|
ملحق ثقافي ربما هي خصوصية الشاعر وهو يلاقي نهايته، فيصرّ أن يرسم المأساة ويلوّنها برؤيته القلبية أو ببصيرته! قد لا تكون هذه خصوصية الشاعر فقط، بل لعلها خصوصية الرائي، وباعتقادي أن الشاعر كائن راءٍ وإلا فلن يكون شاعراً! من غير الشاعر إذاً يمتلك موهبة زخرفة النهاية المأساة بلون الفرح، وببريق الأمل، من غير الشاعر قادر على توليد المستقبل من رماد الحرائق! قد يمتلك الإنسان- الرائي شاعراً كان أو فناناً أو حكيماً أو شخصاً عادياً خَبِر الحياة واستخلص حكمته الخاصة منها، مثل هذه الرؤيا، لكن الأمر يختلف بناءً على الأثر الذي يتركه أي منهم في محيطه، وأعتقد أن الشاعر أو الكاتب أو الفنان هو الأقدر على التأثير في المحيط ولو جاءت النتائج بطيئة ومديدة المفعول. إذا تكاملت الرؤيا الصحيحة أو الاستشراف مع القدرة على التأثير، سيكون لدى المجتمع مثال أو قدوة تتناقل الأجيال أقوالها وأفعالها، وهذا لا يتأتى لأحد إلا بعد فعل كبير يترك علامة فارقة في تاريخ الشخص المثال، وعلامة فارقة كذلك في تاريخ الجماعة التي ينتمي إليها. قد تصبح النهاية المأساوية لشخص كهذا هي العلامة الفارقة، كما نهاية لوركا، أو آرنست همنغواي أو سيلفيا بلاث، أو فروغ فرخزاد وغيرهم الكثير، (الرّماد وحده يعرف معنى أن نحترق حدّ التلاشي.... ليس بوسع الرّيح أن تحمل معها كلّ ما يصادفها، والمكنسة مهما كانت فضفاضة، ليس بإمكانها جمع كلّ الأشياء). من يملك القدرة والرغبة أولاً على خلق جديدٍ من رمادٍ سيكون مثالاً يحتذى. من يبشّر بقدر مغاير، من ينثر بذور الأمل في كل الشقوق الجافة، يمكنه أن يكون الرائي الذي تحتاجه هذه الجماعة أو تلك، شاعراً كان أو غير ذلك. لا شيء يبدو نهائياً ودائماً سوى صيرورة الحياة... الحياة فقط هي الباقية إلى ما لانهاية. ثمة روابط بين الرائي والراوي: الراوي من يروي الأرض، ومن يروي الحكاية، كل شخص قد يكون راوياً، ولكن من يمتلكون الرؤيا قلائل جداً، بل قد يكونون عملة نادرة، وللشخص الرائي مواصفات عالية قد تكون فوق بشرية، أو فوق اعتيادية، وهؤلاء بطبيعة الحال نادرون. مازالت حكمة زهير بن أبي سلمى والمتنبي وغيرهما خالدة حتى الْيَوْمَ، هل يملك الحاضر رواةً رؤيويين يستشرفون للجيال القادم قبل مجيئه! |
|