يتجذر لتلك الأسباب.. فلماذا لا يتجذر, أو لم يتجذر خلال أكثر من قرن على نشأته الأولى بدءاً من مارون النقاش ومروراً بأبي خليل القباني.. سؤال يطرح نفسه بصيغة جديدة هل امتدت جذوره عميقاً, وهل أورق في حياتنا..? ربما كان لنا في تعدد وجهات النظر في هذا المجال دليل على أن الفن المسرحي لم يلقَ أي رعاية حقيقية ولم ينظر إليه إلا من خلال الترف الثقافي والحضاري بمعنى آخر إنه ليس للحياة ولم يزرع في تربة خصبة, وحين توفرت له أسباب النمو, نما وازدهر وأعطى ثماراً لا نزال نتغنى بها.‏‏‏

***‏‏‏

أزمة عربية أم عالمية..?‏‏‏

تبدو أزمة المسرح في واقعها الحالي أزمة عالمية ولكنها تبدو أشد عمقاً لدينا, فما من قطر عربي إلا ويشكو واقع المسرح فيه, في الامارات العربية يتساءلون: هل المسرح الاماراتي بخير.. وتفرد (دبي الثقافية) تحقيقاً للاجابة على هذا السؤال والغريب في الأمر أن يقول الجميع: إن المهرجانات تسببت في قتل الموسم المسرحي, ويرى آخرون أن ثمة مسألة أكثر خطورة تعترضهم هي مسألة عدم التفرغ.. بينما يرى (قاسم محمد) أن الكثيرين من المعنيين بالأمر لا يهتمون بما يجري في كارهم.‏‏‏

أما في السعودية فيرى المعنيون أن الاهتمامات فردية, وربما سأل بعضهم: أين هو هذا المسرح حتى نقول إنه واعد..‏‏‏

وفي سورية رأى الفنان الكبير دريد لحام أن وزارة الثقافة هي المسؤولة عن تردي المسرح في سورية, ولهذا التردي الذي يتحدث عنه أسباب وأسباب شرحها الفنان, فالمبدع ليس موظفاً ولا يحتاج الى من يفكر عنه ويقونن آراءه وأفكاره..‏‏‏

***‏‏‏

هل ابتعد عن الحياة..?‏‏‏

إذا كان العالم كله مسرحاً بألوان المأساة والملهاة فلماذا يخرج المسرحيون الى المنطقة الباردة الجافة.. جمهور مسرحي يخرج من عرف بطله ومؤلفه وممثله واحد.. خرج الكثيرون وهم يقولون: كأن هموم الحياة التي نعيشها لا تكفينا, مللنا التنظير والتجريب, قد يقول قائل: وهل تريدون المسرح تهريجاً وفرفشة.. ولكن يخطر في البال سؤال: لماذا لا يقف النقاد عند محطات الازدهار ويدرسون الأسباب التي أدت إليها, وبالوقت نفسه الأسباب التي أدت الى الانحدار والتراجع..?‏‏‏

***‏‏‏

مهرجانات‏‏‏

للمسرح مهرجان, وللسينما مسرح, ولكل فن تريده أن يندثر اصنع مهرجاناً هكذا هي الأحوال كما يقولون, كانت المهرجانات للتنافس في الابداع, والآن للتجريب القائم على أساس التخريب, ولكل مخرج جائزة, ولكل جوقة مكتب صحفي وإعلامي وملايين تهدرعلى الورق.. مهرجانات في كل مكان في أرجاء الوطن العربي, نشرب ونحتفي في الفنادق وثمة مسرح أو شعر أو.. أو.. يذبح ونشرب نخب نحيبه, لم تعد المسألة مسألة مهرجانات, الكل متفقون على أننا نعيش أزمة ثقافية تظهر حالة المسرح في إحدى تجلياتها, ومع كل هذا ماالذي فعلناه, أو ما الذي سوف نفعله.. هل نقول: ازدهر على الورق من خلال كتاب مسرحيين صارت لهم شهرة عالمية وكبا فيما بعد على الورق والمنصة.. أم نقول: مع الراحل الكبير سعد الله ونوس: إننا محكومون بالأمل.. ولكن متى يطل هذا الأمل..?!‏‏‏

***‏‏‏

أعد الملف:‏ سوزان ابراهيم..عمار النعمة..لما المسالمة..آنا خضر..مها يوسف..رانيا الخطيب..بشار الفاعوري..مانيا معروف..ثناء عليان‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية