|
متابعات سياسية وحتى من جغرافية سايكس-بيكو ليدخل عصر التفتيت الكامل جيوتاريخياً. وكم راهن بعض الذين خفقت قلوبهم للعصر الأمرو صهيوني وهابي أردوغاني في المنطقة وسورية على وجه الخصوص وقد جاهروا كثيراً وبالثقة العمياء أن الجيش العربي السوري حين يوقف قصف المناطق التي يتواجد فيها المسلحون كما يسمونهم وليس الإرهابيون ستتقدم الأمور بخطى سريعة نحو الحل السياسي الذي رسمت ملامحه من جنيف واحد إلى القرار2254. وها هي جماهيرنا تتابع المشهد لترى أن المسلحين المزعومين المعتدلين لا يملكون من أمرهم شيئاً فالكونترول الوهابي الأردوغاني القطري يعمل صهيو أميركياً، ولذا فالتوصيف للإرهاب وفرزه عن الاعتدال، وتحديد تموقعه مسألة عصية على راعي الإرهاب الكبير، وكذلك على داعمي الإرهاب التابعين. وعندما نقول: مسألة عصية لا نحاول أن نغطي الحقيقة بقشة يابسة، ولكننا نشير إلى عجز أميركي مداور، وأخلاقية مداجية دوماً في السياسات الدولية، والأمر مكشوف الآن باعتبار أن أي حلّ سياسي لا يأخذ بالحسبان تطمين إسرائيل على صورة سورية ما بعد الحل، لا يفتح له الطريق إلا بالسؤال التالي: هل ستبقى الجغرافية التي بوحدتها لن يهدأ بال إسرائيل، أو تبقى الدولة التي كرّست سياستها لتظلّ حصن العرب المنيع، وجبهة المقاومة القوية التي لن تفرط بذرة من تراب الوطن، ولن تتنازل عن حق الفلسطينيين بأرضهم، ودولتهم، وتقرير مصيرهم بإرادتهم الوطنية الخالصة؟ نعم لن تتقدم سورية إلى أي حلّ قبل أن تضمن الرياض أهداف ما بعد الحل، وأوراق الاعتماد المطلوبة من الدوائر الصهيونية للذين يعملون من أجله، ونلاحظ بالتزامن مع البحث عن حلّ كيف تتبدى الصورة في الأراضي العربية المحتلة، وكيان العدوان حيث سيعين نتنياهو ليبرمان وزيراً للدفاع ومن المعروف من خلاله ما هي نوايا العدو الصهيوني من غزة إلى سورية ولبنان. نستغرب حين يجادل البعض بأن لا علاقة لإسرائيل دولة العدوان بالبحث عن حل سياسي للأزمة السورية، ثم لنرى في اليوم التالي كيف يوفر جيش العدو الصهيوني الخدمات على طول الحدود في الجولان للجماعات المسلحة الإرهابية الوهابية، ويدّعي قصة تأمين الحدود، وهو يعرف أن الذين أرسلتهم أميركا، والأعراب التابعين ليسوا بوارد أي تهديد لإسرائيل فهم جاؤوا لخدمة المشروع الصهيوني من خلال تدمير سورية، والمقاومة اللبنانية، فالأهداف واحدة، والمعلم واحد، والمستهدف من قبلهم جميعاً بلدنا الغالي، وبناء عليه فالطريق إلى جنيف الحل –رغم أن الظاهر فيه الآن أن هيئة الرياض مجتمعة لتبحث كما تُعلن عن حلٍ- لكن في حقيقة الباطن غير ذلك. فالساعون إلى الحل يفتحون الحدود التركية, والأردنية، وعن طريق العراق لضخ المزيد من الإرهاب إلى أرض سورية، وبوهمهم أن موازين القوى على الأرض ستتغير لمصلحتهم، وبعدها لن يقبلوا بالحل إلا المرضي لكيان العدوان خاصة حين توضحت نيّة الانتقال المزعوم بأنها تفكيك للدولة السورية كمؤسسة. وإعادة تركيب على الطريقة الأميركية،وبالوسائل التي استخدمت في العراق وليبيا، وما زالت تستخدم خاصة حين نزل المستشارون المزعومون في الرميلان السورية ليبدأ عملهم التدريبي، والنصحي فقط، ثم لنراهم في اليوم الثاني يحملون شارات المجموعة الكردية ويتقدمون لتحرير مناطق شمال الرقة بأهداف الوصول إلى الباب، وعفرين واقتطاع المنطقة على طول الحدود التركية، لتكون كانتوناً منعزلاً عن الجغرافية السورية، وبحماية أميركية. ولكي تطمئن تركيا أردوغان يمكن نشر قوات أطلسية على طول الحدود مهمتها أن تمنع الأكراد المسلحين من اللقاء بأكراد تركيا، وخاصة مع الفصيل الذي يقاتله الجيش التركي رغم الحضور الأميركي إلى المنطقة. لنلاحظ -اليوم- ونحن نحلل معادلات التوجه إلى الحل السياسي كيف حاولت أميركا وتابعوها أن يخلطوا أوراق جنيف التي حددت خارطة الطريق إلى الحل ليكون البدء ليس بمحاربة الإرهاب كما ورد فيها، بل لمساعدة هذا الإرهاب حتى يسيطر على المزيد من الأرض السورية خاصة حين تعلن أميركا بأنها لن تنسق مع الدولة الشرعية، وتدخل جيشها بصورة وقحة إلى الأراضي السورية من دون قرار من مجلس الأمن، وتعلن عن مساهمتها في الحرب مع قوات سورية الديمقراطية تحت ذريعة مقاومة داعش ثم نرى داعش يحتل «مارع» وكأنه يأتي بالقوة من خارج أردوغان، وأميركا ذاتها. إذاً؛ إن ما يحدث على الأرض أصبح مريباً لجماهير بلدنا –رغم تقدم الجيش في الغوطة، أو شرق تدمر-لأن ما تقوم به أميركا هو التمزيق السافر للأرض السورية، وفرض حالة الانقسام، والفيدرالية حتى يأتي الدستور السوري المزعوم منطلقاً من وقائع على الأرض لا يسير الحل السياسي إن لم تؤخذ بعين الاعتبار. ولذلك علينا في الشعب والدولة أن نتداول في مثل هذا المشروع الذي ينذر بتصنيع إسرائيل شرق سورية، وشمال العراق لكي يتم تعويض خسارة إيران الشاه التي كان لها الدور ذاته. وفي هذا الخصوص أصبحنا ندرك مرامي تعطيل الحل السياسي لأن الحل السياسي –بكل معنى- أرادوه لكي يمنعوا تقدم الجيش، والحسم الميداني لأن انتصار سورية على الإرهاب ممنوع في الدوائر الأمروصهيونية، ولذا يكلف الأعراب دوماً مع أردوغان لضخ المزيد من الإرهابيين، ومحاولة استثمار الخلطة بين إرهابيين ومعتدلين حتى تتواصل الذرائع ويتم تمرير الوقت تحقيقاً لحالتين معاً: الأولى وقف تقدم الجيش بالهدنة وبالادعاء بأن هنالك فصائل تحاول أن تخلص نفسها من النصرة وتحتاج إلى زمن. والثانية حتى تدخل مرحلة الانتخابات الأميركية بما فيها من رهانات ضد سورية. ولذا رأينا خطاب الجعفري في مجلس الأمن وهو يرد على الاتهامات الباطلة ضد بلدنا، رغم أن القضية واضحة بأن المساعدات طريقها مسدود عبر المناطق التي يسيطر عليها الإرهابيون، أما عن طريق الدولة فكل الطرق مفتوحة لوصول المساعدات الإنسانية. لكن الملفت دوماً هو التذرّع بالمساعدات، وبحصار المناطق حتى يصرف النظر عن الإرهاب وما يفعله بهدف أن تبقى الدولة السورية هي المُدان الوحيد في مجلس الأمن وهذا يؤكد أنه قد تقرر تدميرها ولا يجوز أن يتم إظهارها بمظهر الممكن أن يتم التعاون معه، فإذا كانت أهداف الحلف المعادي تغدو مكشوفة لنا يومياً، فهل ستبقى الجبهة الداخلية على وتيرتها الحالية من العمل المشترك، أم أن تفعيلاً من مقتضيات ما يحدث من المفترض أن يطالها؟!!. |
|