|
آراء
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فإن من الأولوية بمكان: أن يتوقف الترخيص للمطاعم والفنادق في هذه المنطقة القديمة حفاظاً عليها وعلى هويتها أولاً.. واحتراماً للساكنين فيها ثانياً.. ولئن كان مطعم أو فندق أو اثنان أو حتى ثلاثة هادئة: هو وجه حضاري.. فإن انتشارها بشكل مزعج في الحارات القديمة كافة.. يصرف الأمر عن جوهره الحضاري إلى منفعة مادية: دمشق العتيقة وسكانها بغنى عنها!!.. أولاً: إن ضيق المكان والشوارع في هذه الرقعة الصغيرة لايسمح بالإزدحام فيها وعلى الأخص لحركة سيارات القادمين إلى المطاعم نهاراً وليلاً لأن الازدحام الموجود فيها من حركة سكانها ومن الحركة التجارية والسياحية ويفيدانها إلى حدّ بعيد!! ثانياً: إذا كان منع السيارات الذي سمعنا عنه ووعدنا به: قد طبّق أو هو في طريق التطبيق فتلك ناحية إيجابية تخفّف عن هذه المنطقة الضيقة متاعب إضافية هي في غنى عنها أيضاً!... ولاندري مايضير السائح أو قاصد المطعم من إيقاف سيارته خارج سور دمشق القديمة والمشي تلك المسافة القريبة التي تتيح له أن يتمتع بسحر التاريخ الكامن فيها: ريثما يصل إلى مقصده؟! ثالثاً: ولعلّه الأهّم ففي دمشق القديمة سكان مايزالون يقطنون فيها بالآلاف ولهؤلاء حرمة ولهم حق حرية العيش بهدوء خاصةً الأوبة من أعمالهم. رابعاً: إن التراخيص الكثيرة التي منحت في هذه المنطقة قد فاقت حدود الاستطاعة وتحوّلت معظم أنحائها إلى مستمعين بالقسر للموسيقا الصاخبة وللضجيج المنبعث من تلك المنشآت وخاصة في الليل حيث بتنا نخشى أن تتحوّل المنطقة برمتها إلى منطقة مطاعم ومقاصف . وقد سمعنا شكاوى غير قليلة من السكان هنالك تتعلقّ بهذا الأمر وبضيقهم من الواقع الصعب المفروض عليهم!!. خامساً: هنالك محاولات دائبة للحصول على تراخيص فنادق للسياح وقد رخص لبعضها فعلاً. إن كان قرب بيت القوتلي أو غيره من الأنحاء لكنّ السكان وشكاواهم: تخشى أن تنقلب تلك الفنادق إلى مايشبه المقاصف والمطاعم فيزداد بالتالي الضجيج والحركة المستمرة منها وإليها... سادساً: لقد سمعنا كثيراً عن ترميم هذه المنطقة وتحسين وضع الأبنية فيها غير أن هذا«إن حدث بعضه» لم يأخذ صفة الشمولية والتعميم وخاصة في الأركان المستملكة التي لم يعد أهلها فيها فبقيت على حالها وازداد وضعها سوءاً عمّا مضى.. فلا الأهالي رممّوها ولاالجهات المستملكة فعلت ذلك. وأكبر دليل على هذا بيت القوتلي الذي ذكرناه في بداية هذا اللقاء وينضاف إليه عدد من الخانات الأثرية التي لاتعدو كونها الآن: مستودعات للمحال أو مقرّات للورشات المهنية!!! وفي زيارة قريبة للمنطقة فوجئنا بالبيت القديم الجميل الذي كان منتصباً مقابل ضريح صلاح الدين من الجهة الشرقية قد أزيل تماماً وبلطوا مكانه كلوحة جمالية كما يدّعون!! سابعاً: في دمشق القديمة الكثير الكثير من المنازل والقصور القديمة والأوابد المعمارية التي تصبح بعد التحسين والترميم منظراً جمالياً متّسقاً مع ماحوله إذا امتدت إليها جميعاً يد العناية عوضاً عن تركها لعوامل الزمن!!!.. إن العناية الرسمية بالآثار العمرانية لاتستوجبها فقط دمشق القديمة وحدها، بل تتطلبها جميع المناطق ذات الأوابد المعمارية الأثرية في شتى المدن السورية، فحكاية التاريخ ليست حصراً على مدينة بعينها بل هي فسيفساء شاملة تشكل لوحة رائعة لسورية السياحية والآثارية فيما لو امتدت إليها يد العناية والرفق وأخرجتها من الواقع الصعب الذي ترزح تحت وطأته. وأظننا يجب أن نعيد القول: إن بيت القوتلي وبيت أبي خليل القبّاني ليسا الوحيدين ولا الأخيرين في هذه السلسلة المتكاملة!!. فسورية مملوءة جنباتها بالأوابد الأثرية والصروح العمرانية، من أقصاها إلى أقصاها والبدء في وقت متأخر خير من أن لانبدأ أبداً.. أو نبدأ بخطوات متثاقلة قليلة لاتفي أو لاتتناسب مع حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا.. فهذه أولاً وأخيراً..قضية وطن .... |
|