|
على الملأ حيث يداومون إن عملوا أم لم يعملوا، إن أنتجوا أم توقفوا عن الإنتاج، دوام صوري يخترق بوضوح فاقع قرار مجلس الوزراء بهذا الشأن الذي أقرّ فيه منذ العام 2003 اعتبار يوم السبت عطلة أسبوعية بالإضافة إلى يوم الجمعة، والتزم الجميع بهذه العطلة إلا بعض الحالات الخاصة الضرورية التي تؤثر على مجرى الأعمال في بعض الجهات، ولا ندري كيف اعتبر القطاع العام الإنشائي كله حالة خاصة مورس عليه هذا التعسف الإداري وحُرمَ من العطلة ودون أي تعويض بديل ..؟! كان يمكن في تلك السنوات الغابرة أن تلمع في الأذهان فكرة أن المشاريع الكثيرة لهذا القطاع تحتاج إلى ساعات عمل أطول، وإلى الالتزام ببرامج زمنية لإنجازها، ومن هنا يمكن استيعاب الفكرة، ولكن ومع هذا الاستيعاب كان من المفترض أن يترافق الأمر مع إقرار تعويضات عمل إضافي تُنصف العاملين الذين تمّ إلزامهم بهذا الدوام، أمّا في هذه الأيام، ومنذ بداية الأزمة الناجمة عن الحرب المجنونة والجائرة على سورية، فإنَّ المشاريع الإنشائية خفّت كثيراً، وصارت أغلبها من المؤجّلات، ومع هذا استمر العاملون بالدوام يوم السبت بشكل إلزامي دون مبرر وبلا أي احتياج حقيقي لمثل هذا الدوام المخالف أساساً لقرار مجلس الوزراء..! ربما اعتاد الكثير من العاملين في القطاع العام الإنشائي على هذه الحالة وتأقلموا معها بعد مرور السنين، ولكن الشيء الذي لم يعتادوا عليه ولن يتمكنوا من الاعتياد على الأرجح، هو إلزام العاملين في هذا القطاع بإجازاتٍ إجبارية في أيام دوامٍ تأتي بين عطلتين، والأنكى من ذلك أن العطلة الرسمية إن كانت يوم أحد - كما حصل بالأمس - فإن يوم السبت يُعطى إجازة إجبارية للعاملين ليصير التعسف الإداري هنا مركّباً، فالسبت عطلة وملزمون بالدوام، ولأنهم ملزمون بالدوام تُقرر الإدارة من عندها التعطيل عن الدوام بشكل إلزامي لوصل أيام العطلة ببعضها . كان يمكن لهذا الإجراء أن يكون إيجابياً ومريحاً من حيث المبدأ، إذ يُخيّل لنا أحياناً أنه تكريم جميل للعاملين في مثل هذه الحالة من خلال منحهم عطلة السبت المسلوبة أصلاً، ولكن الشيء الصاعق.. والتراجيدي هنا فعلاً، أنّ هذه العطلة الإجبارية لا تكون عطلة، وإنما تُعطى على شكل إجازة إدارية إجبارية، لتتبلور الحالة على هيئتها الحقيقية أي في منتهى التعسف الإداري فعلاً، فالذي ما يزال في رصيده من العاملين إجازة إدارية يُخصم من رصيده يوم إجازة إدارية زوراً وبهتاناً، أمّا الذي أنهى رصيده من الإجازات فسوف يُطبّق عليه قرار الإجازة الإجبارية غصباً، وهنا كي تلتزم الإدارة بغصبه بالإجازة تُقْدِم بمنتهى الجَور على خصم أجرة يوم من راتبه الشهري وكأن العامل قد غاب غياباً غير مبرر ..! ما هذا الفن الإداري بوصفه واحدة من الأفكار اللامعة ..؟!! |
|