|
فضائيات لاتجده عند باقي الأمم. ولكن هذا لايمنع أن تنتهي هذه الأمور العارضة, كفواصل الترفيه, ليبدأ البث الحقيقي لهذه القنوات.
وأقول: بثاً حقيقياً, لأن التغني بالعروبة, يظهر كشيء طارئ لايطول كثيرا, ليحل محله سيل من الترويج للغرب وحضارته وتراثه وقهره الفج للآخر , على حساب الترويج للعرب. الغرب ليس واحدا دائما, فهو متصارع فيما بينه حسب المصالح, وهو متصالح مع نفسه متى وجد ذلك حسنا. أما الولايات المتحدة, فليست جزءا غربيا صريحا, إنها الولايات المتحدة بفرادتها, وعنفوانها وتجاهلها للعالم كسيدة مطلقة, التي اقتحمت كل حصانات الأمم, وشرعت لنفسها تغيير كل الإيديولوجيات, ليصبح كل من يفكر, عليه أن يتشبه بها. تصر إحدى القنوات العربية, بين فينة وأخرى, على عرض أفلام هوليودية, ممولة خصيصا لتشويه صورة المواطن العربي والعرب جميعا. وربما تكون الحرية والسماح للرأي الآخر هما السبب في هذا الترويج, ولكن هل تسمح الديمقراطية الغربية وحرية التعبير لديهم بعرض فيلم واحد لايشوه العرب, بل على أقل تقدير يصور وجههم الحقيقي? -عرضت قناة MBC2 فيلما يصور حرب تشرين عام 1973 في أول مقطع ظهر على الشاشة. ومن ثم تسقط طائرة اسرائيلية كانت تحمل قنبلة نووية في أرض الجولان السوري. وبفعل وزن القنبلة, تغرق في الرمال, ثم تأتي العوامل الجوية لتساعد في دفن القنبلة وإخفائها, وبعد مرور 29 عاما, أي في العام ,2002 يعثر فلاح سوري على القنبلة, أثناء قيامه بالحفر في تلك المنطقة, ويقوم بحملها في سيارته, ويأخذها إلى خيمته, حيث يقوم بعرضها للبيع, يأتي تاجر غربي ويشتري القنبلة من الفلاح بمبلغ 400 دولار. يركز الفيلم على غباء العربي, حين يقتنع بكلام الغربي بأن القنبلة لاتساوي شيئا. ثم يظهر الفيلم أيضا أن العربي لا يملك قيما ولا أخلاقا, حين يقبل مبلغ 400 دولار, ليس ثمنا للقنبلة, بل ثمن ابنه الذي مات في الحرب ضد اسرائيل ويكون العربي سعيدا, وعاجزا عن الشكر لهذا الكرم الهائل. يقع الفيلم في عدة هفوات, تبين كم يسعى منتجو الفيلم إلى الترويج البشع ضد العربي: فالسيارة التي يملكها العربي, مجهزة برافعة, حملت القنبلة. وهذه السيارة, لايقل سعرها عن 20 ألف دولار. وفي هذه الحال, لن يكون العربي ممتنا للمبلغ الضئيل الذي قدمه الغربي ثمنا لدم ابنه. ثم انه في العام ,2002 وقبل ذلك بكثير كانت الخيم قد انقرضت, ولم يعد العربي يعيش فيها. وهذا إمعان من الفيلم في تصوير العربي بمظهر الانسان المتخلف الهمجي. هوليود وأخواتها تنتج أفلاما تلغي وجودنا, وإن رأفت بنا, فإنها تعيدنا الى العصور الحجرية, وتصورنا كبدائيين بلا قيم ولا مبادئ, ولا حتى عقل. ونحن بدورنا, ومع وجود مئات القنوات, لا نقوم بإنتاج فيلم, ندافع فيه عن أنفسنا, وبدلا من ذلك, نستقبل الأفلام الهوليودية بشكر جزيل, لنعرضها في قنواتنا, إلى جانب الراقصات وسيدات التنجيم والخزعبلات. |
|