تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


محطـــــــات ثقافية

ملحق ثقافي
13/12/2005م
فايز خضور

مابين التألق والتردي،ينوس واقعنا الثقافي، والأدبي منه حصراً.بعدما تساوى التنك بالذهب، وطفا الماء فوق الخشب.

وبعدما سمحت وسائل الإعلام« الفضائي» لكل من هبَّ ودبّ، ولكل من تبندقت أمه، وتزندق الأب، أن يقترف مايريد، ويذبح الحقيقة من الوريد الى الوريد، باسم الحرية والديمقراطية، اللتين أضحتا في هذه الفوضى البليدة، «لقيطتين» بكل ما تعنيه الكلمة. فهل لغيوم الواقع الاs قتصادي- المحلي والعالمي- أثر فاعل في ذلك...؟! بعضهم يقول: ربما. والآخر يقول:كلا. وأنا أؤكد :« نعم».لأننا عندما نقول« الواقع»، نكون قد وضعنا أنفسنا في «حراك» واحد، مع الموروث، والمعطى، والناتج. فلا مكان للحلم، وشفافية المخيلة، إلاّ بالقدْر الذي نزيِّن بهما حيوية الحياة- المعيشة، لنلطِّفَ من مناخات اليباس والحرمان، والافتقار الفاجع..!! بعض المتقولين يرون أن الثقافة- والأدب خاصة، تزدهر إبّان البؤس الاقتصادي :الخاص والعام. وهذا كلام لامعنى له، ولامنطق ذا جدوى فيه.فالإنسان متعدِّد، ولكن في «جبلَّة واحدة»، وكما قيل:إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد. فمنطق الوجود، هو منطق تكاملي، راديكالي، في أقصى تجلياته، حيث التاريخ، والراهن، والمقبل، يؤكدون ذلك، والتجارب كانت أوضح برهان، وأدحض حسم، إذ لاينبغي أن يموت الذئب، أو تفنى الغنم، لأن جدلية الحياة تقتضي وجودهما، ولكن في إطار عدالة الوجود والطبيعة.! إن تشكُّلَ صيرورة« وحدة الوجود»:مادياً وروحياً، هو البتُّ في واقع الحال، إذ لاحياة للمادي إذا لم يتواشج بالروحي، لينهضا معاً، ويقدّما شكلاً وتشكيلاً لهذا الوجود الهائل، الجميل، حتى في بعض مرايا قبحه. وهنا تكمن أهمية المعاناة، وعمق التجربة، في كيان المبدع..!! بالرغم من مرارة« الانتظار»،كان وميض السلامة كامناً وراء فكرة تعتبر كشفاً ابداعياً- تحليلياً، أثارها الناقد الكبير حنا عبود، في كتابة له اخرجتني من الحيرة، وخلصتني من ممر النار، معافى،و لكن إلى حين..!! إنها الفكرة القريبة من هيكل« النظرية». حول ما يمكن أن يدعى« الاقتصاد الأدبي»،الذي انبثق عنه فيما بعد «الاقتصاد اللغوي»،فكيف تمت لنا مقاربة الموضوع؟! يقول الناقد في معرض حديثه عن رواية« عشيق الليدي شاترلي» للكاتب البريطاني« د.هـ.لورانس»:إن الاقتصاد الأدبي هو الوحيد الذي يدلنا على طريق الخلود فهي من أعظم الانتاجات التي قدمها الاقتصاد الأدبي في أعقاب الحرب العالمية الأولى، فهي رؤيوية، ولأنها كذلك فقد كوفحت، وكل أنصار الاقتصاد المادي وقفوا ضدها ومنعوها ردحاً من الزمن، وكل أنصار الاقتصاد الأدبي وقفوا الى جانبها، فعادت وأثبتت أنها رأت غيوم القيامة، ونذير الدينونة، وسجّلت مارأت. ومادام الاقتصاد المادي سائداً، فلا إنقاذ إلا بالاقتصاد الأدبي، فهو الوحيد الذي يجعلنا نترفع عن الاقتتال من أجل حيازة قضبان الحديد،أو نيترات الألمنيوم، أو كلوريد الزئبق،أو النظائر المشعة.. نقتتل من أجل حيازة السموم ووسائل التدمير.!! إن مأساة العصر قائمة على كونه جعل المال أساساً وجوهراً لاوسيلة. فالساعي للحصول عليه يقتله السم،والذي لايحصل عليه يقتله الجوع. هذه هي المأساة الحقيقية. فالحيازة سمٌّ والحرمان جوع وكلاهما موت، سوى أن الحيازة موت حقيقي لأنها لاتترك وراءها سمعة طيبة، وحتى هي نفسها تتشتت وتتبعثر، وتزول.. أليس في هذا الناتج متسع للأخذ والرد والمجادلة...؟!!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية