|
الافتتاحية وكأن الذين قتلوا وقطعوا أشلاء خارج تلك الأبنية دم مباح.. أقول: رغم ذلك ترفض «إسرائيل» نتائج التحقيق، وبكل وقاحة تدعي أن تقرير اللجنة مسيّس ويحابي ضحايا غزة.. تصوروا..؟! وبشكل ما يرضخ الأمين العام للضغط الصهيوني.. الأمناء العامون للأمم المتحدة اتصفوا دائماً بصحوة الضمير، وبكل أسف شابت تلك الصحوة عندهم نقطة تحسب غير موضوعية للنفوذ الصهيوني في العالم. لا أعني أن هذا النفوذ لا يستطيع أن يفعل شيئاً أو أن يؤذي أي شخصية دولية، إنما أعني أن من يتصدى لموقع الأمين العام للأمم المتحدة، عليه أن يصرف نظره عن مثل ذاك التحسب، وينطق بصدق وصراحة دون خوف. منذ داغ همرشولد الذي دفع حياته ثمناً للضمير الحي والعين التي ترى ولا تغض النظر.. ولد التحسب لدى الأمناء العامين للأمم المتحدة، وعاصر كل منهم حالة دولية غضّ النظر فيها عن تحديات عدوانية إجرامية للبشرية والشعوب هنا وهناك. لا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة.. هذا صحيح جداً وعلمي.. وللأمناء العامين للأمم المتحدة كل الحق في الحذر من التحديات التي تواجههم.. لكن.. يجب أن يُجمَع الملف الذي يظهر التحديات الإسرائيلية الصهيونية للأمم المتحدة وأمنائها العامين تحديداً.. ليظهر معه حجم التحدي الذي يواجهه الضمير البشري بسبب الممارسات الإرهابية للكيان الصهيوني. بطرس بطرس غالي دفع ثمن تقرير مجزرة قانا الأولى الفريدة في التاريخ.. غلّب ضميره على تحسباته -وكثيراً ما تحسب على غيرها- لكن هذه كانت أكبر من أن يُخفى تقريرها. ربما أثّرت تجربة غالي على مواقف كوفي أنان.. وهو رجل متميز بجد.. فهماً وعقلاً وضميراً.. لكن.. وبكل أسف تردد أمام تحسباته الممكنة يوم جنين وتراجع عن الإدانة المسجلة. اليوم بان كي مون.. يبدو أنه أيضاً رجل متميز بعقله وفهمه أيضاً.. وهو أيضاً شديد التحسب الى درجة كاد يفرغ التحقيق من محتواه.. الذي نتمنى أن ينطلق منه إلى ما هو أكثر إيضاحاً لحجم الجريمة الإسرائيلية في غزة، لا أن يقف مبرراً الجوانب الأخرى للعدوان ومتهماً الضحية أيضاً. غزة ياسيدي الأمين العام تعرضت للقتل والموت في كل جوانبها.. أطفال ونساء ورجال لا يقاتلون، تحولوا إلى أشلاء داخل أبنية الأمم المتحدة.. وخارجها أيضاً. ...ثم... لا يزال الموت يتحدى غزة.. وضعها تحت الحرب.. ووضعها الراهن تحت الحصار يجب أن يتصدى له الضمير الحي.. وضميرك حي.. ومهمتك العالمية تقتضي بمنتهى الصدق أن يسمع العالم صوت ضميرك الحي. |
|