|
ثقافة فرح الجوخدار من جمعية العاديات في حمص التي استطاعت بمحاضرتها حول العمارة والهوية ان تستقطب جمهورا نوعيا ومتميزا لطالما افتقدناه في الكثير من المحاضرات والندوات والامسيات ولعلها تمكنت من الاقتراب الحنون من ضفاف جرح لم يندمل بعد في النفوس اثر كل ما حدث من تشويه - اي اعادة تأهيل- في عدد من شوارع حمص الجميلة وجاء اعدام اشجار الاكاسيا مؤخرا ليطلق آهة مكبوتة في صدور كل العاشقين لأريج الاكاسيا ولذكريات الماضي. السيدة فرح الجوخدار قالت للثورة: العمارة والهوية لأن الهوية مسألة تدخل في العمارة كونها فن من الفنون كما الادب والشعر وهو موضوع حساس تفرض الخوض فيه اليوم الازمة التي نعيشها على كافة المستويات والتي تعيشها مدننا وتقودنا في نهاية المطاف الى مأزق, اي الوصول الى مدن من دون هوية. لقد عرضت لنماذج معمارية من بلدان عربية عديدة للتأكيد على ان العمارة تحتاج دوما الى الحوار والتبادل الثقافي والى رؤية ما يحدث حولنا في الغرب او في الوطن العربي والهدف من عرضه كل ما يحدث من تطور معماري في الوطن العربي هو معرفة موقعنا الصحيح على خارطة الابداع المعماري. اما عن الهدف الحقيقي المراد من المحاضرة فهو معرفة التكيف بين الحداثة والاصالة واظهار انه من الممكن الوصول الى عمارة شديدة التطور بل على قمة التطور وشديدة الاصالة في الوقت نفسه . وتابعت السيدة (فرح) لقد اتخذت من مدينة حمص مثالا بسيطا يمكن ان يوضح تماما لماذا وصلت العمارة في سورية الى هذا المستوى الرديء والسبب ناتج عن احادية الرأي وعدم وجود بيئة ومناخ مناسبين كي تتطور العمارة الاصيلة والسليمة, اما البدائل فتتجلى في تطوير التعليم الجامعي بالدرجة الاولى في كلية الهندسة المعمارية وايجاد البيئة والمناخ المناسبين والحد الادنى من الحوار وتبادل الافكار فاذا ما اردنا للعمارة ان تتطور لابد من توفير جو من التنافس والحوار والابتعاد عن احادية الرأي والانتقائية. ورداً على سؤال (الثورة) حول اعادة بناء بعض القصور او المواقع الاثرية في المدينة السياحية المزمع انشاؤها في حمص اجابت : مبدئياًَ انا لست ضد هذه المسألة لكن المشكلة اعمق من ذلك بكثير فنحن نعاني اليوم من ازمة هوية في العمارة ماذا سنترك بعد 20او 30 سنة لأولادنا ? قد نعيد بناء بيتين او ثلاثة او اكثر ولكن ماذا عن عشرات بل مئات الابنية التي تشاد يوميا ارى ان المشكلة الحقيقية تكمن هنا , البحث عن الطابع ,وقد تركت في محاضرتي سورية مفتوحة لرأي كل انسان اذ لربما كان رأيي موجعا لكني اعتقد ان الرسالة التي اردتها قد وصلت فالحزن الذي تجلى في نفوس الحاضرين خير دليل . وكانت المحاضرة قد عرضت عددا كبيرا من ( السلايدات) والصور لنماذج معمارية من انحاء الوطن العربي وقالت خلال العرض, لعلكم تشاركونني الاحساس اننا وبالحضور الطاغي للطابع العربي للنماذج التي تم استعراضها على اختلاف الاقطار العربية وامتداد مساحاتها الجغرافية قد عدنا ننشد وبلغة مختلفة لغة التراب والحجارة والمعدن -عدنا ننشد من جديد ورغم كل التحديات والحواجز ما ربينا عليه صغارا: بلاد العرب اوطاني من الشام لبغدان ومن نجد الى يمن الى مصر فتطوان وخلال عرضها لمجموعة من الصور لمدينة حمص الحبيبة والتي رأت بأنها تصلح تماما لاستقراء المستقبل المعماري لمدننا السورية وتضع الاصبع على الجرح تساءلت: الى اين تسير مدن يتعامل القيمون عليها مع مواطنيها وذاكرتها واشجارها بهذا الشكل التعسفي والفردية في اتخاذ القرارات? الى اين تسير مدن يتعامل القيمون عليها مع نواتها التاريخية بهذا الشكل من الاهمال للقديم والابتذال والزيف المعماري في معالجة الحديث ضمن الاسوار ?! |
|