|
عن موقعplanete non violence على ضوء ما أفرزته الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، ليعكس الأسباب الكامنة وراء عجز أوروبا بصفتها قوة سياسية في لعب دور مستقل على الساحة الدولية. كما ويعكس هذا القرار وحتى إن كان غير ملزم، الحالة الفكرية التي تسود في المبنى نصف الدائري في بروكسل، لدى الأحزاب اليمينية، كما لدى الأحزاب اليسارية، باستثناء أقلية محدودة، وهذا النص يجب أن يستخدم كمستند من أجل إطلاق جدل حقيقي قبيل أسابيع من بدء انتخابات البرلمان العاجز، والذي أبدى خضوعاً كلياً لواشنطن. ومن خلال هذا المنظور، يعتقد النواب الأوروبيون أن قدوم إدارة أمريكية جديدة أعطت نفحة جديدة للتاريخ الأمريكي ودفعاً جديداً للشراكة عبر الأطلسي. ويغرق نص القرار المذكور بالبيانات الأيديولوجية وادعائه أن العديد من الدارسات تؤكد أن أغلبية الأوروبيين تؤيد فكرة اضطلاع أوروبا بدور بارز في الساحة الدولية، وانطلاقاً من ذلك، استنتج النواب أن (أغلبية الأوروبيين والأمريكيين يعتقدون أن على الاتحاد الأوروبي وأمريكا التصدي معاً للتهديدات الدولية). علماً أنه لم يتم اجراء أي استطلاع للرأي أو دراسة خلال السنوات الأخيرة، يدعي النواب الاستناد عليهما من خلاصتهم للتقرير، وإنما يعني فرض تيار ايديولوجي يربط أوروبا بأمريكا فيما يتعلق بالسياسة الدولية، وحصرياً ضمن النطاق الأمني والاقتصادي. وبناء على ذلك، لم يتكلم النواب الاوروبيون سوى باسمهم، وليس باسم ناخبيهم حينما أكدوا أنه (ولمصلحة الشريكين الأوروبي والأمريكي، في عالم يسير بالعولمة أكثر فأكثر، ويتسم بالتعقيد والتغيير، تشكيل المناخ الدولي المناسب معاً، ومواجهة التهديدات والتحديات على قاعدة القانون الدولي والمؤسسات المتعددة الجنسيات، ولاسيما الأمم المتحدة، ودعوة شركاء آخرين للتعاون في هذا المسعى)، وأماطوا اللثام عما يشغل بالهم في هذا النص في تأكيدهم (إنه لامناص من الشراكة عبر الأطلسي إلى جانب حلف الناتو لضمان الأمن المشترك). وقد نصت معاهدة ماستريخت، وكذلك معاهدة امستردام على ربط مسألة الدفاع الأوروبي بمظلة الناتو، أما معاهدة لشبونة، فلم يتم المصادقة عليها لغاية الآن، لأنه حينما أتيح للناخب الأوروبي التعبير عن رأيه ديمقراطياً سواء في فرنسا أم هولندا عام 2005، وإيرلندا منذ فترة ليست بالبعيدة، وهذا نادراً ما يحصل، أعرب عن رفضه لمسألة ربط دفاعه بمنظمة الناتو، ولكن يبدو أن الأوروبيين لايقيمون وزناً لأراء أولئك الذين صوتوا لهم، ويتطلعون في أغلبيتهم إلى مستقبل سلمي، وعدم الانجرار إلى حرب لانهاية لها، وخاسرة منذ بدايتها، بغية إرضاء المصالح الاستعمارية للنخب الحاكمة إلى جانبي الأطلسي وحلفائهم بشكل خاص، الصهيونية. وفي الواقع يحض النص كلاً من أوروبا وأمريكا على العمل سوية لتحديث الاستراتيجيات والإثناء على الجهود الرامية إلى تعزيز احترام حقوق الانسان والديمقراطية في الشرق الأوسط (ألم يتم ذلك من خلال دعم المجازر الاسرائيلية في غزة، ومحاصرتها!) ، على قاعدة قدرتها الاقتصادية وسلطتها (القوة الناعمة) (المتلبدة في المنطقة). وبالتأكيد، لامانع من التخفيف من الاندفاع والغليان الحربي للولايات المتحدة إزاء آسيا، لأن النواب الأوروبيين يرون أن القيم والأمن ومصداقية الدول الأطلسية هي الآن على المحك في أفغانستان، إضافة إلى ذلك يضغط النواب على أوروبا وأمريكا والناتو والأمم المتحدة من أجل تحديد مفهوم استراتيجي يتضمن تعهداً دولياً مشروعاً لزيادة المساحة الأمنية في كافة الدول، وتعزيز المؤسسات الحكومية والمحلية الأفغانية، المساعدة لبناء أمة بالتعاون مع الدول المجاورة، والسؤال ماذا تخفي وراءها هذه الرطانة الايديولوجية؟ بالاستناد إلى الخطاب الصهيوني حول التهديد النووي الايراني، أكد النواب دون برهان، أن البرنامج النووي الايراني يشكل تهديداً ليس على اتفاق منع انتشار السلاح فحسب (وإيران موقعة عليه، ومنشآتها تخضع لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة، عكس اسرائيل، بل تشكل تهديداً على الاستقرار في المنطقة والعالم). وفيما يتعلق بروسيا، دعم النواب سياسة الاحتواء المتعلقة فيها، والتي رسم خطوطها زبيغينو بريجنسكي ودعاها (رقعة الشطرنج الكبرى)، أي إن ملامح أسلوب جديد من الحرب الباردة، بدأت ترتسم في الأفق. باختصار كان قرارهم تعبيراً عن سياسة خارجية مطعمة بايديولوجية استعمارية تحت غطاء ديمقراطي وحقوق إنسان. وحتى في المسائل الاقتصادية والتجارية، يشير نص القرار إلى خضوع كامل للسياسة الخارجية الأمريكية. خلال أعوام الستينيات، أكد الجنرال شارل ديغول، وبشكل علني على الحاجة إلى أوروبا في حال رغبت بلعب دور حاسم على الساحة الدولية، وكذلك الحفاظ على استقلال استراتيجي عن الولايات المتحدة، ومع ذلك ومنذ نهاية الحرب الباردة زاد السياسيون الاوروبيون وكذلك نوابهم من خضوعهم للعم سام، كما يبرهن على ذلك نص القرار. 27/4/2009 |
|