|
عن لومانيتيه مرتكزاً فيه كمرجع على الاستطلاع الذي أجري عن الكاتب المسرحي الألماني بريخت الذي يدافع عن مسرح ملحمي قادر على ربط الشكل بالمضمون والمباعدة وإدراك المشاعر. ويرجع مطولاً إلى أصل هذا التقليد التجريبي لمسرحية مسجلة في المدينة وتطرح أسئلة عن النظام في العالم، إن البعد العالمي لمسرح أرسطو والطموحات المدنية لديدرو أو اللجوء إلى العلم في فن المسرح كما توقعها زولا تشكل معالم هذا التاريخ المسرحي الراسخ في السياسة، كما يسلط الكاتب الضوء على الانقطاع الذي أثر به القرن التاسع عشر في الإبعاد التدريجي للفضاءات العلمية، الفنية والسياسية، وتمثل مسرحية «معركة هرناني» الشهيرة استقلالية الفنانين وتشهد على نفوذهم الهدام. أما مسرح بريخت الذي أخله سارتر إلى فرنسا فهو يتابع البحث عن حوار بين الفن والعلم، فبعيداً عن محاولات توجيه فن المسرحة الذي لا يستهدف سوى النضالية، فقد فتح بريخت المجالات وأضاء الإمكانات، ولم يبحث عن المواجهة مع المشاهد وأنشطته، فهو يطرح الأسئلة ويدخل الشك، إذ يتيح التاريخ وضع الأبعاد ويسهم في نشر التفكير. بعد الحرب العالمية الثانية، نجد أن مقترحات بريخت لم يأخذ بها سوى سارتر ويقترح مخرجو المسرح مثل فيلار رؤيتهم الخاصة عن الحياة والعالم. وحول أعمال رامبو، فإن الانقطاع عن النص هو الذي يأتي في المقدمة أو ينكفئ المسرح الملحمي شيئاً فشيئاً في الستينيات. يشير نوارييل المؤرخ إلى تطور مزدوج اجتماعي تدعمه سياسة ثقافية من اليسار بعد عام 1981. إن فناني خشبة المسرح اكتفوا بهدم شكلي لفن المسرحة.. وبالعكس يقترح «معدو حرف المستقبل وجهة نظرهم عن المعاناة الاجتماعية وعلاقات السيطرة، غير أن هذا الوعي بالقضايا المدنية والسياسية هي مفصولة عن العمل العلمي، ومن جهة أخرى وفي المجال العلمي، ينقسم الجامعيون المهتمون بالمسرح إلى مجموعتين متميزيتن وشبه متناقضتين: الأولى تستند إلى علم اجتماع ناقد للثقافة، أما الثانية فترعى غموضاً في الممارسات وتشكل الجامعيين الفنانبن، وينوه الكاتب أيضاً إلى صعود مسرح عالمي يتسم بهوية خاصة منذ الثمانينات وبأشكال متنوعة، يفرض هذا الأخير الذاكرة بدل التاريخ ويصر على الدفاع عن القضايا الإنسانية الحقة دون البحث عن إثارة الشكوك، ويطالب نوارييل أخيراً بالتقارب بين المؤرخين والفنانين على مستوى العالم. ووفق محاولات بريخت، الكاتب المسرحي الألماني، يقترح أن يسأل عن الترابط بين الشكل والمضمون وعن العلاقات المعقدة بين المعرفة والخيال، وفي هذا المجال، يمكن للتاريخ منح وسيلة التباعد. إن المقاربة الاجتماعية - التاريخية للروابط بين المسرح، التاريخ والسياسة التي يقترحها نوارييل تسمح بإدراك التوترات الناشئة بين علاقة الفن والعلم وحداثة مقترحات بريخت. |
|