تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


معنيون بالحقيقة.. لا بالصفقات والتنازلات

قضايا الثورة
الثلاثاء 13/12/2005م
محمد علي بوظة

ما من شك في أن حديث السيد الرئيس بشار الأسد للتلفزيون الروسي القناة الثانية, والذي بث ونشر عشية مناقشة مجلس الأمن لتقرير رئيس اللجنة الدولية,

المكلفة بالتحقيق في جريمة اغتيال الحريري ديتيلف ميليس, وهو الثاني له والأخير قبيل انتهاء مهمته واعتزامه تقديم الاستقالة, ومع غرق الأبواق السياسية والإعلامية الموجهة المستقوية بدعم بعض القوى الكبرى ومظلة التدويل, في وحول ومستنقعات الكذب والتضليل المفضوح والمشاركة في الحملة الظالمة على سورية, والمصرة بدفع وتحريض أميركي-صهيوني على التسييس والاستثمار لهذا الملف إلى أبعد الحدود, وصولاً لملفات أخرى ساخنة تتصل بالصراع وفلسطين والعراق والمقاومة وسلاحها ومستقبل السلام, مطلوب إغلاقها وحمل سورية على التخلي عنها وتقديم التنازلات تجاهها, قد قدم كالمعتاد إضاءات جديدة لجوانب الموقف السوري حيال العديد من المسائل والقضايا, وقراءة دقيقة متعمقة وشمولية للأحداث والتطورات تحيط بصورة الأوضاع, وترسم الحلول العملية والناجعة لها وتطمئن رغم قساوة وشراسة الهجمة, أن في هذه الأمة المخزون الذي لا ينضب من العنفوان والكرامة والإباء, الرافض للانحناء أمام العواصف والتحديات مهما اشتدت وتعاظمت.‏

لقد جاء الحديث حازماً وحاسماً يقطع الطريق على المتاجرين بدم الحريري, ومن يتولون بحماس واندفاع هيستيري نيابة عن قوى خارجية معروفة يدينون بالولاء لها, ويلعبون أدوارالبيادق والأحصنة الرخيصة المدفوعة الأجر في أجندتها, مهمة التشويش للتأثير على مجريات التحقيق, ومزاولة الدجل والكذب وسياسة الهروب والمناورة كلما ضاقت الحلقات حولهم, وتكشفت أكثر طبيعة اللعبة والمسرحية التي تمارس عبر الساحة اللبنانية, ومن خلال بعض الجهات الحاقدة, للنيل من سورية وصلابتها ومواقفها, ويسقط في أيديهم ويعري مزاعمهم تلك التي تختلق كل يوم وبعد صدمة انهيار التقرير الأول, وافتقارالأدلة وافتضاح أدوارهم في صناعة وفبركة شهود الزور, الكذبة تلو الأخرى وتزعم أن هناك صفقات وتسويات جرت وتجري بين سورية ولجنة التحقيق أو الأمم المتحدة وقوى خارجية.‏

فالرئيس الأسد أوضح بصورة قاطعة لا تقبل الجدل أن سورية تدعم هذه اللجنة, ولا خلاف ولا تعارض بيننا وبينها, ولكن هناك أداء سياسي يحيط بلجنة التحقيق ويحاول أن يشوش على العمل الحقيقي المفترض أن تقوم به.. والتسوية الوحيدة هي أن تعمل اللجنة بشكل مستقل ونزيه واحترافي وبعيد عن السياسة, وأن تصل لأسباب هذه الجريمة والكشف عن الجهة المدبرة والمنفذة لها, وصولاً إلى الحقيقة التي نريدها جميعاً وتريدها سورية باعتبارها المتضرر الأكبر من هذه الجريمة وتغييب الفاعل الحقيقي, عندها ستكون التسوية إن سميناها تسوية.‏

لقد أكدت سورية ولا تزال تؤكد أنها معنية بالوصول إلى الحقيقة وجلائها, لأنها تخدمها وتخدم لبنان واستقرارالمنطقة, وليست معنية بالتعامل مع أي شيء له علاقة بالتسييس والتوظيف الكيدي والثأري للتحقيق, من أجل تصفية حسابات قديمة أو جديدة لبعض القوى الخارجية, وبأمل انتزاع تنازلات منها على حساب مبادىء وقيم ومفاهيم هي بمثابة ثوابت مقدسة وخطوط حمر لها ولسياستها, كما أنها ليست معنية بكسب ود ورضى إدارة أشهرت مخططها ومشروعها (الشرق أوسطي), وجندت وحليفها الصهيوني ترسانتها وآلة حربها لاجتياح المنطقة وتعميم الحرائق والفوضى فيها, انطلاقاً من فلسطين المحتلة والعراق ولبنان الذي نجحت في اختراقه وجعله تحت وصايتها بغطاء دولي, وباشرت باستخدام (قميص الحريري) تحويل هذا البلد إلى خنجر في الخاصرة السورية والعربية.‏

سورية لاعب رئيسي ودولة مهمة وصاحبة دور أساسي ومحوري في استقرار المنطقة وفي صياغة وصنع السلام, وأي تجاهل لهذه الحقيقة أو محاولة للقفز فوقها, بل أي تفكير في محاصرتها والضغط والتضييق عليها ومعاقبتها, وأخذها بالطريقة والسهولة التي يتصورها البعض أو إجبارها على تقديم التنازلات, هي حسابات خاطئة لن تحقق شيئاً ولن تعود على أصحابها بغير الخسارة, وستدفع باتجاه الاضطراب لكل المنطقة, وتالياً سيدفع العالم كل العالم الثمن.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية