|
متابعات سياسية ولعل أصدق تعبير عن هذه الحالة ما ورد على لسان أحد الكتاب الأميركيين الذين رأوا أن الولايات المتحدة أصبحت تشبه على نحو متزايد ثكنة عسكرية ، حيث يتم تحويل الأموال الهائلة لتمويل أدوات القمع والحرب الأميركية في أنحاء متفرقة من العالم ، وأن واشنطن تعمد إلى تأجيج الحروب من أجل صناعة الأسلحة لديها. وهذا الكاتب الأميركي هو جوزيف كيشور الذي لم يتوقف عند هذا الوصف بل أكد أيضاً أن تظاهر واشنطن بأنها تعمل من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان أو ضمان الديمقراطية ليس أمراً جديداً رغم ابتذاله ، أما مزاعم وزير الدفاع الأميركي بأن على الولايات المتحدة حماية أرضها وبناء الأمن على الصعيد العالمي فإنها برأي كيشور تعني في حقيقة الأمر أن على الجيش الأميركي أن يكون في موقف يمكنه من غزو العالم بأسره وأن يملك أموالاً غير محدودة تحت تصرفه لتحقيق هذه الغاية. المفارقة الأخرى أن الطبقة الحاكمة في أميركا كما يرى الكاتب لم تعد تتوقف عند حد ضخ مليارات الدولارات في آلة الحرب الأميركية ولم يعد هذا الأمر كافياً بالنسبة للجمهوريين والديمقراطيين بل إنهم باتوا يصرون على قطع التمويل المخصص للبرامج الاجتماعية الأساسية مثل الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي لصالح مشاريعهم العدوانية في العالم ، وأن الحرب أصبحت حجر الزاوية لسياسة هؤلاء ، فمنذ ما يقارب الربع قرن شاركت القوات الأميركية في سلسلة لا تنتهي من الغزوات والعمليات العسكرية. ورغم هذه السياسات العدوانية تستمر الولايات المتحدة في تضليل العالم ، وتدعي أنها تحارب الإرهابيين الأجانب الذين يلتحقون بصفوف التنظيمات الإرهابية المتطرفة في كل من سورية والعراق ويستمر مسؤولوها وبلا خجل أو استحياء مواصلة تصريحاتهم حول تقديم كل وسائل الدعم لأولئك المعتدلين المزعومين مدعين أن واشنطن ملتزمة بمساعدة أولئك الذين يسعون إلى الحفاظ على حق الشعب السوري باختيار مستقبل السلام على الطريقة الأميركية . وهذا النفاق والتناقض والازدواجية والتضليل الأميركي يدفع المحللين السياسيين إلى التشكيك في النيات الأميركية في محاربة التنظيمات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط تجعلهم يجزمون بأنه لم يعد هناك من يصدق الأكاذيب الأميركية لأن الولايات المتحدة والدول المنخرطة معها في حلف الناتو التابع لها لم تتدخل بأي شكل من الأشكال لمحاصرة الإرهاب بل منعت في السابق مجلس الأمن من إدانة ما تقوم به حركاته المتطرفة في المنطقة من جرائم وحشية لفترات طويلة . والمفارقة الساخرة أن الولايات المتحدة وهي تعد عدتها لتنفيذ كل ذلك العدوان على الشعوب تقوم باختراع المبررات المطلوبة تحت شعارات مكافحة الإرهاب مع أنها أكبر الداعمين له فتارة تقول أنها ستتعرض لهجوم وشيك على غرار هجوم الحادي عشر من أيلول وتارة تزعم أن الإرهابيين العائدين إلى أوروبا سيفجرون شوارع باريس ولندن خلال أيام, ورغم أن هذا الأمر غير مستبعد في ظل انتشار الإرهاب وعودة الإرهابيين إلا أن واشنطن تستخدم هذا الأمر لتحقيق أجنداتها ومصالح شركاتها الاحتكارية تحت شعارات حقوق الإنسان وحماية الشعوب المغلوبة على أمرها والمنكوبة بفعل سياساتها . إنها سياسات النفاق التي تحقق للولايات المتحدة ما تريد تحت هذه الشعارات البراقة ولكنها لن تستطيع خداع الشعوب التي خبرت أكاذيبها وتبنيها للحركات الإرهابية المتطرفة والإشراف على تمددها وانتشارها في العالم ، والأدلة أكثر من أن تعد وتحصى من اليمن إلى سورية والعراق وليبيا وتونس وفلسطين وأفغانستان . |
|