تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الفساد ينخر مركب حكومة أردوغان

شؤون سياسية
الاثنين 23-12-2013
 محرز العلي

لم يعد بإمكان رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان تضليل الشعب التركي بشعارات زائفة أو التلطي خلف إصلاحات وهمية وتمثيليات بهلوانية لإيهام المواطن التركي أن سياسته تتسم بالشفافية ومحاربة الفساد، فهذه الشعارات والسياسات التضليلية

كشفتها فضيحة الفساد التي طالت أكثر من 52 شخصاً بينهم وزراء وأولاد وزراء وأعضاء في حزب العدالة والتنمية وشخصيات مقربة من أردوغان حيث كشف المستور من سياسات أردوغان الداخلية ، وأظهرت عمق الهوة بين أقوال مسؤولي الحكومة التركية وأفعالهم من جهة وبين مكونات الحكومة الإخوانية وداعميها، حيث أصدقاء الأمس باتوا أعداء اليوم.‏

فضيحة الفساد التي تهز عرش الحكومة الإخوانية أظهرت الخلافات الكبيرة بين أردوغان جماعة غولن و«إخوة غولن» وهي جماعة أسسها فتح الله غولن الذي يقيم حالياً في ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأميركية ويتغلغل أنصارها في المؤسسات الإعلامية والاقتصادية والعدل وكانت من أكبر الداعمين لحكومة أردوغان منذ 2002 وحتى قبل بضعة أشهر، كان لها الأثر في تحييد الجيش عن الحياة السياسية لأنه كان يحمي العلمانية ولأن الحليفين أردوغان وجماعة غولن لهما خلفيات اسلاموية، الأمر الذي يوحي أن فضيحة الفساد قد ثقبت سفينة الحكومة الإخوانية في تركيا وهي الآن تتخبط وتصارع من أجل البقاء.‏

ففضيحة الفساد التي أدت إلى إقالة خمسة من كبار ضباط الشرطة واستقالة 4 وزراء بينهم وزيرا الداخلية والاقتصاد سبقت بداية الحملة الانتخابية البلدية التي أطلقها حزب العدالة والتي من شأنها التمهيد وتقديم الدعم للانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة والتي يطمح أردوغان من خلالها الوصول إلى سدة الرئاسة، الأمر الذي يشير إلى أن أردوغان تلقى ضربة كبيرة من شأنها تمهيد الطريق أمام مرحلة جديدة في تركيا ربما تضع مستقبله السياسي و مستقبل حزبه الإخواني في مهب الريح، ولاسيما أن الشعب التركي كشف فساد وتضليل الحملات الانتخابية التي قام بها حزب العدالة في أعوام 2002 و2007 و2011 والتي كانت قائمة على الشفافية ومحاربة الفساد كما كان يدعي أردوغان.‏

من المؤشرات الأخرى على عقم سياسة الحكومة التركية‏

تململ الأتراك ومعارضتهم لسياسة أردوغان والتي سبقت فضيحة الفساد الجديدة وتجلى ذلك في تصريحات مسؤولي حزب الشعب التركي واتهام الحكومة بالفشل في بناء علاقات حسن الجوار، و لاسيما مع سورية حيث كان واضحاً للشعب التركي سياسة العنف والإرهاب والتدخل في الشأن السوري من قبل أردوغان الذي عمد إلى دعم العصابات الإرهابية التكفيرية التي ترتكب الجرائم والمجازر في سورية والعراق من خلال فتح معسكرات تدريب لهم وجعل الأراضي التركية ملاذاً آمناً لهم وتسهيل استقدامهم من شتى أصقاع العالم وتسهيل دخولهم إلى سورية، الأمر الذي بات يشكل تهديداً على أمن واستقرار الشعب التركي وهذا أثار غضب الشعب التركي من سياسة الحكومة التركية، ولاسيما بعد اعتراف الإرهابيين بالمسؤولية عن تفجير الريحانية الذي راح ضحيته عدد من المواطنين الأتراك بين قتيل وجريح.‏

سياسة أردوغان الخارجية المعادية لكل دول الجوار التي حولت استراتيجية صفر مشاكل إلى صفر أخلاق وتعاون مع سورية والعراق ومصر وغيرهم من البلدان العربية والإقليمية كانت تترافق مع سياسة داخلية خطيرة، حيث اتبع أردوغان سياسة دينية متطرفة وأمعن في استخدام القوة ضد المتظاهرين في حديقة جيزي والذين كانوا يطالبون بحرية الرأي والإعلام، وقتل خلال ذلك ستة مواطنين وجرح أكثر من 8آلاف شخص في أنقرة واسطنبول واتخذت إجراءات قمعية ضد الصحفيين وضباط الجيش، الأمر الذي كشف عن الجانب المظلم من سياسة أردوغان الاقصائية التي كانت تدعم الفصائل الإسلامية المتطرفة وتقمع بشدة الأحزاب العلمانية، مازاد من موجة الغضب والاستياء تجاه رئيس الحكومة التركية الذي نصب نفسه واعظاً للآخرين بينما تعامل بكل صفاقة وعنف مع معارضيه.‏

إن استمرار أردوغان في سياسته الاقصائية وعنجهيته ودعمه للإرهاب في المنطقة من خلال دعم الجماعات التكفيرية في الدول المجاورة وإمعانه في التضييق على الحريات المدنية وتستره على جرائم وفساد مناصريه، ولاسيما من أعضاء حكومته وأعضاء حزب العدالة والتنمية حيث ثبت بالدليل القاطع تورطه في قضايا تبييض الأموال وغيرها من قضايا الفساد التي تضر بمصالح الشعب التركي، كل ذلك سيرتد على الإخواني المتطرف بنتائج سلبية لن تتوقف عند الإطاحة بحكومته وحسب وإنما ستهدد مستقبله السياسي وانهيار مرحلة الأردوغانية والإسلام السياسي، وما تشهده تركيا من تراجع في الاقتصاد و بالتالي انهيار في الليرة التركية وغضب عارم في الشارع ضد الحكومة التركية يوحي أن عام 2014 سيشهد تغييرات وتحولات حاسمة في الخارطة السياسية التركية.‏

">mohrzali@gmail.com‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية