تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تمرد الغياب

على الملأ
الثلاثاء 24-10-2017
معد عيسى

يتصدر موضوع الحديث عن الأسعار في الشارع السوري كل الموضوعات كما يتصدر الصراع بين وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك والتجار عناوين الصحف وصفحات التواصل الاجتماعية،

أما المواطن المعني الأساسي بالصراع فهو في حالة ترقب يسودها الأمل بانخفاض الأسعار تارة، وتارة أخرى الخوف من ارتدادات قد يدفع ثمنها مستلهما ذلك من التجارب السابقة التي انتصر فيها التجار على وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالنقاط.‏

من واجب ومن مهام وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ضبط الأسعار وهي تمتلك السلطة لفعل ذلك ولكن يجب أن يكون لديها وسائل وطرق وأدوات متعددة تدفعها بشكل مُنسق وعندما يتم تقديم أمر على آخر فالجبهة تشتعل مع التجار، فالسلطة تكون للقانون وللمنطق والواقعية لا بفرض الأمر الواقع مجرداً من الظروف ، أو نستحضر الظروف عندما يكون الأمر مطلوباً من الوزارة ونتجاهلها عندما يكون الأمر متعلقاً بالتاجر، وفي المحصلة فالمسؤولية تتحملها الوزارة، فالتاجر تمرّد لغياب الدور الفاعل للوزارة لفترات طويلة وحضورها بشكل مفاجئ.‏

بكل الأحوال الوزارة تبذل جهوداً لضبط الأسعار لكن الأمر يحتاج إلى ضبط واستخدام عدة سُبل وتقديم هذه السُبل على استخدام السلطة، فالوزارة تمتلك 1600 صالة ومنفذ بيع على مساحة الجغرافيا السورية وهي كافية لإحداث تدخل بالمواد والسلع الأساسية ولكن يجب أن تَعمل بمنطق التاجر الأصيل لا الوسيط، أي أن تقوم بالاستيراد المباشر لإلغاء عمولة التاجر على الأقل وعكسها على الأسعار، لا أن يتم التوريد عن طريق عدد محدد من التجار يتحكمون بالكميات والأسعار ويحتكرون بتغطية رسمية.‏

إن لم تتجه وزارة التجارة إلى الاستيراد المباشر والبيع عبر منافذها فلن تكون قادرة على السيطرة على الأسعار ولن تنفع كل الطرق لضبطها، والإغلاقات التي تتم للمحال التجارية بمجرد سماع وصول مراقب التموين أو مسؤول التموين هي أبسط تعبير لفشل أسلوب استخدام السلطة بشكل منفرد.‏

الوزارة يجب أن تضرب بيد من حديد في ميادينها المباشرة كالأفران مثلاً فالخبز الذي تُنتجه بعض الأفران لا يصلح للأكل بعد ساعة، وهنا يجب أن تتدخل الوزارة لأن الخبز مدعوم بكل مفرداته ومراحله وقد نجحت الوزارة في فترة سابقة في تحسين الرغيف لكن الوضع عاد كما كان سابقاً.‏

ضبط الأسعار مهمة شاقة يَصعب على الوزارة القيام بها بشكل كامل ولا يمكن لأحد أن يتجاهل الجهود التي تُبذل، ولكن تشتيت الجهود لقلة الكادر الموجود لدى الوزارة يجعل مهمتها صعبة جداً ونتائجها محدودة، ولكن لو تم توجيه هذه الجهود لقطاعات بعينها كالأفران فإن النتائج ستكون ملموسة عند الجميع، ولو لعبت الوزارة دور التاجر المباشر دون التاجر الوسيط لكانت نجحت بشكل أكبر وأجبرت التاجر دون أن تتدخل مباشرة معه من خلال إجباره على تخفيض الأسعار أسوة بالمواد التي توفرها بسعر أقل.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية