|
عن موقع فالميه منظومة S-400 في أجواء الدفاع الجوي التركي على شبكات F-35 و F-36 ما يعني أن امتلاك الناتو لهذه الطائرات لم يعد مجدياً بل أصبح في دائرة الخطر. إن منظومة S-400 لا يمكن أن تدخل في مدار شبكات الناتو، وبالتالي فإن القدرة الهائلة لهذه الصواريخ المضادة للطائرات قادت الرئيس التركي الى اتباع هذا الخط العنيد امام الضغوط الاميركية والحافز الحقيقي لاردوغان بامتلاك هذه الصواريخ رغبته في الاحتراس من وضع قد تتحرك فيه قواته العسكرية ضده. فصواريخ S-400 تتميز بمقدرات لا تمتلكها تركيا حاليا ولا يمكن ان تندمج في انظمة الناتو وبالتالي لا يمكن تعطيل فاعليتها كما حصل أثناء حرب الخليج مع صدام حسين حين اشترى انظمة دفاع جوية فرنسية لتعطيل فاعلية طيران التحالف، واذا عدنا الى تاريخ محاولة الانقلاب على اردوغان التي حصلت منذ ثلاث سنوات تماما نجد أن تاريخ استلام هذه المنظومة ليس صدفة بل كان شراؤها بهذا الوقت له معناه وأهميته، فمحاولة الانقلاب التي حصلت في تموز ٢٠١٦ كان قد تم التحضير لها من قبل سلاح الجو التركي وكان سيقودها طيران من صنع غربي حيث حاول طيارون اتراك اسقاط طائرة اردوغان، ولم يتدخل الدفاع الجوي التركي الذي يعد أحد انظمة الناتو كما ان سلاح الجو هذا هو احد الأذرع الأكثر اعتمادا على الغرب في الجيش التركي وهو لا يعتمد فقط على التجهيز والتصنيع الغربي كما السلاح الاخر انما يتلقى ايضا في جزء كبير منه التدريب المجاني من الدول الغربية وهذا من دون شك الخطر السياسي الاكبر على سلطة اردوغان في حال نشوب اي حالة تمرد بالاشتراك مع السلاح التركي لذلك لابد من الاستعانة بنظام دفاع جوي روسي ليتسنى للرئيس التركي ان يحمي نفسه من جيشه الخاص. هذا هو الموضوع الاساسي وفي السياق العام ان أمركة سلاح الجوي التركي هو أمر ثابت وصريح لذلك لابد لأردوغان من استقدام منظومة S-400 التي لا يمكن لأجهزة طيران الناتو أن تتصدى لنظامها لتكون قوة ردع ضد اي محاولة انقلاب جديدة وبالنظر الى الماضي فإن ذلك يعزز تفسير الوضع حول سلاح الجو التركي الذي بقي إلى زمن طويل تحت السيطرة الاميركية وتقنيا تابعا للناتو طبعا، وبالتالي فهو مخصص لإنجاز المهمة، اي ان سلاح الجو التركي هو امتداد مباشر لسلاح الجو الاميركي والى درجة غير معروفة في اوروبا لذلك ما تقوم به تركيا الآن سيسبب خللاً في التوازن الذي تفرضه الولايات المتحدة وبالرغم من رد الفعل المباشر من واشنطن فإن البيت الابيض يعمل حاليا على إعداد مجموعة عقوبات ضد تركيا تستند إلى قانون «معاقبة أعداء أميركا»، وبحسب مصادر مقربة من هذا الملف فإن مضمون هذه الاجراءات العقابية كان موضوع سجال كبير بين مسؤولي وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي مع البنتاغون وهي الآن جاهزة لتوقيع ترامب قبل نهاية الاسبوع من هذه العقوبات استبعاد تركيا نهائياً من برنامج طائرات ف-٣٥ حيث كانت أحد الشركاء الأساسيين في مشروع هذه الطائرات والتي من المفترض أن تتسلم منها مئة طائرة قريبا. أما بالنسبة لاستخدام منظومة S-400 فسيتم في المرحلة الاولى استخدام صواريخ 48N6E التي يبلغ مداها ٢٥٠ كلم والمنظومات التي تم استخدامها من قبل روسيا مجهزة بصواريخ يبلغ مداها ٤٠٠ كلم، ولن تكون المنظومة التي وصلت إلى تركيا جاهزة للعمل قبل عدة أشهر حيث تم تدريب عشرين جنديا تركيا عليها فقط وسيصل ثمانون آخرون إلى روسيا في نهاية تموز الحالي ليتلقوا تدريبهم، أما منطقة الانتشار المبدئية المحتملة للمنظومة الأولى فستكون حوالي أنقرة لحماية السلطان أردوغان اما المجموعة الثانية فسوف تتوضع على الشاطئ الجنوبي لتركيا حيث يمكن ان تغطي قبرص وتحمي المصالح النفطية شرق المتوسط وقد كانت تركيا قد بدأت التنقيب مؤخرا حوالي قبرص حيث إنها تحتل الجزء الشمالي من الجزيرة منذ العام ١٩٧٤، غير أن ادعاءها بحقوق التنقيب جعلها تمتد إلى جنوب الجزيرة، ما دفع الاتحاد الاوروبي الذي لا يعترف بهذا الاحتلال التركي لشمال الجزيرة إلى التنبيه بأنه سيعاقب تركيا على هذا الفعل. إن علاقة تركيا مع الولايات المتحدة والناتو ومع الاتحاد الاوروبي تسير نحو الاسوأ بينما الاستراتيجية الروسية البطيئة في جذب تركيا إلى جانبها تتقدم بشكل جيد. إن الاقتصاد التركي ليس بخير فتدخل تركيا العدواني في سورية وفي ليبيا كلف هذا الاقتصاد غاليا، وقد قام اردوغان مؤخرا بعزل مدير البنك المركزي التركي لانه لم يبد استعداداً لخفض معدلات الفوائد وأردوغان يعتقد ان الفوائد المرتفعة ستقود إلى تضخم مالي بينما ٩٩٪ من الاقتصاديين يعتقدون أن النسب المرتفعة أفضل وسيلة للوقوف في وجه التضخم، شركات ومصانع عديدة أبرمت عقود استدانة قانونية باليورو والدولار الأميركي وإذا خفض البنك نسب الفوائد فإن الليرة التركية ستنهار وسيصبح سداد الديون باهظاً فالعقوبات الأميركية ستفاقم المشكلة. قد يستطيع أردوغان امتلاك نظام دفاع جوي قادر على حماية العاصمة التركية لكن هذا القرار سيكلفه غالياً في مجالات اخرى كثيرة، روسيا مستفيدة من مشكلات تركيا ونتمنى أن تستخدم تأثيرها على هذا البلد كي يوقف الاعتداء التركي في سورية. |
|