تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الشرطة في خدمة الشعب...الحاجة إلى الترميم

فضائيات
الاحد 25 /6/2006
علي حمرة

جاء على الموقع الالكتروني للتلفزيون السوري أن الشرطة في خدمة الشعب برنامج تنموي إرشادي أسبوعي

يهدف لنشر الوعي والالتزام الطوعي بالقوانين والأخلاق العامة,وذلك من خلال التحقيقات المصورة واستضافة عدد من المسؤولين في وزارة الداخلية,ويريد أن يقول البرنامج بأن لكل جريمة عقاباً مهما طال الزمن.‏

نصيحة...لأخي المواطن‏

تخرج المذيعة في الهواء الطلق لتتحدث إلى الأخوة المواطنين أمام الكاميرا,وبهدف نشر الثقافة المرورية تقف على الرصيف دلالة على حثها المواطنين لأن يتقيدوا بنظام السيرثم تنطق بإحدى الفقرات التي قد تكون مأخوذة من أحد كتب الثقافة المرورية والسير على الأقدام في زمن الازدحام, قراءة تلقينية ثم تنهي التحقيق بنصيحة لأخي المواطن.‏

إلا أن أخينا المواطن وبنقاش موضوعي لم يستفد من هذه النصيحة قيد أنملة,فهذه النصيحة لا يحتاجها أخونا المواطن والدليل هو التسيب الكبير في موضوع المرور تحديدا.‏

لم يمسك البرنامج في يوم من الأيام شرطيا واحدا وهو يلصق المخالفة الإجبارية للسائق,ولم يركز على حل الإشكال القائم مثلا بين السائقين وشرطة المرور أو لم يتطرق إلى موضوع الازدحام الذي يكون سببه بعض عناصر شرطة المرور أنفسهم ,ولا يناقش أسباب المخالفات وما الذي يدفع المواطن للمخالفة ومن يشجعه عليها...الخ‏

ثم أين التحقيق في هذا التحقيق?أين الميداني طالما ان المذيعة تتمترس في نقطة واحدة من الميدان ?!‏

بالجرم المرئي والمسموع‏

بعد أن يقوم قسم الشرطة المعني(بنهنهة)المجرم اللعين الحقير وبعد انتزاع الاعترافات منه وهو بكامل قواه العقلية والجسدية المنهارة,وبعد انتهاء التحقيقات,يبدأ المذيع تحقيقه العلني المرئي والمسموع مع المجرم أمام المشاهدين إذ يصفعه بسؤال أخلاقي فيه الكثير من الحسرة والتأوه .‏

من أولها..كيف تم التخطيط للجريمة?‏

قبل أن ينتهي المجرم من روايته, يتحرك المذيع ويصدر أصواتا متممة لحديثه ولكن بسخرية الهدف منها إيصال الفكرة وإزعاجه .‏

في هذا الوقت قطع إلى مشاهد المسروقات حيث تدور كاميرا البرنامج بتأن على المسروقات دورتين أو أكثر, وبعد شرح تفاصيل الجريمة من قبل المجرم نفسه يصل المذيع إلى سؤاله الحنون,الشجي :‏

أنت هاللق ندمان?‏

ليبكي المجرم...يبكي ويبكي..ويجيب ندمان..يا سيدي والله ندمان.‏

المذيع:طيب أنت كيف طاوعك قلبك واقترفت هالجريمة?‏

المجرم:غلطة,ندمان يا سيدي والله ندمان.‏

لقاء المسؤول‏

في أحد المكاتب يسأل المذيع سؤالاً واحداً هو كيف تم اكتشاف الجريمة? بينما يترك العنان للمسؤول في الحديث عن الحنكة والمكر بمراقبة ذاك المجرم منذ وقت طويل.. وأن الصدفة وأخواتها لا مكان لهم في كشف المجرمين, إنما هي خيوط تمت متابعتها بدقة وعناية.‏

أنا مع تلك الجهود لكنني لست مع أن يترك المسؤول ليتحدث عن إنجازاته كيفما شاء من 7-10 دقائق.. دون أدنى توجيه للحديث.‏

من جهة أخرى لماذا يقتصر البرنامج على صغار المجرمين.. أين كبار المجرمين والسارقين.. وأين هم من أسئلة المذيع والكاميرا والمايك.‏

ندمان يا سيدي‏

ندمان يا سيدي.. والله ندمان.. تلك العبارة التي يعتذر بها كثيرون.. قد تكون أكثر ملاءمة للعنوان من (الشرطة في خدمة الشعب ) الذي يقال عنه إنه برنامج تنموي.. لكن التنموية هنا جاءت بقصد تنمية معارفنا بالمجرمين وصغار السارقين الذي حفظوا البرنامج عن ظهر قلب.. وباتت عبارات ندمان يا سيدي.. والاعتذار عن الخطأ والجريمة على الملأ هي أعمدة وأدوات البرنامج.. وبات المجرم الصغير يتهيأ لحفظها قبل الإقدام على جريمته..‏

أخيراً‏

الشرطة في خدمة الشعب برنامج انطلق في بداياته بقوة.. لاسيما في موضوع كيفية كشف خيوط الجريمة ومتابعتها.. وتمثيل الجريمة من خلال مشاهد ومقتطفات.. ومازال هذا الجانب هو الأبرز في البرنامج وهذه أقوى أدواته من حيث الإثارة والتشويق عبر تمثيل الجريمة كحدث درامي, وقد نجح البرنامج من هذه الزاوية في استقطاب مشاهدين كثر لكنه يفقد مصداقيته عندما يركز الضوء كل هذه السنوات على صغار المجرمين والحرامية والسارقين والنشالين, بينما يتجاهل مشكلات أخطر وتجاوزات أكبر لمسؤولين وغير مسؤولين ع.المكشوف‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية