تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


يا حرب .. إنه العيد

عين المجتمع
الأحد 20 -9-2015
 منال السماك

قريباً سيطرق أبوابنا محملاً بفرح خجول من أحزاننا مطرقاً رأسه أمام انكساراتنا .. و لكنه سيأتي ..

يدري أن المحتفين الصغار بعضهم قد رحل باكراً ، و مقاعدهم على الأراجيح احتلها شبح الموت عنوة ، إلا أنه يأمل بأن يملأها طفل آخر ولدته أزمة ، و قلمت أظافره حرب نهشت فرح العيد ، لتختزلها بطقوس وهمية تسخر من قذيفة حائرة بين الأجساد الصغيرة في ساحة عيد حذرة من موت محتمل ، و لتتحدى ببراءة حصاراً ظالماً جعل الاحتفال بالعيد جنحة و ربما جناية في حضرة الجوع و الغياب و الموت و الألم ..‏

منذ عمر أزمتنا و الأعياد تتوالى بلون جديد قد يكون دامياً ، و ربما مضطرب المشاعر مرتجف الأحاسيس متناقض العناوين بين حرب و عيد .. إلا أنه على اختلاف ألوان أثوابه الغارقة بحداد مزمن .. ما زال ينطق لهجة سورية خاصة و خالصة ، هي شامية و حلبية و حمصية و ديرية و حورانية و ساحلية ... ، حتماً لا يتقنها غيرنا و لا يحسن التفوه بأحرفها الجارة إلى الحزن غير سوري عجنته الحرب فأبدع تحدياً ، و خانه الفرح فأنتج أصنافاً ًجديدة لفرح ممزوج بالوجع ، تتناوب فيه الدموع ألماً على وطن مذبوح ، و الأمل بأن لا أزمة استهلكت عمراً أو استباحت دهراً ..‏

سنبدأ تجهيزات العيد من حواضر قلوبنا ، بعد أن خوت جيوبنا من مدخرات كانت لأيام العيد لازمة ، و أطباقنا ستتذوق أصنافاً جديدة كبدائل متاحة لحلويات عيد ما زالت بحمد الله تعرف طعم طحين و سكر ، ربما ستفتقد حلوياتنا لفستق حلب ، بعد أن تعزز و تمنع فارضاً ضريبة قطيعة على عاشقي دروبها الشاكية و قلعتها الباكية ، إلا أن أيادي ربات البيوت ستبدع أصنافاً مبتكرة تحلي بها أيام العيد دون لوز و جوز ، و الألوان الزاهية لملابس العيد لن تبقى غصة للأطفال ، بحكمة أمهات و إيثار أياد بيضاء و قلوب ناصعة بالحب ، حتماً سيأتي العيد و سنفتح أبواب قلوبنا ، و ننفض عنها غبار الحزن المتراكم و لو لأيام استعداداً لاستقبال فرح طارئ .. فهل تأذني لنا يا حرب بممارسة فرح مؤقت ؟‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية