تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تلازم المسارين السياسي والنفطي في العراق

عن الاندبندنت
شؤون سياسية
الخميس 15-7-2010م
ترجمة:خديجة القصاب

«إن تطور قدرات العراق النفطية خلال العقد القادم سيولد نقاط نزاع وتوتر على صعيد العلاقة القائمة بين تلك الدولة والآخرين وستضع تلك الامكانات العراق في مواجهة مع تلك الدول بشكل أساسي وفي مجابهة مع منظمة أوبك والصناعات البترولية في العالم بشكل عام ».

بتلك العبارة لخص الدكتور ليودرولاس رئيس القسم الاقتصادي في مركز دراسات الطاقة الكونية رؤيته للمستقبل السياسي للعراق والمنطقة.‏

فالطفرة النفطية التي يشهدها العراق حالياً تزداد أهميتها وقد اتسع دورها في أعقاب كارثة التسرب النفطي في خليج المكسيك الذي تستخرجه شركة برتيش بتروليوم من مياه هذا الموقع.‏

ويشير الخبراء إلى أن خارطة الإمدادات السابقة للطاقة في العالم ستخضع للتغيير خلال السنوات العشر القادمة مع توقع زيادة إنتاج العراق من النفط أربعة أضعاف ماهوعليه الآن وهذا يعني أن العراق سيتقدم على سبيل المثال أمام المملكة العربية السعودية ليحتل المرتبة التي كانت تحتلها حتى اليوم باعتبارها أكبر مصدر للنفط في العالم لتمنح بغداد الكلمة الفصل والتأثير الحاسم بالنسبة لأسعار النفط في المستقبل فالطفرة النفطية في العراق ذات الحقول السوبر عملاقة والأكثر ضخامة في العالم وحيث تحتشد كميات هائلة من تلك الثروة المعدنية جاءت في أعقاب سرعة انتشار كارثة برتيش بتروليوم في خليج المكسيك لتثير تلك الكارثة المخاوف على مصير آبار نفط المياه العميقة هذا بينما تتمتع حقول النفط العراقي بأفضلية كون عملية تطوير آبارها رخيصة التكاليف من جهة ولقرب تلك الأخيرة من الشاطئ من جهة أخرى هذا ويتطلع العراق إلى رفع معدل إنتاجه النفطي الخام من 2،5 مليون برميل يومياً حالياً إلى 9،5 ملايين برميل عام 2020م بموجب عقود أبرمتها بغداد مع كبرى شركات النفط في العالم خلال السنوات الاثني عشرة الأخيرة.‏

ويرجح الخبراء احتمالات تطوير الآبار العراقية في المستقبل لأن زيادة الإنتاج سيأتي من الاستثمار في آبار نفط أدخلت التحسينات على عمليات استخراجه وتم اكتشاف تلك الحقول في الماضي البعيد مقارنة بتلك التي اكتشفت قبل سنوات معدودة . فالنتيجة المتوقعة للطفرة النفطية الحديثة في العراق أن يطرأ تحول حتمي على ميزان القوى للدول المنتجة للنفط لمصلحة العراق وتحتل تلك الدولة المرتبة الرابعة عالمياً في حين تتراجع مرتبة كل من المملكة العربية السعودية وإيران ويضيف الدكتور ليودرولاس الذي أعد أول دراسة من نوعها شاملة حول تأثير العقود التي أبرمتها بغداد منذ فترة قصيرة على هذا التحول والنتائج المترتبة على تسريع وتيرة الاستفادة من تلك الطفرة النفطية خلال السنوات القادمة قائلاً :‏

تعتبر قيمة الطاقة الإنتاجية القصوى خلال العقد القادم القضية الأهم بالنسبة للعراق وسوف يتضرر اقتصاد كل من السعودية وإيران عندما سيعمد العراق على زيادة إنتاجه النفطي ويستطرد درولاس سوف تتمكن الرياض من تسديد احتياجاتها لمصادر الدخل فقط في حال فشل العراق كلياً في تنفيذ خطط تطوير إنتاجه مع الآخذ بعين الاعتبار أن أوبك تمتلك طاقة زائدة مقارنة مع احتياجاتها في مواجهة الطلب على هذه المادة الخام فزيادة إنتاج العراق من النفط سيفرض ضغوطات ثقيلة على الدول المستوردة مع توقع تأرجح أسعارالنفط بين ارتفاع وانخفاض .‏

ويمر تطوير النفط العراقي بمرحلة حرجة بدأت تتوضح معالمها عندما عمدت حكومة بغداد إلى مكافأة إحدى عشرة شركة أبرمت معها عقوداً في أعقاب جولتين من مزيدات شركات بترول دولية كشركة «برتيش بتروليوم» و«رويال داتش» و«شل » «أكسون» العام الماضي فخلال المزاد العلني الأول الذي نظم الصيف الماضي تم إلغاء عقود العديد من الشركات مع رفض عروضها لأنها باهظة التكاليف ولكن في الجولة الثانية من المزاد نهايةالعام المذكور كان هناك حماس لإبرام مايتجاوز عشرين عقداً مع عدة شركات وقد شعرالقائمون على صناعة النفط في العالم أن حقول النفط العراقية تمثل فرصة لن تتكرر مرة ثانية ولايمكن تجاهلها وتطال مراهنات أسواق البورصة الآن كبريات حقول النفط في العالم مع توقع وصول إنتاج حقول نفط الرميلة الممتدة في باطن المناطق الشمالية لحدود الكويت إلى 1،85مليون برميل بينما سيرتفع إنتاج حقول النفط غرب القرنة جنوب البصرة إلى 1،84مليون برميل يومياً أمامنطقة المجنون فيبلغ إنتاج حقولها النفطية المتوضعة داخل المياه المالحة في مواجهة الحدود الإيرانية قرابة 1،3 مليون برميل يومياً وهكذا ستتجاوز الزيادة في إجمالي إنتاج العراق من النفط 7،5 مليون برميل ويفوق هذا الرقم الزيادة المتوقعة للطاقة الإنتاجية لبقية سائر دول منظمة أوبك مجتمعة كما وأن الأموال المرتبطة بهذه الاستثمارات تفوق التصور.‏

أما الشركات التي تقوم بتطوير نفط العراق مقابل دفع قسط عن كل برميل ينتج ودون أن تشارك في إنتاجه فستنفق 100بليون دولار أمريكي خلال العقد القادم استناداً لتصريحات وزير النفط العراقي حسن شهرستاني ويضيف الوزير يجب أن يستفيد العراق من ذلك بحدود 200 بليون دولار، ومن المعروف منذ أمد بعيد أن العراق يمتلك احتياطياً ضخماً من النفط ينتشر في جنوب البلاد وحول البصرة بشكل خاص إلا أن هذا الاحتياطي غير مستثمر نظراً لأن شركات نفطية دولية حرمت من دخول العراق منذ قيام بغداد بتأميم نفطها عام 1972م كذلك لم تمتلك الحكومات العراقية السابقة الموارد التي تؤهلها لتطوير صناعتها النفطية في خطوة ضرورية نتيجة حروب استمرت على امتداد ثلاثين عاماً وتبعتها العقوبات المفروضة على العراق إثر الحرب التي نشبت بين إيران والعراق عام 1980م ولكن مؤخراً عمد طاقم من شركات النفط العملاقة للمجيء إلى البصرة حديثاً لإنشاء مراكز رئيسية باهظة الثمن في هذه المدينة وقدتولد لدى الديبلوماسيين الذين قاموا بزيارة العراق بأن هناك سرعة في تحرك شركات النفط العملاقة على صعيد تطوير حقول نفط الرميلة على وجه الخصوص والأمر الذي يثير الحيرة حالياً أن هناك المزيد من النفط تحتضنه رمال جنوب العراق لايمكن مقارنته بمثيله من النفط في أي بقعة على وجه كوكب الأرض.‏

ويمتلك العراق 115 بليون برميل من الاحتياطي النفطي العالي الجودة مع احتمال وجود قرابة 100بليون برميل أخرى تحت أراضي الصحراء الغربية حيث لم يتم سبر المنطقة بشكل كاف .‏

وتحتضن الحقول الآنفة الذكر احتياطي كبير من النفط العراقي والغاز تم اكتشافهما في الماضي القريب وينتمي هذا الاحتياطي لثمانية حقول تنتج خمسة بلايين برميل إضافة إلى 22 حقلاً إنتاجها ضخم قد تصل إلى بليون برميل يوميا وأكثر.‏

وتفيد وزارة الطاقة في الولايات المتحدة أن توزع الحقول الضخمة للنفط جنوب شرق العراق تعتبر أضخم تجمع للحقول في العالم وتغطي قيمتها بين 70إلى 80٪ من احتياطي نفط العراق المعالج بينما تتوضع نسبة 20٪ من هذا النفط العراقي حول كركوك.‏

ويحتاج العراق إلى مزيد من عائدات نفطه مع وصول تلك المداخيل إلى 60 بليون دولار العام الماضي.‏

وتنفق النسبة الأكبر من عائدات الدولة من النفط على رواتب الموظفين والرواتب التقاعدية لأن حكومة بغداد تعمل وفق آلية محسوبية ضخمة مع العلم أن مؤيدي هذه الخطة يحصلون على فرص عمل بغض النظر عن مؤهلاتهم وتلك هي إحدى الأساليب التي يتم من خلالها توزيع عائدات النفط بطريقة غير عادلة وعلى الأرجح لن تتغير الأمور في القريب العاجل فوجودالأموال للاستثمار يتطلب وجود عائدات نفط كبيرة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية