تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الفنان اسماعيل نصرة الجمال الإنساني متجسد في المرأة

ملحق ثقافي
13/12/2005م
حوار: د. حبيب الراعي

> شكلت المرأة والجمال الانثوي موضوعاً مفضلاً لكثير من الفنون السمعية او البصرية، لكنها تبقى الموضوع الابرز عند التشكيليين على وجه الخصوص كما هو واضح عندك. لماذا هذا الاختيار؟

>> ان الاهتمام الاول عندي هو الجمال الإنساني متجسداً في المرأة فالانسان عامة اهم الكائنات في الطبيعة واسماها، وإني اشعر ان المرأة تختزل جميع النواحي الجمالية للانسان. > ألاحظ ان هناك تشابهاً واضحاً في الوجوه المرسومة في جميع اللوحات هل هي امرأة معينة؟ >> لا بالمطلق، كما اني لاأرسم عن موديل محدد، لكن بالمقابل ربما تكون تجميعاً لاشعورياً للمخزون الذي أجمعه من خلال مشاهداتي اليومية، وبالتالي هي أجزاء من ذلك المخزون، كذلك فإن ذلك الوجه بالرغم من أنه وجه امرأة إلا انه يشبه وجه راسمه، فالفنان في النهاية يرسم ذاته وحتى فناني عصر النهضة كانوا يرسمون البورتريه الذاتي، مثل رامبرانت وليوناردو دافنشي. > لكني ارى في تلك الوجوه الكثير من النمطية، التي ربما لاتستطيع ان تكون مؤثرة إذا ما تكلمنا عن احساس المشاهد بها والتأثر بمعالمها من حيث قوة التعبير فيها ؟ >> احتمال وجود هذه النمطية تأخذ عندي شكلاً ايجابياً، ولا اخشاها ولااشعر بالحرج منها، وأنا عموماً أبدأ برسم اللوحة في مخيلتي المؤلفة اساساً من وجه مع عناصر اخرى للخلفية مما اصبح اسلوباً خاصاً. وأفكر حالياً بشيء مختلف تماماً يقوم على تبسيط للشكل وتحطيم للخط، فأنا اشعر بحاجة الى مثل هذا التغيير وعندي مخزون لمعرض كامل برؤية ونظرة مختلفة. > أعود لمسألة النمطية التي أرى فيها محدودية في قوة التعبير فهي تبدو كأنها وجوه معلبة وجاهزة، شبيهة بالعرائس الجميلة. >> يوجد الكثير من اهل الفن والمهتمين قالوا لي كلاماً مشابهاً وكذلك كان للبعض منهم رأياً مخالفاً تماماً، فقد أحبوا هذه الوجوه لأنها قريبة للقلب، وهناك من رآها جميلة جداً، وأن فيها كذلك عمقاً في التعبير على عكس كلامك، وقد صرح لي الفنان (نزار صابور) بأن هذه الوجوه قد اثارت عنده التساؤلات والحيرة، وربما الشك وأحس انها شهية وبأنه شعر برغبة في تقبيلها. > كلام (صابور) عن الشهية يذكرني بالأجساد الانثوية عند (رينوار)، وسأبدي الان رأياً آخر فأنا ارى ان هناك نوعاً من التكلف سواء من حيث الرسم الخطي أو من ناحية الالوان التي تبدو زاهية وبراقة لماذا؟ >> لايوجد في لوحاتي اي تكلف فأنا ارسم بكل عفوية انظر الى هذه اللوحة وما فيها من اختزال للمسات الفرشاة وطريقة معالجة الالوان والخطوط. > ألا تخشى أن تقع تحت مغريات التذويق، وخاصة انك ترسم: المرأة- زينتها- الزهور والورود- اللون الذهبي.. وكلها تندرج في منظومة تزويقية تستهوي بعض مقتني الاعمال الفنية ؟ >> لم اقصد التزويق، بل إني اشعر بأن هذه العناصر ماهي إلا تفاصيل تحتاجها اللوحة لانها تزيدها غنىً وثراءاً، وكذلك تزيد من جمالها والجمال غاية الفنان والمشاهد على حد سواء. > ألاحظ في لوحتك تأثراً بالفنان (حمود شنتوت) من ناحية اعتماد الوجه النمط او حضور الضوء من خلال تضاده مع العتامة وكذلك التقاء مع الفنان( صفوان داحول) ربما من حيث الثنائيات الزوجية وبعض الجوانب التقنية مارأيك؟ >> التأثر والتأثير موجود في جميع مجالات الابداع في المسرح والادب والموسيقى مثلما هو موجود في الفن التشكيلي. سواء لايوجد مبدع جاء من كوكب اخر.فلابد للفنان من التأثر ولاأخفي اني عشقت (شنتوت) حين عاد من فرنسا وتأثرت به والعين تأخذ في حين يقوم العقل الباطني بالتخزين بشكل غير ارادي، كذلك تأثرت بـ (صفوان داحول) بموضوع الثنائي كما ذكرت لكن لكل فنان خط مختلف وتكوين مختلف. كذلك فأنا احب تكرار الوجود المعبرة عند(نذير اسماعيل) > مارأيك حالياً بالفنان (حمود شنتوت) وماذا تبقى من (شنتوت الثمانينات)؟ >> احتفظ في ذهني بصورته القديمة و اعماله السابقة حين عودته التي اعجبت فيها كثيراً، أما الان فإني اشعر بأنه اصبح يعمل محتمياً باسمه وبماضيه، فلوحته الحالية تفتقد الى الضوء الجميل المؤثر، وربما هروب الضوء من لوحته بقصد او غير قصد. > لنعد الى اعمالك، كيف تبرر انتقالك من المحمل القماشي الى محامل اخرى الخشب تحديداً؟ >> لاتوجد خامة خاصة بفنان معين، وأنا اعمل على خامة الخشب كمحمل قبل الكثيرين الموجودين على الساحة الان.وربما كانت رغبة مني بانزال اللوح عن الجدار لتشارك المشاهد جلسته وتشرب معه القهوة.. أنا ضد التقليدية.. واحب العمل على الخشب لإظهار تفاصيله وجماليته، واشترك بذلك مع الطبيعة ومع الخالق في صنع العمل الفني. والخشب مادة حية ونبيلة وتتفاعل مع الطبيعة، والعمل عليها له عمق والشجرة في النهاية هي امرأة. > هل انه اللجوء الى خامة الخشب قد بدل او اثر من طبيعة مفاهيمك للعمل التشكيلي باعتبار انك انتقلت بذلك من العمل الثنائي الابعاد التقليدي الى الاقتراب بشكل ما من العمل الثلاثي الابعاد؟ >> من حيث الفكرة والطرح لم اشعر بالفارق فهي موادك الذهنية والتقنية نفسها التي تعمل عليها على القماش أو الخشب. > ألم يحدث ذلك تبدلاً على الممارسة التشكيلية عندك؟وكذلك كيف لاحظت تعامل المشاهد المعتاد على رؤية اللوحة معلقة على الجدار؟ >> لا ، لان اسلوبي لم يتبدل بتغيير الخامة القماشية الى خامة خشبية، اما بالنسبة للجمهور الفني فقد لاقى فيها شيئاً جميلاً وجديداً، وهذا ما شجعني على هذا الاتجاه فأنا اشتغل للناس وللمشاهدين. > إذاً فالموضوع مجرد تنويع في المحامل والخامات تقنياً؟ >> فعلاً ليس اكثر من تبدل في التقنيات ولايوجد تبدل في الذهنية. فقد كنت دائماً أبدل سطح اللوحة القماشية الاملس واتدخل عليه لإعطاء احساس مغاير لطبيعته وربما لهذا لجأت الى خامة الخشب للاستفادة من طبيعة ملمسها مباشرة. > أفسر انا عدم التبدل هذا في المعطيات والمفاهيم التشكيلية، لأني أرى انك مازلت ترسم حسب مفهوم اللوحة وكأنك بأعمالك الجديدة على الخشب تقدم (لوحة بعدة أوجه) وبذلك هي بعيدة ربما عن مفهوم النحت في علاقته بالفراغ، فالمحمل الخشبي عندك يأتي أحياناً محملاً نحتياً بطبيعته فتقوم انت بمزاوجته مع مفهوم التصوير ، اي بالرسم عليه. اي انك تتعامل مع المحمل بمعزل عن المحمول؟ >> ربما يكون هذا الكلام دقيقاً ، لكن النواحي التي استفاد منها من خامة الخشب كما ذكرت تتعلق بملمس هذه الخامة بما فيها من شقوق طبيعية وتجاويف ومسامات تتنفس ويتنفس معها العمل، و كل تلك الميزات ادخلها فيما اقوم برسمه. > أي انك تستفاد من طبيعة الملمس الخشبي، لكني قصدت بسؤالي الاستفادة من (كتلة) الخشب خاصة وقد ذكرت انك بمغرم بالنحت؟ >> ربما لأني في النهاية مصور ولست نحاتاً لذلك فعلاقتي بالفضاء لها خصوصية المصور ومحكومة بمفهوم اللوحة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية