تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


التحالف الدولي وسياسة الخداع ؟

إضاءات
الإثنين 15-9-2014
د.خلف علي المفتاح

عبر تاريخها الطويل اتقنت الولايات المتحدة الاميركية أزياء التنكر لاخفاء اهدافها الحقيقية وخداع الجمهور والرأي العام بالتظاهر بأهداف جذابة فالكل يعلم انها تحدثت كثيرا عن الحرية والديمقراطية في بداية ما سمي الربيع العربي

وعندما مررت ذلك الهدف نراها اليوم تطل على الجمهور العربي والاسلامي بعنوان جذاب جديد وهو مكافحة الارهاب وما سمي تنظيم الدولة الاسلامية فقد اعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما في العاشر من شهر ايلول ان ثمة استراتيجية اميركية لمكافحة الارهاب انطلاقا من تشكيل ما اسماه التحالف الدولي لمحاربته وحدد عناوين عامة لتلك الاستراتيجية واهدافها واليات عملها وقد اولت وسائل الاعلام العالمية اهتماما كبيرا بما سيقوله وقاله الرئيس اوباما انطلاقا من المركز العسكري والاقتصادي والاستخباراتي للولايات المتحدة الاميركية وتأثيرها في مسرح الاحداث الدولية ، ولعل نظرة ناقدة لتلك الاستراتيجية مسألة غاية في الاهمية بحكم الحراك المتشكل عالميا في التعاطي مع تلك الاستراتيجية ولعل اول ما يوجه اليها هو ان الحديث عن تحالف دولي ضد الارهاب يجب ان يصدر عن هيئة اممية معنية بالسلم والامن الدوليين وهي هنا الامم المتحدة وامينها العام السيد بان كي مون وليس من قبل الرئيس الاميركي الذي يريد ان يحعل من بلاده المرجعية الحصرية في شأن يهم دول وشعوب العالم اجمع علما أن اميركا غير مهيأة سياسيا لقيادة تحالف عالمي بحكم عداواتها وخصوماتها السياسية للعديد من دوله اما النقطة الثانية فهي ان استراتيجية دولية لمكافحة ومواجهة الارهاب الذي تشهده المنطقة ويمتد الى مناطق أخرى يحتاج الى نقاش وحوار وتبادل لوجهات النظر يتم عبر مؤتمر دولي يخصص لذلك كي يخرج الجميع برؤية واستراتيجية واضحة ومحددة يتفق عليها على ان تتبناها الهئية الاممية وتلتزم بها دول العالم وحكوماته ان حسنت النوايا وصدقت الاقوال والافعال ، اما النقطة الثالثة فهي ان الاجتماع الذي دعت اليه الولايات المتحدة الاميركية وعقد في جده بالمملكة العربية السعودية وحضرته مجموعة من الدول بهدف تشكيل تحالف دولي لمحاربة الارهاب قد اختار البلد الذي يعرف الجميع انه متورط في دعم الارهاب وتخصيبه ان لم يكن بلد المنشأ وأن اغلب الدول التي حضرت المؤتمر منخرطة في ذلك ماليا وعسكريا واعلاميا ولوجستيا ولاسيما قطر وتركيا حيث توفر الاولى الدعم المالي والاعلامي للمجموعات الارهابية في سورية والعراق بينما توفر الثانية الدعم اللوجستي والملاذ والممر الآمن لألاف الارهابيين وبشهادة الاعلام التركي نفسه والعديد من الساسة والاجهزة الامنية التركية والاستخبارات العالمية ، من هنا يطرح السؤال الذي يحتاج الى اجابة موضوعية وهو كيف لقوى ودول متورطة بإنتاج الارهاب وتفريخه وتمويله وتسليحه واستثماره ان تكون العنود الفقري في محاربته وتجفيف منابعه ومنع تمويله ؟ ثم لماذا تستبعد دول بعينها كانت ولا زالت ضحية الارهاب وفي خط المواجهة الاول معه ومع مصدريه ووموليه ورعاته وهي من دفع فاتورة الدم الاغلى في حربها ومواجهتها له ولعل المفارقة العجيبة هنا كيف تدعى مفرخة الارهاب وهي المملكة العربية السعودية وتستبعد مقبرة الارهاب وهي الجمهورية العربية السورية بجيشها وشعبها وقيادتها التي تصدت بكل شجاعة للارهاب العابر لكل الحدود ؟ اسئلة نضعها برسم المجتمع الدولي وكل من يبد الحرص على الامن والاستقرار في دول المنطقة والعالم علنا نجد إحابة منطقية وموضوعية وغير مسيسة ومقنعة للرأي العام في حدود دنيا على الأقل .‏

ان ما طفا على السطح خلال الايام التي تلت الاجتماع المكرس لتشكيل التحالف المشار اليه يعطي الانطباع بأننا امام تحالف أمني وسياسي أمريكي الهوية والملامح هو اقرب ما يكون الى المحور السياسي الذي يواجه دول وحكومات بعينها ولا شيء سوى ذلك ولعل مجمل التصريحات التي صدرت عن بعض اطرافه تدل دلالة قاطعة على ذلك ما يستدعي تحرير التسمية - وهي التحالف الدولي ضد الارهاب - من تلك التسمية المخادعة والمضللة وهذه مسؤولية كل من يعنيهم الأمر من وسائل اعلام وساسة وغيرهم حتى لا يقع احدا في مطب المصطلحات المدسوسة وثقافة التضليل والسطو على المفاهيم ؟‏

khalaf.almuftah@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية