|
دراسات فالديمقراطيون المسيحيون حكموا بين عامي 1966-1969 تحت إدارة مستشار (مسيحي- ديمقراطي) ونبالغ إذا قلنا إن التحالف بين وسط اليمين ووسط اليسار لتحديد مصير القوة الصناعية الاوروبية الأولى هو أمر طبيعي. فهذا التحالف مجرد حل مؤقت لظروف استثنائية. يقول هلموت سميث إن البلاد مرت بركود اقتصادي عام 1966 وهي كارثة الموازنة, وكذلك بانشقاق في الحزب الديمقراطي المسيحي الذي اعتبر حزب الحكومة على الإطلاق. وقد عمل بعض أعضاء الحزبين على جمع شمل المسؤولين من كلا الطرفين. فكل طرف كان يجد فوائده مكملة للثاني للتوصل إلى حل قريب في (اتحاد مقدس) لا نجده لدى غيرها من الديمقراطيات إلا في زمن الحرب. بعد أربعين عاماً من ذلك تقريباً, هاهي نفس الظروف الاقتصادية الصعبة, من أموال عامة سيئة ولزوم فرض إصلاحات اجتماعية وكذلك حسابات برلمانية. كل هذا يفسر ضرورة اللجوء إلى هذا الشكل الاستثنائي من التعاون بين حزبين كبيرين أحدهما محافظ والآخر اجتماعي بحال لم يكن التحالف الكبير طبيعياً, إلا أنه وارد وذلك لأسباب تاريخية ومؤسساتية واجتماعية. إن تجربة جمهورية (ويمر) (1918-1933) أول ديمقراطية على الأرض الألمانية, التي دمرتها المأساة النازية كان لها وقعها على تشكيل الجمهورية الفيدرالية لما بعد الحرب العالمية الثانية وقد أخذت ألمانيا من تلك التجربة دروساً إيجابية وسلبية. ويؤكد المؤرخ هنريتش أوغست وينكلر أن ويمر أثبت عدم قابلية استمرار الجمهورية مالم يكن هناك تحالف بين الاجتماعي المعتدل والبورجوازية الديمقراطية. بين الحزب الاجتماعي الديمقراطي كممثل عن الطبقة العاملة والوسط. وقد أثبت ذلك كارل كوتسكي وهو منظّر من الحزب الاجتماعي الديمقراطي الألماني قبل وبعد حرب 1914-.1918 ويؤكد أنه بدون هذا التحالف كان يمكن لألمانيا أن ترزح تحت سلطة الشيوعية. بعد خمسة عشر عاماً من ذلك, دفع إخفاق التعاون نحو النازية وفي هذه الأثناء, كانت جمهورية (ويمر) قد عرفت عدّة حكومات تحالفية عام 1926 ثم عام 1928 ثم 1930 وآخر تحالف أخفق حول مسألة تطهير أموال إعانة البطالة حين أراد الحزب الاجتماعي الديمقراطي زيادة الحصص, والوسط تقليص إعانة البطالة. بعد عام 1945 تذكر ممثّلو الحزب الاجتماعي الديمقراطي والديمقراطي المسيحي اللذين استلما مركز (زانتروم) دروس ويمر وشكلا في البداية حكومات جمعا فيها جميع الأحزاب في مناطق لاندر من مناطق الاحتلال الثلاث الناجية من يد الدولة النازية, وهذا بعد إبعاد الحزب الشيوعي عن التحالفات الكبيرة وقبل أول انتخابات برلمانية عام 1949 اختار البعض تشكيل تحالف كبير على المستوى الفيدرالي ولم يتبعوا طريقة كوانراد أدينور من الاتحاد المسيحي الديمقراطي, والذي انتخب مستشاراً في (البرلمان الالماني) بفارق صوت. على كل الأحوال, أتاحت الفيدرالية ممارسة ما يطلق عليه الألمان ( ديمقراطية التوافق). تعتبر مناطق لاندر مختبرات لتمركز التعاون العملي بين مختلف الأحزاب وتحالفاتها. إذا اعتبرنا التحالف الكبير استثناء حين يقصد به تشكيل حكومة فيدرالية, فقد كانت وستظل أمراً شائعاً في الحكومات الإقليمية. التركيبة الفيدرالية بحدّ ذاتها تشجع ( ديمقراطية النقاش) لأنها تضطر عدة قادة على الاتفاق قبل التوصل إلى اتفاقات مع الحكومة الفيدرالية, فأغلبية مختلفة في البرلمان تنشىء تحالفات كبيرة, لأن الحكومة المركزية بحاجة لمناقشة وإبرام تسويات مع أحزاب المعارضة للبرهنة عن مشاريعها. ما يقارب ثلثي القوانين تتطلب موافقة البرلمان. قد يتغير هذا الوضع بحال قام الحزبان الكبيران بالاصلاح الفيدرالي في حينه, والذي التزما فيه عام 2004 ضمن لجنة ضمت بجو من التواطؤ. فرانز مونتغيرينغ رئىس الحزب الاجتماعي الديمقراطي وإيدموند ستوابيه مدير الاتحاد المسيحي الاجتماعي وهذا أيضاً نموذج من التحالف الكبير بشكل صغير. يمكننا أن ندرك ما ورثه ويمر من خلال العلاقات بين الشركاء الاجتماعيين فعلى نقيض سنوات 1920-1930 سعى أرباب الأعمال والنقابات لوضع بنى تساعد في تجنب التناقضات وتسهل الحل التفاوضي للصراعات. الانشقاق في وسط الطبقة العاملة بين الاجتماعيين الديمقراطيين والشيوعيين قادت الاجتماعيين للتدرب على الديمقراطية البرلمانية. بعد الحرب العالمية الثانية, حدثت هذه القطيعة ثانية في ألمانيا تحت شكل الانقسام إلى دولتين, الواحدة في الشرق التي أعلنت (الاشتراكية الحقيقية) وظهرت- بشكل النموذج- الضد وفي الغرب- على النقيض- طوّرت أسلوب تسوية اجتماعية ثبتت ( الرأسمالية التوافقية) التي وجدت انعكاسها على المستوى السياسي. الاتحاد المسيحي الديمقراطي هو حزب شعبي يضم مئات الآلاف من الأعضاء, بدرجات وعي متفاوتة مع جانب اجتماعي وتوجّه منظم وهذا التوجه يمتلك أكثر من نقطة مشتركة مع الحزب الاجتماعي الديمقراطي. ودون شك, يرغب تحالف الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاتحاد المسيحي الاجتماعي الحدّ من ازدحام الشركات. لكن هذا تحت ظل إحدى حكوماته حيث بدأ هذا الازدحام- منذ سنوات 1950 في قطاع الكربون والحديد. كما أراد كونراد شراء موافقة النقابات لسياسته في التسليح الجديد. تفسر شبكة البنى السياسية- الاجتماعية هذه أن هناك تحالفاً كبيراً بين اليمين واليسار لا يمكن أن يشكل عدم لياقة في ألمانيا. لا سيما إذا كان مؤقتاً (عابراً ). وفي نهاية أعوام 1960 فهناك مثقفون مثل الفيلسوف كارل جاسبر والكاتب غونتر غراس نددوا بحكومة التحالف الكبير باعتباره ( اتحاداً ضد الطبيعة) وتعتبر هذه أول خطوة نحو تلاشي أي معارضة وبداية نظام الحزب الواحد, مالم نقل انحرافاً نحو الفاشية. إن معارضة اليسار في الوقت الحالي وضحت فكرتها للعلن, وأن النازيين الجدد استفادوا من ذلك ليدخلوا بشكل مؤقت في برلمانات إقليمية. وقد تكشفت مخاوف المثقفين الألمان عن المبالغة في القول إن التحالف الكبير كان مجرد تحالف مؤقت, يعلن عن إعادة توزيع الأوراق. فهناك سبب وجيه يجعلنا نراهن أن هذا التحالف تم تلقائياً هذه المرة. |
|