تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مأزق الحرية في الصحافـة..!

الافتتاحية
الأثنين 4-5-2009
بقلم رئيس التحرير أســـــــــعد عبـــود

الصحافة أكثر النشاطات الاجتماعية ارتباطاً بالحرية، في المتداول اليومي عبر العالم يقترن التعبيران «صحافة وحرية» غالبا,ً إلى درجة اقتران الوجود، فلا حرية بلا صحافة، ولا صحافة بلا حرية.

كلام شاعري جميل.. ولن يضيرنا كصحفيين أن نكرره.. ولا سيما في اليوم العالمي للصحافة «أمس» لكنها فضيلة عاجزة، لا تقدم أكثر من القول.‏

هذان المفهومان الشقيقان المترابطان، بينهما خلاف أيضاً.. إذ يفضح أحدهما الآخر.. الصحافة تطرح إشكالية الحرية.. الحرية تطرح إشكالية الصحافة.. وكثيراً ما يرتكب أحدهما الخطأ بحق الآخر إلى درجة أن يصرخ إنسان.. لا أريد هذا ولا ذاك!!.‏

المفاهيم القيمة في حياة البشر نادراً ما يختلف الناس عليها.. الاختلاف يكون في طريقة الوصول إليها.. وهذه الطريقة كثيراً ما تسيء للمفهوم مهما بلغت قيمته..‏

لا أتجه إلى التعميمات والشروحات النظرية والمسافات البعيدة لأهرب من واقع الحال.. لكن.. أعترف أننا لا نملك حلاً لهذا الواقع.. الذي تشي الحرية فيه بالصحافة وتشي الصحافة بالحرية، إلى درجة كثيراً ما تبلغ حد التنابذ المضحك.‏

قرأت مؤخراً عن أفكار مسؤول سوري عتب على الإعلام أنه لا يقدم مالديه من رؤى متقدمة للتطوير والتنمية واكتشاف القوانين واستنباط الحلول.. والإعلام الرسمي تحديداً.. وأقرأ في وجوه الناس وانطباعاتهم وأسمع مالديهم وهم يلاحقون الإعلام الرسمي أنه لا ينقل معاناتهم تحديداً من وعود المسؤولين وإلى أين رحل بها الزمان..‏

هل نملك الحرية؟!‏

هل يملك الإعلام الرسمي السوري الحرية؟!‏

أستطيع أن أجيب بلا.. وبنعم.. وأكون صادقاً في المرتين..‏

هذه ليست أحجية، لتوضيحها أقول معترفاً:‏

لم يستثمر الإعلام الرسمي كامل هامش الحرية المتاح له..‏

لكن.. بالتأكيد.. تورمت يداه من آثار ضرب الأكف عليها..!‏

ليس للناس موقف واحد من الحرية.. وليس للحرية موقف واحد من الحقيقة.. وليس للحقيقة موقف واحد من الموضوعية.‏

فما العمل..؟!‏

كثيراً حاول الدارسون الإجابة عن السؤال بقرن مفهوم الحرية بمفاهيم أخرى.. مثل المسؤولية.. الدقة.. الصدق.. وكلها مفاهيم مرنة لا تضع حلاً للمشكلة.‏

بالأمس أفرجت المحكمة الدولية بشأن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عن أربعة ضباط.. بعد أكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة من السجن تلقوا خلالها سيلاً إعلامياً صحفيا،ً وصل إلى حد اتهامهم بالشكل الصريح.. وهتفت الصحافة بالحرية على أصفاد حديدهم وأبواب سجونهم...‏

مارأيكم بهذه الحرية؟!‏

صحافة «حرة» تتهم بريئاً بالقتل مراراً.. وليست صحيفة واحدة، بل اتجاه إعلامي كامل في العالم.. ماذا يفهم هؤلاء المتهمون المنتهكة حريتهم من حرية الصحافة؟!‏

حالة خاصة وفريدة..؟!‏

حسن.. سأطرحها بشكل أكثر عمومية:‏

تعتبر الولايات المتحدة الأميركية أكثر دول العالم إدعاء لحرية الصحافة.. ولا شك في أن الصحافة الأميركية تتمتع بهامش للحرية عريض.. هي التي أسقطت الرئيس ريتشارد نيكسون بتحقيق صحفي..؟! ماذا تريدون أكثر من ذلك؟!‏

لكن... دعونا نسأل السؤال التالي:‏

أين تقف حرية الصحافة والإعلام عموماً في أميركا كلها من مأساة الشعب الفلسطيني..؟! كم يشكل نقد الإجرام الإسرائيلي كنسبة في الإعلام الأميركي من نقد المقاومة الفلسطينية..؟!‏

كم قدم الاعلام الاميركي والأوروبي أيضاً وكلاهما -حر- من حقائق ماجرى في غزة.؟!‏

أين الحرية..؟!‏

لا أريد أبداً.. ولا بأي شكل أن أقدم تبريراً لكل من يتجه عقله وسلوكه إلى وأد الحرية في بلدنا وغيره من خلال هذه المسألة، بل أريد أن أقول في اليوم العالمي للصحافة:‏

إن الحرية هي شرط وجود للصحافة.. وأضيف: إن الحرية في مأزق..لأنها تتبع الناس.. في هواهم..وتتبعهم في إمكاناتهم المادية أكثر..‏

ما العمل..؟! ما الحل..؟!‏

الحرية...‏

a-abboud@scs-net.org

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية