تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


موسيقانا العربية وكتابة المستقبل

فنون
الثلاثاء17-12-2013
علي الأحمد

هل موسيقانا السائدة في مجتمعنا العربي تعبر بشكل أو بآخر عن  خصوصية وقيم هذا المجتمع أم أنها لاتعدو كونها مغامرة مفتوحة على هوامش هذه الحياة التي تبدد عبرها الكثير من عناصر الابداع في الهوية الثقافية العربية ؟.

ويبقى السؤال مطروحا : هل لازال بالإمكان اقتراح صيغ ابداعية تعبر عن هذه الحقائق الموسيقية الجديدة  بعيدا عن التوسل بوسائل الحضارة المادية عبر قنواتها الاستهلاكية ،أم إن هذه الصيغ المنشودة لم يعد لها مكان ومكانة في الحياة المعاصرة التي تئن من وطأة العابر الذي يتسيّد  تفاصيلها ومساراتها ،ولعل الجواب على هذا السؤال الهّم ،لابد من أن يلحظ مسار التحولات التي ألمت بهذا الفن خاصة في هذه الألفية التي لا تتسع كما يبدو لتراثياته العظيمة ومقولاته الماضوية التي ليست بالضرورة أنها استنفدت جدواها وحضورها الروحي في كثير من النتاجات الموسيقية المعاصرة ،حيث لا معنى لمفهوم الحداثة والتجديد من دون أصالة تحميها وتمدها على الدوام بنسغ الحياة والعطاء كما يحدث في كل موسيقات الشعوب التي تحافظ على موروثها وتجعله مثمرا في الأزمنة المعاصرة بفضل وعي مبدعيها من الفنانين الذين تبنوا هذا المفهوم بوعي منفتح يسعى في كثير من تجلياته الى أنسنة النتاج الموسيقي المعاصر بقيم ذوقية مغايرة للسائد التجاري الذي يعتبر الفن سلعته المفضلة نظرا الى مردوده المادي المغري ،حيث الامعان في الابتعاد عن جوهر القضية الانسانية المعاشة وتقديم الموسيقا البديلة سليلة العولمة وقيمها الفقيرة ذوقيا وجماليا ،التي تنزع من الفنون صبغتها الانسانية النبيلة،حيث سطوة أدواتها وأذرعها تعيث فسادا في مقدرات هذا الفن بحجج التجديد والتطلع الى المستقبل وغيرها من آلاعيب وأحابيل باتت تتقنها وتضخ من خلالها السم في الدسم ،وهكذا لم تستطع موسيقانا العربية من كتابة مستقبلها الواعد لأنها ارتضت التبعية للآخر بما له وعليه ،وتناست مطالبنا الروحية والذوقية دون محاولة انتاجية ابداعية لها خصوصيتها وتفردها ، من شأنها أن تضع هذا الفن في مساره المستقبلي المنشود بعيدا عن آفة التقليد واستنساخ الآخر المختلف فكرا وثقافة ومعرفة .‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية