|
ملحق ثقافي
في أحد الأيام، أرسل في طلبي مدير إدارتي الموقر جدا، الأستاذ بتراشكوف، ذهبت إلى مكتبه مباشرة ووقفت هناك باحترام، لا أظن أنه علي إظهار فحوى محاورتنا، وإعادة كل مفردات المديح والاطراء التي أسبغها على المدير بتراشكوف، بصفتي موظفاً، إنساناً، ومواطناً، سألني في الختام، و هو يحدق في عيني بتساؤل: - أنت مخلص للإدارة، أليست كذلك؟ - و « مستعد للموت في سبيلها» أجبت بلا تردد. - لن يكون هناك داع للموت أبدا- قال ضاحكا- الشيء الوحيد الذي عليك القيام به هو إثبات إخلاصك، عبر مساعدتك لنا بفضح الممارسات السيئة لأحد الرعناء: م. زخاروف، رئيس أحد الأقسام، والذي يحاول وضع العصي في عجلاتنا مؤخرا، والاصطياد في الماء العكر، لقد حصلت على بعض المعلومات، ولكنها لا تكفي، هل أنتما صديقان؟ - ليس تماما، ولكني سأحاول. - هذا هو الضبط ما يطلب منك فعله، سنقوم بكل شيء ممكن من أجل كسب ثقته وجعله يأتمنك كليا، أنت تفهمني، أليس كذلك؟ - نعم أفهمك، ومن ثم ؟ -كن حذرا، لا تضغط الأمور كثيرا، لنقل مثلا أنك ستبدأ بالتعبير عن عدم ارتياحك للإدارة، ومن ثم تنتقل تدريجيا الى بعض الشتائم البريئة، حتى تصل الى حدود الطعن، سيكون مسموحا لك إن مهدت لذلك جيدا، أن تشتم المدير وتشتمني وتشتم الإدارة كلها لوث سمعتنا، ابصق علينا. -بحيث أحرضه على القيام بالمل صحيح؟ -كنت أعرف أنك ستلقطها فورا، ذلك هو تماما ما ينتظر منك، خلال الشهر وبدءا من اليوم أريد منك تقريرا مفصلا عم كل الكلمات التي يلتفظ بها زخاروف ضدنا، هيا، انطلق..! أعجبتني المهمة..تلا ذلك شهر كامل وقدمت الى مكتب المدير بتراشكوف. -النتيجة؟ سأل بصرامة. أخبرته بأني قد فعلت ما في وسعي كنت أرى زخاروف كل يوم تعايشنا معا، تحدثنا وأصبحنا صريحين معا تماما وهكذا كنت أنا من تكلم بقذاعة انتهزت كل الفرص كي أطعن بالإدارة وأبصق على هيبتها فلقد قلت على سبيل المثال.. -حسنا، حسنا، استطيع أن أتصور الأشياء المزعجة التي تفوهت بها قدم تقريرك كتابيا. -لم أكتب تقريرا قلت بينما اصطكت ركبتاي. لماذا؟ -لم يستجيب كما كان متوقعا كان يضحك أو يقول بأني قد غدوت سليطا. كان شعور المدير بتراشكوف بالمرارة عميقا أمام فشلي، فقد قطعت تغضنات عميقة جبهته الكبيرة تحت تاج من الشعر الأشقر والذي شحب قليلا بفضل السنون والازعاجات التي يخلقها له الحساد أمثال ذلك الـزخاروف. سأل المدير بتراشكوف بعد التأمل الطويل الذي تلا ذلك: -هل تحب المشروب؟ أقصد البراندي بالخوخ، أو ذلك النوع من المشروبات؟ -ليس كثيرا أجبت بخجل أشرب أحيانا براندي بالعنب مع بعض المقبلات أنا أحب المقبلات كثيرا. -اعتبارا من اليوم: لك أن تشرب كالسمكة وتستطيع أيضا أن تشترك في أي من الموبقات. ولي بمفردي علىما أظن. -عظيم فتى رائع وذكي سيكون ذلك مع المعني بالأمر، أريد برهانا على ذلك. -حسنا. -هيا انطلق. لا داعي للقول بكم من الحماس والهمة توليت مهمتي الجديدة والمسؤولة، أخذت المعني بالأمر الى أماكن الرقص والبارات اشتريت له المشروبات وأصبحت أنا نفسي مدمنا لأحد أنواعه، صببت ليس أقل من خمس عشر كيلو من الشطة والمازوت والمكسرات، رغم التحذيرات بأنها تؤثر على المرارة وبعض أعضاء الجسم الأخرى بشكل قاتل. أقمت أيضاً ثلاث حفلات سكر صاخبة في المنزل، وقدمت رؤوس العجول المطهوة والمزينة، والنتيجة كانت لا شيء، للكتابة، كان «المعنى» يشرب باعتدال، البراندي غالباً بذلت الكثير من المال لأجله. أنا لم أقل أنه لم يكافئني: كان يعتني بي، ويرافقني إلى المنزل في كل مرة كنت أعجز فيها عن الذهاب بمفردي. في الصباح: كان يجلب لي بعض الأدوية والمنشطات، وفي مناسبات كثيرة، ساندوني ووقف بجانبي ومنع الفضائح التي كنت أحاول إثارتها. وللحق والواقع: كانت النظارات التي أضعها تجعل شكلي مسالماً، وعاطفياً، وغير مناسب للفضائح، ولكني حفزت كل قدراتي كي أصل إلى الشجار، وخاصة عند دفع فواتير المطاعم، كان ذلك الإبليس يدفع فاتورته فقط، وليس فاتورتي قط،مخلوقاً نائياً.. كان. في تلك الأثناء، كانت ساعة صفر تقريري تقترب أكثر فأكثر. ماذا علي أن أفعل؟ هل استطيع أن أخيب أمل المدير بتراشكوف -ذلك الإنسان النبيل والمحس إلي، ثانية؟ كلا.. لنن يحدث ذلك مطلقاً. هدرت الكثير من الوقت في التفكير، ثم قررت أن آخذ المبادرة وفق التعليمات التي تلقيتها. خلال انغماسي في أماكن الرقص، حاولت مسبقاً أن أنسج معارف لي من الفتيات المنحلات، وبعض المطلقات الشابات غير المسؤولات. وعلى كل، لم أتجرأ على التعامل مباشرة مع هذه الأمور بيدي، وأغضب المدير. -«فكرة عظيمة!- صاح بمتهجاً- بمعلومات ملموسة عن الفسق والانحراف سيكون من السهل التخلص من «الشخصية المقصودة».. «هيا.. انطلق!». يجب علي القول أنني حفزت كل ملكاتي في المجال الجديد، أيضاً. استجررت «المعني بالأمر» حول «البامبو» وهذه وتلك من الأماكن ذات السمعة المشابهة قدمته للفتيات، وللمطلقات، وأطريته في حضورهن، محاولاً خلق المحرضات الضروري. حتى أنني أحد المرات سددت بمفردي فاتورة ضخمة في النايت كلوب، ولكن ذلك المرء الإبليس، لم يبتلع الطعم أبداً. كنت أنا من فعل.. تلك هي القصة المحزنة كلها، أيها الأعزاء.. كنت محظوظاً بما فيه الكفاية، حيث انتقل المدير بتراشكوف لقسم آخر قبل ذلك بأسبوع. وإلا، لكان قد حدثني عن سرقة زجاجات الحبر وصحون السجائر وآنية الزهور من المكتب، على أمل جعل ذلك الرجل الـ (زخاروف) يفعل ذلك. |
|