تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


احترام..الزمن!!

ملحق ثقافي
2/5/2006
د. صلاح إبراهيم

أدهشني اصرار جزيئات الزمن على أن تحل الواحدة منها محل الأخرى! وهممت أن أعبر عن مشاعري بصريح العبارة لولا أنني شعرت أن حفيدي بنظراته المستقرئة ضمن مايجول بخاطري.فقلت محاولاً تحويل أنظاره: ما أجمل الدقائق والساعات والأيام والسنين! وأستطيع القول إنها الأجمل والأغلى في هذا الكون.

وكم من سعادة بشرية متصلة بساعات الصباح والمساء،وبلحظات اللقاء! وتعجز أية ثروة عن شراء دقائق من الوقت في حالات معينة. لكنني سرعان ما شعرت أنني لم أحق ق ما هدفت اليه. إذ أشعرني حفيدي أنه متمسك بما قرأه بعينيه أكثر بما لايقاس مما سمعه بأذنيه.و الدليل سؤاله لي: أَ أَصاب الزمن الاضطراب الى هذه الدرجة حتى تتطاول الدقيقة على الساعة والساعة على اليوم، واليوم على الأسبوع والاسبوع على الشهر، والشهر على السنة.وهو المعروف أي الزمن بدقته ونظامه؟! وبرقت في عينيه بارقة تقول: لعل شيئاً ما أصاب عقل جدتي حتى تقول خلاف مايجول بخاطرها وهي التي طالما أسعدني سماع حكاياتها القديمة، وقصصها المشوّقة، وحبّها ومدحها للزمن ؟! مما اضطرني الى الإفصاح عن مكنونات نفسي بالقول: اهتزت العلاقة مع الزمن. وحلّت اللامبالاة والسخرية محل الرصانة والمسؤولية. وباتت الأيام تمر وكأنها عبئٌ ثقيلٌ أو ليست بذات أهمية! ورداً على سؤال حفيدي عن صفعات الزمن الحادة المؤلمة أجبته: الزمن لايصفع أحداً.وهو بريء من كل ما يوجّه إليه من تهم .. الناس يصفعون بعضهم بعضاً، ويحملون ما أصابهم للزمن! وما أن سمع حفيدي الجواب حتى سارع الى سؤالي مجدداً عن أفضل السبل لمواجهة الزمن، وكيفية التخلص من خداعه؟ قلت مبدياً تعجبي من سؤاله: الزمن لايخدع أحداً. الخداع مهنة بشرية، والعيون اليقظة الذكية هي التي تكسب المعركة. ومعالجة البشر لأمراضهم شكل من أشكال محاسبة النفس واعادتها الى جادة الصواب ولم أر بداً من أن أنقل إليك حديثاً دار بيني وبين الزمن ذات يوم حين قال جواباً على سؤالي له عن أهمية الماضي للحاضر والمستقبل: الماضي كنز عندما يكون حافزاً للأفضل. وعلى كل جيل أن يتحمل مسؤولياته بنفسه. وألاّيتكل على الأجيال القادمة، فقدتكون مهماتها أصعب وأعقد، ومسؤولياتها أكبر وأخطر. واختتمت حديث اليوم مع حفيدي بجوابي له عن سؤاله عن ايماني بمبدأ السباق مع الزمن قائلة: الأمم هي التي تتسابق.و الزمن يبتسم للفائز.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية