|
فنون وسينما
ممتلكاً ناصية الابداع عبر إعطاء كل شخصية حقها لتأتي أقرب إلى المصداقية والحقيقة .. إنه الفنان رشيد عساف الذي يؤدي دور البطولة في مسلسل البيئة الشامية (شوارع الشام العتيقة) إخراج غزوان قهوجي وتأليف علاء عساف وإنتاج المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني ضمن إطار مشروع خبز الحياة ، إشراف عام المخرج زياد جريس الريس.
كبير الحارة من هو (أبو عرب) في مسلسل (شوارع الشام العتيقة) ؟ يمكن القول إنه (كبير الحارة ، أو المختار أو الزعيم أو العكيد ..) فإن لم يكن في المسلسل الشامي هذه الشخصية المهمة لن تشعر أنه عمل شامي وإنما مسلسل معاصر بلبوس شامي ، فمن الأهمية بمكان وجود هذه الشخصية لأن الأمور كانت هكذا ، فقديماً في عام 1915 وما قبل ومع ابتعادهم عن ادارة الحكومة كانوا يديرون أنفسهم بأنفسهم ، فتجد ما يُسمى بـ (العضوات) كما أن لكل حارة مجلسها ، وهو أشبه اليوم بمجلس البلدية ، فبهذه الطريقة كانت تُدار الأمور .. واختيار العضوات مرتبط بالوضع المادي والزغرتية والشهامة والمروءة والحس الوطني .. ويتصدر المشهد من يمتلك منحى عقلانياً في معالجة قضايا الحارة لأنه الأقدر على حل المشكلات . ألا يزال لمسلسلات البيئة الشامية الحضور نفسه في الشارع السوري ؟ أكيد ، حتى أنني أتفاجأ عندما أرى الناس في الشارع يشيرون إلى الفنان باسم الشخصية التي قدمها ضمن مسلسل ، وهذا حصل معي مؤخراً بعد مسلسلي (عطر الشام) و (طوق البنات) ، ولكن يبقى الأمر مرتبط بمدى جودة وتماسك العمل وما يقدم من جديد . خبز الحياة بأي عين تنظر لتنوع الأعمال التي يتم إنجازها ضمن إطار مشروع (خبز الحياة) في المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني ؟ هي خطوة جريئة فعوضاً من أن تقدم ثلاثة مسلسلات تقدم ستة ، وهنا ينبغي أن تحدث التنازلات من هنا وهناك ، ودائماً نقول إن المؤسسة قطاع عام ونحن بدأنا من التلفزيون السوري. أضف إلى ذلك أنه من الضروري أن تكون المؤسسة واقفة على قدميها دائماً ، لأن القطاع الخاص جبان وأمام أي هزة اقتصادية يوقف عمله ويذهب لينتج في لبنان أو الأردن أو الخليج. ولكن الموضوع مع المؤسسة مختلف. وأرى أنه من حقها التنويع فيما تُنتج، وهذه النوعية من الأعمال (الشامية) هي الأكثر توزيعاً على المحطات خاصة ضمن ما يُسمى بحصار الدراما السورية، ومسلسل (شوارع الشام العتيقة) لون نقدمه يحمل مقولة إنسانية وأخلاقية، كما تقدم المؤسسة أعمالاً أخرى معاصرة ومتنوعة ، وهذه وظيفتها ، فالثقافة الجماهيرية تقدم مجاناً ، وأذكر أننا كنا ننجز في السابق أعمالاً ونقوم بإهدائها للدول العربية ضمن إطار التبادل الثقافي فيما بيننا ، وعندها لم نكن خاضعين لشروط الرقابة العربية ، ولكن عندما دخلنا في لعبة التوزيع فإننا دخلنا حكماً في شروط المستورد . أول أجر ما مقدار أول أجر تقاضيته عن عمل تلفزيوني ؟ تقاضيت اثنتي عشرة ليرة ونصف عن مشاركتي بصفة كومبارس في (حمام الهنا) ، ووقتها كنت في الصف السادس ، وعندها قاموا باستئجار الكاميرا من والدي بخمس وعشرين ليرة ، أما أول دور تمثيلي تقاضيت عليه أجراً كتعرفة تلفزيونية بعد انتسابي للنقابة وكان من إخراج أنيسة عساف وإنتاج التلفزيون السوري وتقاضيت حينها مئة وسبع ليرات سورية ، وعموماً لم أنقطع عن العمل مع التلفزيون ، كما أنني شاركت مع المؤسسة العامة للإنتاج بعدة أعمال سابقة (حائرات ، أزمة عائلية ، القربان..) . تفاوت ما يتقاضاه الفنان بين داخل وخارج سورية، هل يؤثر على عمله وقبوله للدور من منطلق أن الأجر أقل أو أكثر ؟ من يفكر بهذه الطريقة هو غير قادر على فهم اللعبة ، فيبقى عملك في الخارج مختلفاً عن جوك في بلدك وبيئتك . أعمال لا تموت أين يمكن أن يرى المشاهد مشكلاته وهمومه الحقيقية وسط انتشار الأعمال الشامية والكوميدية المطلوبة للمحطات ؟ لن يطول الأمر ، وكما يطالبك الجمهور بأعمال جيدة تحكي عن واقعه يطالبك أيضاً بأعمال كوميدية للخروج (وإن قليلاً) من الحالة التي يمر بها ، ولكن سنبقى محكومين بالسوق خلال السنوات القليلة القادمة . مرت فترة انحكمنا فيها لإنجاز الأعمال التاريخية والفنتازيا ، واليوم هناك جيل جديد يرى هذه الأعمال لدى إعادة عرضها ، كما حدث مع (الفوارس) لأنه عمل مهم ، فقد مرت فيه مشاهد تراها وكأنها تحكي عن الواقع ، فعندما يأخذون (صقر) ويعذبونه ويسلمونه إلى اليهودي ويتعاون معهم بعض العرب .. أليست الحالة نفسها اليوم ؟.. ما سر بقاء مثل هذه الشخصيات في ذهن الناس، ومنها شخصية ورد في (البركان) ؟ لأنهم يعيشون معنا ، فعلى سبيل المثال فكرة فيلم (الحدود) لا تزال موجودة ، فهو فيلم يعيش اليوم ، حتى أن فكرته مأخوذة عن حادثة جرت على الحدود المكسيكية، فالعمل المكتوب بشكل صحيح لا يموت ، والسؤال هل أعمال شكسبير تموت ؟.. فهاملت والملك لير يمكن تقديمهما بأي وقت ، ففي العمل التاريخي ليس المهم فيه الإسقاطات فقط وإنما كيف استفيد منه بالوقت المعاصر، في (الفوارس) إمبراطورية الروم تمثل اليوم أميركا ، وعندما تجد ابن آوى حول العرب يدمر المنطقة هو اسرائيل ، فالمسلسل لايزال يعيش حتى اليوم، علماً أن (الفوارس) كان جزءاً ثانيا من (البركان) ولكن عندما رأينا القسوة التي تعاني منها الشخصية أعطيناها اسما آخر ضمن عمل جديد ، ولكنه (ورد) . هل ترى أن الدراما السورية ستعود لتأخذ مكانها على الساحة ؟ مما لا شك فيه أن الدراما السورية ستعود ، فلا تخاف على عمل سوري أو مصري لأن الأرضية والبنى التحتية موجودة ، ولدينا ممثلون مهمون ، إضافة إلى من يقوم المعهد العالي للفنون المسرحية بتخريجهم كل عام ، ولكن بما أننا محكومون اليوم للتوزيع فليكن لدينا محطات تلفزيونية كما حدث في مصر التي لم تعد بحاجة لأي محطة عربية ، فهي تُنتج المسلسلات وتجني الأرباح من المحطات المصرية ، وبالتالي عندما تتحرك عجلة الاقتصاد سيعود موضوع الميديا إلى الواجهة ، والمسلسل السوري مطلوب عربياً ، ولكن حتى إن لم نوزعه وعرضناه على قناة سورية دراما فقط ستجد أن الوطن العربي كله يقوم بمتابعته . |
|