|
|
رؤية أن تعود لقطع المسافات نفسها، التي اعتقدت يوما انك إن قطعتها ملايين المرات ستنتهي من اجتيازها نهائيا..!! ولكن مجددا ها أنت تعود... لتقطع المسافات ذاتها كل صباح... المعاناة نفسها... ترتمي في أحضان المشكلات التي حللتها سابقا... نفس التفاصيل التي قفزت فوقها قبل سنوات كثيرة مضت... معتقدا أنها لن تعود أبدا... هذه المرة الفرق.. أن ناسنا ازدادت شراسة... وتلك المشكلات تحولت إلى مصائب تزداد ضراوة... هذه المرة الفرق أننا جميعا بلا استثناء ملتاعون... موجوعون.. يأكلنا الهم دون أن نجد طريقة تبعد البلوى... لا أحد يفكر بمساعدة أحد.. الغلبة للأقسى والأفظع.. نحن في حرب لا سباق على انتزاع مفردات تألقنا الإنساني..!! من بقي منا على قيد الحياة... يعيش لوعة تداعيات حربنا المجنونة... لا احد منا بقي متعافيا.. لا أحد منا لم تقترب منه الحرب بشكل ما لتلدغه وتعبث به تاركة إياه مرميا... هذه المرة الفرق الأمل ينسحب تدريجيا... وكلما اقترب عاد لينسحب بقوة... هذه المرة أن الأصدقاء لايتمكنون من مواساتنا لفهم الرحيل جميعا ومن بقي فهي معرفة عابرة غير قابلة للتعاطف.. جمود من نوع خاص.. تتسم به الحروب حين تبلدنا إنسانيا وتغرقنا في جحيمه.... دفعات متتالية من الموتى الراحلين بصمت.. بعضهم بلا قبور...يسهلون المهمة... لايريدون الذكرى إلى هذه الدرجة غاضبون..! نسينا الحب... تجنبتنا الأفراح.. وغابت ضحكاتنا.. وكأنه غياب أزلي... أحمق من يحاول السير عكس التيار... والموت بانتظار من يستسلم.. وكل البلاد لفظتنا.. والبحر يغرقنا.. وسمك القرش بانتظارنا.... تحولنا إلى مرضى نفسيين نقارع الحياة ومصائبها بأعصاب مرتجة وعقول متخلخلة ورعب لايضاهى... وأنت في عز انهيارك وفي أزهى عصور موتك يأتيك من يغالبك على ابسط تفاصيل حياتك المتبقية... يعقدها... يريد انتزاع تلك البقية المتبقة من أنفاسك... مؤمنين انه حتى الصفر بات كثيراعليك !! |
|
