تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أكثر من سيناريو

إضاءات
الاثنين 30-10-2017
د.خلف علي المفتاح

لم تُبق القوى التي استهدفت الدولة السورية وسيلة إلا واتبعتها في سبيل تحقيق الأهداف التي سعت اليها وفي مقدمتها إسقاط نظامها السياسي وتدمير بنيتها العسكرية والاقتصادية والبشرية وجعل سورية كيانا ممزقا مقسما أو منقسما و متصارعا

وهذا كله جزء من مشروع أريد له أن يشمل كل دول المنطقة تنفيذا لنظرية الفوضى الخلاقة التي صاغتها ورسمتها مراكز الأبحاث والدراسات في مطابخ الغرب وتبنتها الإدارات الأميركية كاستراتيجيات تتعلق بمنطقة الشرق الأوسط عموما والمنطقة العربية على وجه الخصوص وفي القلب منها سورية.‏

لقد استخدمت القوى التي استهدفت سورية كل أشكال وأساليب العدوان العسكرية منها والاقتصادية والإعلامية وأفعال التحريض وكل أشكال القوتين الصلبة والناعمة وكانت الذراع العسكرية هي الأكثر استعمالا وأذية واستثمارا ومع كل ما جرى خلال سنوات العدوان استطاعت الدولة السورية بجيشها وتضحياته الجسيمة وشعبها وتماسكه وصبره وتحمله أشكال الضغط الاقتصادي والمعيشي والنفسي وثبات قيادتها السياسية على مواقفها المبدئية يضاف إلى ذلك دعم الأصدقاء والحلفاء أن تواجه المشروع العدواني وتمنعه من تحقيق أهدافه الكبرى على الرغم من الثمن الباهظ الذي دفعه السوريون بدون استثناء على الصعيدين البشري والمادي.‏

إن إيجاد مبررات لاستمرار العدوان وإبقاء نيران الحرب والصراعات مشتعلة في سورية وغيرها أصبحت مسألة واضحة للعيان والدليل على ذلك التصريحات الصادرة عن الإدارة الأميركية وبعض حلفائها والتي تؤكد استمرار مهمة قوات ما يسمى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب حتى بعد القضاء على داعش وغيرها من تنظيمات إرهابية ما يعني أننا أمام مشروع متعدد الأهداف والأدوات والذرائع ما إن ينتهي احد سيناريوهاته حتى يبرز الآخر مع سعي لإيجاد غطاء وذريعة له ولعل التركيز الغربي راهنا على إبراز فكرة الصراعات البينية لضرب الهوية الجامعة ومثاله القريب ما جرى في العراق هي مؤشرات إضافية على ذلك لجهة إدخال دول المنطقة ومجتمعاتها في صراعات جديدة بعد انتهاء مفاعيل أوراق الإرهاب أو انتهاء صلاحيتها وفشلها في تحقيق كل أهدافها.‏

إن حالة الانقسام والفرقة التي تعيشها دول المنطقة وغياب التنسيق والشراكة بينها وانخراط بعضها في مشاريع القوى الخارجية التي لا تصب إلا في مصالح تلك القوى هو الذي احدث الفراغ الكبير الذي افسح في المجال لاستيقاظ مشاريع هيمنة وتوسع كانت ولا زالت تعشعش في الخيال الغربي وانعشت أحلاما كامنة لقوى إقليمية وجدت فرصتها أيضا كي تجرب حظها لتتعملق على حساب العرب باحثة عن أي فرصة لتنقض على دوله استثمارا في لحظة الضعف تلك وتحت عناوين من قبيل الديمقراطية وحقوق الإنسان أو الحرب على الإرهاب لتعيد إنتاج حالة الاستعمار إما برداء الاطفائي أو حامل شعلة الحرية استثمارا في متقابلتي الجهل والغباء التي تعاني منها الكثير من مراكز القرار في منطقتنا العربية.‏

khalaf.almuftah@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية