|
جامعات والسؤال الملح كيف نرى وضع التعليم الراهن وسط التسارع المعرفي الحالي وما أثر النمو السكاني وانعكاسه على التدفقات الطلابية؟ مجموعة من القضايا المهمة تم طرحها من قبل الجهات المعنية في ورشة عمل عن «مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل». تشجيع التعليم الفني والمهني في دراسة تحليلية للتعليم في المرحلة الجامعية لفروعه المختلفة ومدى ملاءمتها مع متطلبات سوق العمل يرى الدكتور حسن حجازي أن معدلات القيد المدرسي (عدد الطلاب المسجلين في مرحلة تعليمية مقسوماً على عدد السكان في عمر هذه المرحلة) تبقى منخفضة على الرغم من ارتفاعها في المرحلتين الثانوية والجامعية بعد عام 1981 بـ 28.4% ثانوي و12.5% جامعي وأن هذا الانخفاض يشكل عقبة أمام عملية التنمية في المستقبل القريب. ويشير إلى أن سبب هذا الانخفاض في معدلات القيد المدرسي يعود إلى انخفاض مستوى دخول أصحاب الكفاءات العلمية مقارنة بدخول التجار وأصحاب المهن الحرة وإلى أحجام الطلاب عن التعليم المهني والفني بسبب النظرة الاجتماعية له على أنه تعليم من الدرجة الثانية والنظرة القاصرة للعمل اليدوي المهني والتي تجعل الطلاب وذويهم يبتعدون عن هذا النوع من التعليم الذين يفضلون التعليم العام والشهادات الجامعية، لهذا لابد من إقناع الطلاب وتشجيعهم ومنحهم ميزات خاصة والسماح للخريجين متابعة التعليم في المعاهد المتوسطة وعدم الاقتصار على الأوائل. تطور المعاهد المتوسطة ازداد عدد المعاهد المتوسطة من 6 معاهد في عام 1971 إلى 184 معهداً في عام 2008 وازداد عدد الطلاب فيها من 1832 طالباً وطالبة إلى 43559 في عام 1995 بمعدل نمو سنوي مقداره 14.8%، وإلى 88121 طالباً وطالبة في عام 2008، وتعدل تلك المعاهد حلقة وصل بين التعليم الثانوي والتعليم الجامعي لتخريج كوادر فنية للقيام بالأعمال التنفيذية ومدرسين للمرحلة الإعدادية. ويشير د. حجازي إلى أن 120 معهداً تابعاً لوزارتي التعليم العالي والتربية ونسبة الطلاب فيها 82% من جملة طلاب المعاهد المتوسطة والباقي موزعة على 16 وزارة، ويتساءل هل هناك طلب مواز لهذا العدد في سوق العمل وهل مواصفات الخريجين تلبي احتياجاته، علماً أن عدد من المعاهد لا تلتزم وزارتها بتعيين خريجيها. تضاعف أعداد الطلاب في الجامعات أما تطور التعليم في الجامعات رافقه تطور المراحل التعليمية السابقة حيث يوجد خمس جامعات في سورية تضم 109 كليات موزعة في تلك الجامعات، إضافة إلى الجامعات الخاصة الافتراضية والتعليم المفتوح والتعليم الموازي لعام 2008، ويشير إلى التطور في عدد الطلاب الخريجين من 38734 طالباً وطالبة عام 1971 إلى 305419 طالباً وطالبة عام 2008 و16717 طالباً في الجامعات الخاصة و9334 في الجامعة الافتراضية أي أن العدد تضاعف أكثر من ثماني مرات لغاية 2008 والذي وصل 475158 طالباً وطالبة في مختلف الجامعات السورية ليشكلوا 204% من مجموع السكان. غير متساوية بين الفروع وعدم توافر فرصة الدخول إلى الفروع العلمية جعل التركيز على الفروع النظرية والأدبية ما زاد عدد الطلاب فيها وبشكل غير متساو بين الفروع الأخرى والتي لم تعد تلقى رواجاً في سوق العمل المحلية أو الخارجية وهذا الذي دفع الدولة إلى تخطيط التعليم في المرحلة الإعدادية بتوجيه 70% من خريجي هذه المرحلة إلى التعليم الفني والمهني والذي لم يكتب له النجاح لأسباب عدة ولهذا لابد من الحد من الأعداد الكبيرة في هذه الفروع لمصلحة الأطر الوسطى والعمال الفنيين لإزالة الخلل الحاصل في هرم القوى العاملة وفق النسب المثالية وعلى الرغم من إقامة المعاهد المتوسطة ومعاهد التدريب المختلفة لا يزال الخلل قائماً وحسب رأي د. حجازي نحن بحاجة إلى ثلاثة أمثال الاعداد المتخرجة من المعاهد المتوسطة ولحوالي (20 مثلاً) من الأعداد المتخرجة من الثانويات الفنية والمهنية لمقابلة الأعداد المتخرج من الجامعات، ولهذا أكد د. حجازي على ضرورة انتهاج سياسة تعليمية تحقق التوازن بين مخرجات التعليم وبما يلبي احتياجات عملية التنمية وسوق العمل، وإقناع الطلبة بأهمية التعليم الفني والمهني في التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال وسائل الإعلام وتحسين مكانته الاجتماعية ومنحهم حوافز مادية ومعنوية، وإيجاد فرص عمل مناسبة لهم، وتشجيع انخراط المرأة في هذا المجال، والاستفادة من تجارب البلدان الأخرى، والتوسع في التعليم أفقياً وعمودياً لاستيعاب الأعداد المتزايدة وتطوير مناهجه بما يتناسب والتطور التقني والواقع العملي، والعمل لإيجاد قاعدة بيانات خاصة بمخرجات المؤسسات التعليمية. سياسة القبول وعن مدى عقلانية وعدالة سياسات القبول يقول الدكتور محمد الحلبي مستشار في التخطيط للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في تحليله للوضع الراهن للتعليم وعلاقته بسوق العمل وفق تقرير التنمية البشرية لعام الـ 2005: إن نسبة الالتحاق بالجامعات العامة في تراجع مستمر عاماً بعد عام، لتنخفض إلى أقل من نصف الناجحين في الثانوية العامة، ويذهب أكثر من نصف المقبولين إلى العلوم الإنسانية وهي مرشحة لمزيد من التراجع طرداً مع التشدد في سياسات القبول وفق نظام المفاضلة على أساس العلامات ودخول القطاع الخاص في مجال الاستثمار في التعليم، فقد انخفضت نسبة المسجلين في كليات العلوم من 10% عام 1992 إلى 8% عام 2002 وهؤلاء يعانون بدورهم من بطء دورة التخرج، وأيضاً انخفض عدد الطلاب الإجمالي في كليات الهندسة والعلوم بحكم تقليص سياسات التشغيل في القطاع العام وضعف الطلب في القطاع الخاص. وبالنسبة لعدد خريجي الدبلومات والدراسات العليا وإن كان قد ارتفع فإن معدل تخريج سورية للدكتوراه قد تراجع إلى 11.2% عام 2003 بعد أن كان 14% عام الـ 2000. عوامل الهدر انطلاقاً من مشكلة تدني مخرجات البحث العلمي في الجامعات السورية وحسب تقرير، يرى الدكتور الحلبي أن البحث الذي لا يمكن استثماره هو بحث مهدور في مستودعات التوالف وحتى الآن يوجد ضعف باستثمار شبكة الانترنت وضعف في البحوث المشتركة، وهناك فهم على أن البحث وسيلة للترقية الوظيفية والأكاديمية، وبالتالي حل هذه المشكلات يصب في بناء رأس المال البشري وتحقيق كفاءته في التنمية الشاملة. كما يرى واضعو التقرير أن تدني معدلات القيد الصافي في المراحل التعليمية طرداً مع ارتفاع كل مرحلة يعود إلى مجموعة من العوامل في مقدمتها الفقر ووهم العمل المبكر للتعويض عن الفرصة الضائعة في التعليم، وأسباب تتعلق بنظم الامتحانات وسياسات القبول والتخرج وعدم تكامل مخرجات التعليم مع سوق العمل، والتراجع المتسارع عن سياسات ديمقراطية التعليم والاستيعاب لمصلحة القطاع الخاص الربحي. لا يوجد تطور نوعي للتعليم ويعرض د. الحلبي الواقع النوعي للتعليم وهو ما يعالجه الجزء الثاني من التقرير موضحاً قضايا كثيرة ومهمة يشير فيها إلى اعتباطية توزيع مخصصات ميزانية التعليم، وأن التعليم ليس شركة ربحية وبالتالي التوجه إلى القطاع الخاص يجب أن يشارك فيه القطاع الأهلي غير الربحي، وحتى الآن لا يوجد تطور نوعي للتعليم وما تزال ظاهرة الرسوب موجودة مع أن معيار العلم هو بناء رأسمال بشري نوعي، ليكون التساؤل: كيف نفسر نسبة الفاقد في معاهد التعليم العالي تصل إلى 82% من عدد الملتحقين شكلياً به، ما هو واقع كفاءة الخريجين في سوق العمل كما يلحظ التقرير ضعف العلاقة التحفيزية ما بين مراتب التعليم وبين الأجور وعلى أرض الواقع عمل الأمي أكثر عائدية من عمل المتعلم وهذا بسبب الفجوة بين الكفاءة الداخلية للنظام التعليمي وبين الحاجات التي يتطلبها العمل في السوق. عشرون من أصل مئة ثم يوضح البحث الذي قدمه مستشار التخطيط أن تخريجنا للعقول العليا في مراتب الدراسات العليا وحتى الدكتوراه في تراجع مستمر، وخريجونا في العلوم الأساسية يتناقصون عاماً بعد عام وهناك نزف كبير في حجم طالبي الاستيداع والندب والإعارة من عقولنا الأهم بين الأساتذة وعودة عشرين خريجاً من أصل مئة موفد إلى البلدان الأخرى. ويقول لدينا باحثون مبدعون لكن ليس لدينا نظام للبحث العلمي، ويجب أن تكون مؤهلاتنا للتنمية هي أكثر من شهادة، إنها المعرفة. أما من حيث نسبة قوة العمل إلى مجموع السكان والتوزيعات التعليمية يشير إلى أن القطاع العام يتميز بالتوزيع التعليمي الأفضل للمشتغلين من القطاع الخاص حيث تبلغ نسبة المشتغلين من الأقل تعليماً في القطاع الخاص 85.7% بينما نسبة حملة الشهادات المتوسطة لديهم 0.8% والشهادات الجامعية 0.6% على أنهم ليسوا بحاجة إلى عمال مدربين وينتهي التقرير إلى رؤية استراتيجية لإصلاح العلاقة بين التعليم والتنمية في إطار التغيير الشامل، فالاستثمار في رأس المال البشري عبر التعليم هو أسمى استثمار للإنسانية. تحديد أسواق وتحديد اختصاصات يتحدث الدكتور ابراهيم أحمد سعيد أستاذ في قسم الجغرافيا حول تطور التعليم في سورية مؤكداً أن تخطيط التعليم وربطه بسوق العمل يجب أن ينطلق من تخطيط التعليم العالي مع حاجيات العمل في السوق وتحديد احتياجاته وهذا يتطلب تحديد الأسواق وتحديد الاختصاصات المطلوبة وتحديث المناهج مع التركيز على التعليم المهني والتقني وجعله مفتوحاً من الناحية الأكاديمية إلى نهاية الدراسات الجامعية. |
|