تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


سياسة الغرب عـبر قتل القتيل والسير في جنازته

متابعات سياسية
الأحد 20 -9-2015
 بقلم د: أحمد الحاج علي

ليس في الأمر مفاجأة, إلا لأولئك الذين كانوا ومازالوا في منطقة الغياب السياسي والفكري عن قاعدة الأحداث وخط سير المؤامرة الكبرى على سورية,

إن المرحلة الراهنة تشهد إدخال عامل التهجير والمهجرين في الصراع على سورية وفيها, بعد أن انتهت مفاعيل العمل العسكري عبر الإرهابيين اندفعت مباشرة قصة التهجير وأدخل الغرب هذه القصة في عوامل العدوان على سورية, والأصل في ذلك هو في مناهج ثلاثة يتطلعون إلى أن تصبح جزءاً من الحرب علينا بقصد نشر مساحة من الرعب والاحتمالات السكانية الصعبة.‏

أما المنهج الأول فهم يريدون سورية أن تتآكل من الداخل وأن يغادرها أبناؤها تحت ضغط الشائعات الموجهة وبالمحصلة فإن القاعدة التي تستوعب هذا المنهج تقوم على مقولة قديمة نعرفها من خلال القضية الفلسطينية ومن خلال معطيات الاحتلال الفرنسي في الجزائر, هذه القاعدة تقول: لابد من أرض بلاشعب ليتملكها شعب بلا أرض, وهذا هو الهدف الأخطر في المؤامرة, في فلسطين جاؤوا باليهود من الشتات تحت ظروف القهر والقتل في فلسطين وتحت ادعاءات تاريخية بأن فلسطين هي أرض الميعاد لشعب الله المختار, أما الآن في سورية فالإرهاب بقواه المتعددة هو (شعب الله المختار), وبأن هذه القوى الهائجة من أعراب وأغراب هي المحصنة بإرادة الرب لإفراغ سورية من أبنائها وليستوطن هؤلاء الغرباء في الأرض السورية تحت راية الوعد الإلهي المزعوم والشعارات الدينية المزورة, وعبر هذا المنهج كما يتصورون تحل المعضلة الكبرى الخاصة بمصير هذا الإرهاب, أين يستقر وماهو المخرج لأزمته وبذلك تتحول سورية من موئل للحق والحضارة والقيم والسلام إلى مساحة جغرافية يستوطن فيها المرتزقة القادمون من وراء القيم ومن خارج الحدود, وعندها تجري عملية إزالة سورية بمواقفها وطاقاتها من وجه الطوفان الكبير للامبريالية والصهيونية والرجعية, أما المنهج الثاني فهو الذي يتصل بالهوية الوطنية السورية من حيث كون هذه الهوية عربية المنشأ والتكوين , إنسانية القيم والأهداف وفيها يستقر كل حق مطارد في هذا العالم ومنها تنطلق موجات البناء الحضاري الإنساني والفكري المرتبط تاريخياً بالهوية السورية والعمل العدواني لتغيير هذه الهوية يقوم على أسس عميقة تقع في أصولها نزعات كبرى تتمثل في اجتثاث الهوية السورية قبل أي اعتبار وتدمير كل عناصر ومقومات هذه الهوية , حيث الإنسان السوري مستهدف في هذه المؤامرة وواقعه الراهن وتاريخه التليد والمجيد ومستقبله.‏

كل ذلك سوف يتحول إلى رماد وهذا يؤدي بالضرورة إلى تدمير الذاكرة التاريخية للوطن السوري ونسف معالم الحضارة المادية والمعنوية بحيث يوصلون البلد إلى منطقة جغرافية وكميات بشرية لاجذور لها في التاريخ ولامستقبل لها بناءً على ذلك وينشرون الهمجية تحت ادعاءات خطيرة تؤكد بأن كل هذه الأنساق الحضارية في سورية وهذه الذاكرة التاريخية الحية من البناء والشهداء إنما تشكلت بمخالفة شرع السماء ,وكل مافي سورية إذاً لابد أن يزال ويمحى من الإنسان إلى البنيان إلى موكب الزمان المتحضر, وبعد ذلك يخلو الجو للغرباء والإرهابيين لكي تصبح سورية فاصلة مستجدة تستقبل المستعمر وتنقلب على ذاتها وتساعد في نشر الفكر الصهيوني, ووظيفتها بعد ذلك هي أن تقبل بمنهج الاستعمار وبالوجود الصهيوني وتلتحق بعدها بالمواقف المتردية للأنظمة السياسية العربية في الخليج وسواه, وحينما تخترق الهوية السورية سيتحول البلد إلى مرتع موبوء منحط لكي يحتل الزمان والمكان المرتدون وقطاع الطرق والمتاجرون بالله ودينه والقادمون من كهوف التخلف , وفي المنهج الثالث سوف يقدمون المسارات المعتمة للمخرج بأن يغادر أبناء الوطن إلى حيث الغرب بكل مواقعه وتفصيلاته.‏

وهناك يقع الإغراء الذي هو الطعم المسموم لإبادة سورية في نهاية الأمر, ويركزون في هذه الأيام على أنهم يملكون النزعة الإنسانية لاستقبال المهاجرين السوريين ويبدون من مقومات هذا الطعم المسموم مايراود أحلام الضعفاء وأوهام الخلاص خارج الوطن السوري , وسورية العربية بلد التاريخ, والإنسان فيها مشهور بانتمائه لوطنه والتجذر فيه والدفاع عنه حتى الشهادة , وهكذا تظهر الفضائح الغربية ولاسيما في الاتحاد الأوروبي بتزوير الحقائق وبقتل القتيل والمشي في جنازته وبوضع المعاني خارج المنطق والواقع , ويتجاوز الغرب نقطة الأسباب التي تلعب في ظاهرة الهجرة والأسباب هم لأنهم يزورون الحقيقة وكان الأجدر أن يعالجوا أسباب الظاهرة وهم جزء منها وكان الطبيعي أو يؤدوا مجهوداً في اجتثاث الإرهاب بدلاً من طرح الخطوط المغلقة والموبوءة تحت مزاعم إنسانية ولكن المخطط واضح تماماً والآن جاء دور عامل التهجير الذي يشتمل على عناوين خطرة لا حدود لها كماً ونوعاً .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية