تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نجاح الوطن بجناحيه!

خارج السرب
الأحد 13/5/2007
عبد القادر حصرية

ينعقد في دمشق هذا الأسبوع المؤتمر الثاني للمغتربين تحت شعار الاستثمار في الوطن, قضية الاغتراب والتعامل معه مسألة في غاية الأهمية بالنسبة لبلدنا في مرحلة الاصلاح الاقتصادي وهي تستحق اهتماماً خاصاً أبعد من المؤتمرات والعلاقات العامة.

يبلغ عدد المغتربين نحو خمسة عشر مليوناً وهذا العدد الضخم الذي يساوي تقريباً عدد سكان الوطن الأم تراكم نتيجة موجات هجرة متعددة بدأت مع نهاية الحقبة العثمانية وتعاقبت مع التطورات والتغيرات الاقتصادية والسياسية في منطقتنا.‏

ينتشر الاغتراب في أكثر دول العالم لكن الاغتراب الأهم هو الموجود في الأميركيتين وأوروبا ودول الخليج العربي.‏

ومن طرف الوطن الأم, كان هناك دوماً محاولات للاستفادة من المغتربين, ومن طرف المغتربين كان الموضوع الأساسي بالنسبة لهم هو المطالب المتعلقة بمشكلات الجيل الثاني كالجامعات وخدمة العلم.‏

تتطلب قضية الاغتراب تعاطياً مختلفاً فالمطلوب أن تكون هناك استراتيجية واضحة لدى الحكومة أبعد من العلاقات العامة واللقاءات والمجالس فالمغتربون هم أبعد من ودائع مصرفية أو موارد مالية, إنهم ابناء هذا الوطن لكنهم غادروه لأسباب مختلفة واستطاع الكثير منهم وخلال عقود طويلة من الزمن ترك بصمات ايجابية في البلدان التي أقاموا بها واسهموا إلى حد كبير في عمليات البناء الاقتصادي والتنموي في تلك الدول. يجب أن تأخذ هذه الاستراتيجية بعين الاعتبار مسؤولية الوطن الأم سورية تجاههم أولاً باعتبارهم مواطنين سوريين ومن ثم باعتبارهم موارد بشرية ومالية يمكن الاستفادة منها لتحقيق الاصلاح الاقتصادي وبناء سورية المستقبل, خاصة أن الكثير منهم لديهم خبرتهم وهم موارد بشرية لديها المعرفة والخبرة في اقتصاد السوق ومؤسساته من خلال العمل في أسواق ومؤسسات دول متطورة اقتصادياً. ومن عوامل نجاح هذه الاستراتيجية التعاطي معهم بطريق ذي اتجاهين, الأول هو أن للمغتربين حقوقاً على وطنهم الأم والثاني أن عليهم واجبات تجاه وطنهم الأم. وهذا يتطلب أيضاً التشاركية مع المغتربين في رسم تصور لسورية المستقبل, وذلك حق لهم, وأن تكون لهم مشاركة في تنفيذ هذا التصور في التشريعات والقوانين التي تصدر وفي المؤسسات التي تنفذ هذه التشريعات. ويجب أن يختلف التعاطي مع المغتربين بحسب المنطقة الجغرافية التي يكونون فيها وكذلك بحسب الجيل, فالجيل الثاني من الاغتراب يختلف بصفاته عن الجيل الأول.‏

يتطلب اجتذاب المغتربين توفير البيئة المناسبة لمساعدة المغتربين في قرار العودة إلى الوطن الأم وهي تتضمن توفير مستوى عال من خدمات التعليم والصحة والضمان الاجتماعي وحتى في توفير السلامة على الطرق العامة. الكثير من الدول استطاعت الاستفادة من الاغتراب لتحقيق قفزة نوعية في اقتصادها ولابد أن نرسم ملامح استرايتجية وطنية للتعاطي مع المغتربين, فنجاح الوطن بتعاون جناحيه!.‏

*خبير مالي ومصرفي‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية