وتر أمـير من المطر وحاشية من الغبار
ملحق الثقافي 11/4/2006 لـ محمد الماغوط أنت يا من تداعبُ خيوط المطر كالنسّاجِ الأعمى وتتلمسُ بقايا الجداول الزرقاء كضريرٍ يتعرَّف على ملامحِ أحفاده من أنت؟
أيتها الشوارع أيتها الحانات من هذا الشبحُ الراقدُ على الأرصفه والنمل يتجاذبُ مسبحته ومنديله وخصلاتِ شعره؟ -انه بردى -بردى ؟ لاأذكر أخاً أو صديقاً بهذا الاسم أهو صندوقً أم جدار؟ -مولاي انه بردى.. النهر الذي ترافقه الزهور العطشى من نبعه إلى مصبِّه -ليراجعني غداً في مكتبي القائم بين الأرصفه علَّني أجد له ميتماً بحرياً أو سحابةً شمطاء تتبناه -مولاي انه ليس متسولاً يامولاي انه بردى.. بردى الألثغُ الصغير كبُرَ وشب واهترأتْ مريلتهُ الخضراء على صدره ولم يعدْ يغادر مجراه حتى في الليالي المقمره حتى في أيام العُطل والآحاد انه يعتذر عن جريانه القديم.. يضمُّ راحتيه إلى صدره ويفتحهما باكياً، كالراهبة المغتصبه من أجل سفينةٍ ورقيه أو سنونو.. يرشف ماءه ويطير! -ليكنْ لقد وهبه الله كل ما يحلم به نهرٌ صغير من الطبقة المتوسطه الوحل والبعوض والربيع ولكنه أتى على كل شيء في حقبةٍ واحده أروع مطرٍ في التاريخ أجمل سحب الشرق العاليه بدَّدها على الغرغرةِ وغسلِ الموتى ليراجعْني غداً في مكتبي القائم بين الرياح وطلبُ الاسترحام ملصوقٌ على ضفتيه
|