تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


وطني .. أراك في كل شيء

مجتمع
الأحد 1-3-2015
غصون سليمان

أراك تحلو وتعلو وتشمخ في كل لحظة بين قباب الكون ..وتملأ النفس بصباحات التفاؤل والأمل ..وفي مساءات الدفء تنمو بصدري ورود الذكريات وتقفز من بين الضلوع أشواك العذابات ..لأناس رحلوا باكرا وقد سافروا من غير طريق ، وربما آووا إلى ركن بعيد ..أو حتى تعثر البعض ولم يصل إلى هداية خليل..

أراك تسمو وتعلو ياوطن المسك والزعفران والحياة الرغيدة رغم قساوة الفاجعة، وأنت تمسك بناصية الحق وتدق في الناقوس والآذان صيحات وتراتيل الله أكبر ماأعظمك ياوطن السوريين ياملتقى الأفئدة، ومواسم الرياحين..‏

ياأيها الزمن الباغي توقف ، تمهل ، تبصر ،هنا في بلدي مفاتيح الحل ، وفي مصانعه تخرط الأوزان ، وفي مكاييله يفرز الجوهر والخشب والقضبان.‏

ياأيها المعشوق في خلدي كلما تفكرت ونظرت إلى تفاصيل اسمك ودققت برسم حروفك ، تزحف العبارات نحو قلبي المشتعل في متاهات صورك وجلال بهائك وتلال أوديتك وهضابك ، وبساتين سهلك ..لأستعيد من آياتك البليغة رقة الهدوء وطعم السكينة ..وأتكىء على المشاعر والأحاسيس الغافية على وريقات ورودك الندية الخضلة النضرة ..ليوقظني طهر قلبك وسحر عيونك التي تنظر وترى الأسرار في كل شيء..‏

أما زلت‏

ياأيها الوطن الموشح بشعاع نور الوجود ،أمازلت تحتمل كل هذا الضباب الداكن المعبأ بالغيوم والسواد ..أمازلت تمهل وتؤجل حساب وعقاب تلك الأيادي التي طفحت بكل أنواع الآثام وألوان الخطايا والذنوب ،وارتكبت بحقك وبحق عبقريتك وهيبتك وجذوة عطائك ،وعديد خيراتك كل المعاصي وفتكت بأفعالها المشينة جميع حرمات أبنائك الطيبين،وأطفالك المظلومين ،ورجالك ونسائك وشبابك المقهورين ..‏

ياوطن الأوطان ..ياصاحب الحق في أعمدة النور الأبدية ، ياصاحب القصة الأزلية ، يامرآة النفس البشرية ..كما رأيتك من قبل سأراك دائما عاشقا ومعشوقا في قلب كل امرىء سوري تشفع بحب الله وجلاله وآمن بقدرته وغفرانه ..‏

أراك معشوقا في صدور الأتقياء وفي يقين أولي العزم وأصحاب الهمم،وفي سواعد الرجال الأشداء الذين صدقوا بالوعد وأوفوا بالعهد ولم يرض عنك بديلا ..أراك في عيون الصبايا الحائرة وهي تكتب وتروي بدمع العين حكايا الأمهات والجدات اللواتي طوّعن الألم ،وقهرن الحزن وغزلن خيوط الفرح ،وهن يقبلن جبين الشهداء في رحلة الوداع الأبدية ..‏

أراك في الإشراق والمغيب وكل مايحمله ضوء النهار وسواد الليل ،أراك في ولادة كل كائن وطفل لم يعش بعد قساوة الظلم أو حلو الحياة ..أراك في كل شيء ومن أجل كل شيء ..فأنت الكبير العالي ،المستقيم العزيز ، القدير الكريم الغني البهي الوفي..أراك في نفسي ..فأنت مصدر إلهامي وألوان عشقي وحبي ومفردات سعادتي ..‏

فأنت وحدك من يستحق أن تخفق له القلوب وتضطرب الأوصال مهابة ،وتكتب من أجله الدواوين والأشعار بأغنى الكتب والصفحات ..وتسطر من أجله ملاحم الصمود ،وتضرب معجزات الصبر أمثلتها على جدار الزمن ،ونحن نعبر ونقرأ في أوسمة صفات قدسيتك معاني المجد ودرجات الرفعة ..فلك السلام من كل الأحبة ياوطن السوريين ..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية