|
الافتتاحية وتحديداً دورها في تدوير زوايا العلاقة بين الإخوان والوهابية وما يتصل بالموقف من إسرائيل. فالثابت تاريخياً وموضوعياً أن مملكة آل سعود احتفظت بموسوعة من المحاضر السرية التي اقتضتها كل مرحلة تاريخية على حدة، وكانت سياستها الكلية والجزئية في كل منعطف سياسي أو تاريخي نتاج تلك المحاضر، بما في ذلك أدوارها الوظيفية المنتظرة مستقبلاً، التي أدت في حينها إلى ظهور المملكة على خرائط المنطقة، خصوصاً في المرحلة الأولى من نشوئها، وما تبعها من إضافات وملاحق على ذلك الدور الوظيفي بمكوناته الأساسية. اللافت .. قد لا يكون في الصياغات المنسوبة إلى ديك تشيني والموضوعة تحت تصرف الاستخبارات الأميركية والكونغرس بنسخ طبق الأصل عن المحضر، فيما الأصل قد تم ايداعه بالأمانة لدى إسرائيل، بقدر ما هو في عملية التسريب وتوقيتها والرسائل التي أريد لها أن تكون مباشرة، ولاسيما حين ترتبط بجملة من الحوامل الموضوعية والمتغيرات الجوهرية في بنية وتركيبة الأدوات الأميركية في المنطقة، حيث كانت العلاقة مع إسرائيل جوهر وأصل المحضر، فيما كان المستقبل العملي للعائلة المالكة على الهوامش الإضافية التي اقتضتها الضرورة اللفظية. كل ذلك يأتي في وقت بدت فيه السياسات السعودية على أرض الواقع أكثر التزاماً من تفاصيل المحضر، ومتقدمة على مضمون سطوره، وجاءت سابقة في بعض جزئياتها للمفردات الواردة، سواء ما تعلق منها بما هو مطلوب من المملكة إسرائيلياً، أم ما ارتبط بالدور الإقليمي في إعادة ضبط العلاقة بين التنظيمات الإرهابية والحركات المتطرفة في المنطقة، مع تناغم واضح في المهمات المتبادلة بين أميركا والسعودية في ردم الهوة القائمة وصياغة عقد إرهابي على طريقة «النيو» ليبرالية. فالملك السعودي وإرثه المتواتر في العلاقة مع التنظيمات الإرهابية بوجوهها المختلفة، بدءاً من الإخوانية.. مروراً بتنظيم القاعدة.. وصولاً إلى الوهابية وجذر وجودها في عمق تلك التنظيمات، توفر له خبرة كافية ليقود عملية المصالحة المطلوبة أميركياً بين تلك التنظيمات، فيما دور المملكة في صياغة عقد جديد مع إسرائيل على قاعدة المتغيرات لم يكن بحاجة إلى محضر، وكانت المبادِرة في هذا الاتجاه، -وربما الأجرأ- في طرح العلاقة على الملأ، بما في ذلك تصريحات بعض أركان العائلة المالكة عن الدور الجديد ليوثق في محضر سعودي وبقلم تشيني وحبر إسرائيلي. على هذه القاعدة، قد لا يكون النفي من مصلحة المملكة، إذ لا معنى له ولا فائدة تُرتجى منه، وبالمقابل لا تستطيع أن تؤكد.. لتبقى المعلومات وما ورد في المحضر أقرب إلى أحجية متعددة الأبعاد والدلالات، ليؤخذ من المحضر ما يراد له أن يُسوّق مرحلياً، ويتم الاحتفاظ بما ينفع الى مراحل قادمة، ليكون قرينة على الأميركي في تعاطيه مع السعودية في المنعطفات القادمة. الواضح حتى اللحظة أن السعودية لم تكن تنتظر تسريب وقائع المحضر، ولا التفاصيل الواردة فيه، لكن.. والأمر قد حصل، فلا ضير في إضافات من خارج النص، وفي مقدمتها الدور المرحلي في صيغته التجريبية، التي تقتضي من السعودية أبعد مما ورد، وأكثر بكثير مما احتوت صفحات المحضر، بحكم أن مرحلة الاختبار قد تكون عرضة لانزلاقات سياسية تكتيكية أو استراتيجية تطيح بكل ما تمتلكه السعودية من «مؤهلات» وظيفية أثبتت «كفاءتها» على مدى العقود الماضية. وهذا ينطبق على كل ما ورد في المحضر من مطالب أميركية، وما جاء فيه من شروط إسرائيلية، حيث تبقى القصة بأكملها في رد الأمير المدلل وكلامه الذي تضمنه المحضر والذي دفع تشيني إلى الرضا الكامل!!، حيث ما خفي بين سطوره وما جاء في تفاصيل كلماته يكفي لحل الأحجية السعودية وما هو أبعد منها ، بما في ذلك أسباب وبواعث الدفع الإسرائيلي بالمحضر إلى العلن، والذي جاء بموافقة أميركية مسبقة، ليجيب على ما يأتي لاحقاً من تساؤلات حصرية حول توقيت التسريب!! |
|