|
ثقافة
والمعرض الحالي هو الرابع للفنان في سورية وقد أقام العديد من المعارض في أماكن عالمية مختلفة وعودته للعرض مجدداً في سورية إصرار منه على التواصل مع ثقافتنا والمتذوق العربي والنهل من الصور البصرية في هذه البيئات المتنوعة من طبيعة آنية وتاريخ تمت محاكاته عبر نشاطه السابق في مشروعه الغرافيكي طريق الحرير الذي عرض في المتحف الوطني بدمشق. يقدم في هذا العرض أعمالاً متوسطة الحجم أو الأبعاد تميل للمساحة الكبيرة اضافة لمجموعة صغيرة مشغولة بتقنيات الأكواريل والتي نرى فيها اللون سميكاً إلى حد ما، وتعتمد معالجته على اللون الذي يفترش السطوح العريضة بمساحات واسعة، فمن خلال الألوان المتناغمة والمتنوعة بقيمها يبدو التأليف الشكلي واضحاً والحدود جلية تبوح بالعناصر المتصدرة لطبقات اللون وهذه العناصر في معظمها آتية من الطبيعة التي أرادها مادته وموضوعه في هذه الاحتفالية اللونية. وللفنان تيمان مخزون هائل من المشاهد التي تراكمت أثناء تجواله في العالم وهو العاشق للطبيعة وملاحظته دقيقة للتنوع الكبير في المجال الحيوي الذي يدرك جمالياته بعمق ويحاول دائماً الاشتغال على هذه الجماليات التي يبلور قيمتها بخياله وتفاعله اللوني والتوءمة فيما بين هذين العنصرين عبر حساسيته الغرافيكية المعهودة، وفي هذه الهيئات التصويرية نلاحظ أن الفنان تيمان يلهث بحثاً عن الجمال ومتعة التذوق فيقدم انطباعه الفني عما في دواخله عبر مجموعات لونية متنوعة يبدو عليها الغنى وما يرتقي بها التأثيرات التي تلخصها آلية عمله من خلال الكشط بواسطة سطح عريض لأداة ربما تكون السكين إضافة لفرشاة عريضة تعجن اللون على السطح مباشرة ليصبح المكان ساحة إبداع تستدعي التفكير المقتضب والحالة الصدفوية والتجريب وانتظار ما تجدد به احتمالات اللون المنتظر، وهذا المكان هو هذا السطح ببعديه والذي يصبح أثناء الاشتغال هذا فضاء تترامى على تخومه وأطرافه التلال والوديان والسهول الخضراء والصخور وخطوط الأفق وذلك بتعبيرية ذاتية تقترب من التأثيرية ومن الواقعية أحياناً، وأما أجزاؤها فهي صيغ تجريدية رائعة بالقيم الفنية التي تلامس المتلقي حالة من التفاعل والإمتاع. وكل ذلك يتم من خلال حضور لافت للون يرمي خلفه التفاصيل في التماس للخط الواصل بين الخيال والعناصر المختبئة في ذاكرته. والملاحظ أن الفنان يبتعد عن الرقابة العقلية ليقترب من اللحظة التي يسيطر فيها إحساسه على العملية الفنية غارقاً في كيميائية اللون إلى أقصى الحدود بشكل تلقائي وعفوي لتتأكد حركية وحيوية المشهد عبر اللون النقي والصريح والذي يكسر سكينة الألوان إما بالبارد وإما بالدافئ من الألوان. إن ما يقدمه الفنان تيمان أمام الجمهور السوري هو مادة فنية غنية نتوقع صداها الكبير وخاصة أنها تحاكي الجميع عبر اختلاف المستويات الثقافية والمرجعيات الفكرية والفنية. |
|