|
ثقافة
وهذه الرواية هي أشبه ماتكون بالسفينة الشراعية التي حملت أوائل الرواد من سواحل الخليج العربي وعمان الى الهند والبنغال والصين وجزر الملايو، ووقفة لمحاكاة مأثرة أولئك الرواد المبكرين ولو أدبيا عل القارىء يدرك حجم ومدى الإنجاز الذي حققوه وأنجزوه في تلك المناطق النائية من كرتنا الأرضية التي أسماها الرحالة العربي ابن بطوطة في غير يوم بلاد» الواق الواق». أغراض وفوائد.. يقول المؤلف إن الكتاب رحلة روائية عبر عبق التاريخ والجغرافيا والثقافة غرضها الرئيسي هو إثبات أن سادة العولمة بمعناها الحضاري والإنساني هم المسلمون والعرب والآسيويون بمن فيهم سكان أرخبيل الملايو، وأن هذا المصطلح ليس جديدا ومستنبطا من التقدم العلمي الغربي الحالي، بل قديم قدم الاتصالات بين الشرق العربي والشرق الأسيوي، وأن التجار والدعاة و» والي سونغو» أو أولياء الشرق البعيد هم مؤسسو العولمة الإنسانية الحضارية الأوائل في الدنيا. وثمة أمور هامة يتوقف عندها الكتاب ويكشف معلومات جديرة بالبحث والاستقصاء ومنها انه لن يمضي وقت طويل حتى تسقط الأبحاث التاريخية المعمقة نظرية اكتشاف القارة الأمريكية على يد الإسبان ونظرية اكتشاف البرتغاليين طريق الهند عبر رأس الرجاء الصالح الأفريقي، إذ لابد أن المسلمين والصينيين والملايويين قد توصلوا الى ذلك قبل الأوروبيين. وأيضا يشير الجعفري الى معلومة جغرافية مهمة وهي أن مايسمى بعصر الاكتشافات العلمية وفقا للمفهوم الغربي قد بدأ في غرناطة بالأندلس وانطلاق أول حملة برتغالية باتجاه آسيا واكتشاف الإسبان للقارة الأمريكية مصادفة. الإطارالزمني للكتاب تتوقف المعالجة التاريخية عند بدايات القرن السابع عشر الميلادي بحكم تزامن تلك المرحلة مع رسوخ الإسلام في أرخبيل الملايو رسوخا ماديا وروحيا ومع تماهي الاسلام بالهوية الوطنية المحلية وتوحدها لصد الغزو الأوروبي وهيمنته الاقتصادية والسياسية. ويتنقل الكتاب في أبوابه العشرة وحواشيه بين عناوين هامة منها» في البصرة، الإمام والسندباد بين مطرقة جموح الخلفاء وسندان جنوح البؤساء،قوة السلطة تولد المتعة والافراط في القوة يولد الاضطهاد، وفي الباب الثاني نقرأ في حضرموت، الهجرة الى الرمال المتحركة، «من المركز السياسي للخلافة الى الاطراف الدينية_ السياسية، اما الباب الخامس فهو بعنوان» في جمقا وسلندوغ» جمال الدين الحسيني بين ملوك أنكور « حوار الثقافات والأديان». نتائج وتحليل ويصل الكاتب الى نتيجة مفادها أن كتب التاريخ الغربية تجاهلت دور العرب الأوائل وريادتهم في إقامة شبكة اتصالات بحرية تجارية قديمة مع شعوب وممالك منطقة أرخبيل الملايو سابقة وصول الأوروبيين اليها بمئات السنين حيث كان العرب القدامى يتحكمون بطريقي الحرير البري الواصل حتى الصين، والبخور والتوابل البحري الواصل حتى جزر الملايو انطلاقا من اليمن وحضرموت والحجاز. ويماثل هذا التجاهل الغربي للدور والريادة العربيين في منطقة جنوب شرق آسيا تجاهل غربي آخر لايقل غرابة عن الأول، ويتعلق بالتغافل عن ذكرفضل العرب والمسلمين الحضاري على تطور الفكر الغربي في القرون الوسطى وانطلاقة عصر النهضة الأوروبية التي أرست هيمنة الغرب علميا وسياسيا حتى أيامنا هذه. ولايحتاج المرء للإتيان بالشواهد التي تؤكد علميا وبشكل موثق ماورد في الكتاب من تحامل الغرب «الحضاري» على العرب والمسلمين ويكفي أن يذكر أن البرتغاليين هم أول من سن القوانين التي تقول: لا يجوز لنسل العرب في الملايو أن يملكوا أطيانا ويصبحوا زعماء، معرفة منهم أن قوة العرب هي قوة المسلمين والعكس صحيح، وأن اتحاد هاتين القوتين تعني مقاومة الاحتلال البرتغالي» وحسب الكاتب الدكتور بشار الجعفري أنه لايزعم في كتابه القول الفصل في مسألة كيفية وصول الاسلام الى أرخبيل الملايو عموما وإلى أندونيسيا خصوصا، بل هو عبارة عن جهد علمي حاول كتابة رؤية عربية اسلامية لتاريخ العلاقات العربية _الملايوية منذ ظهور الإسلام رسالة عالمية، حتمت بصفتها العالمية هذه، وصولها إلى أقاصي الدنيا شرقا وغربا. والإسلام جاء الى أرخبيل الملايو سلما وقدوة صالحة وتوفق مع الثقافات المحلية، فأخذ منها وبنى عليها. وثمة دعوة وجهها الكاتب لإعادة رمق الحياة للحضور الثقافي العربي في أندونيسيا للتواصل الحضاري الاندونيسي العربي وعودة المطبعة العربية الى أندونيسيا وإصدار صحيفة محلية باللغة العربية، واسترجاع الممتلكات الثقافية المكتوبة باللغتين العربية والملايوية التي نهبها الاستعمار الأوروبي والياباني من ذاكرة الأمة الأندونيسية. مايشكل ردا حقيقيا على التحدي الحضاري القائم وتصحيح خط سير التاريخ الثقافي للمسلمين بشكل ينسجم مع الحقيقة العلمية الخالصة ويفشل استراتيجية الغرب الثقافية التي ترمي الى جعل نفسها صماما يمتص أي تواصل ثقافي متبادل بين شعوب الملايو والعرب والمسلمين. |
|