|
مساحة ود .. إن امرأة لا تبكي, هي من طينة الحجر لا البشر لذلك لا أخجل من مواقف الحزن في حياتي وحين أراجع الأشهر الماضية والدموع التي طفرت من عيني أجد أنها مواقف حنق وغضب وعجز لاحزناً وأسى. أعترف لكم.. أنني أبكي حنقاً لا تأثرا لأن الدم الذي سال على أرض بلادي الغالية، أحسسته دم أحبتي المقربين من ضلوع الصدر, ألا يبكي الإنسان حين يوجعه ضلعه ويوشك أن يخرق الحشا منه ويخز الدواخل؟ الكل يتحدث بصوت يغلب عليه النزق وبعينين لا خشية فيهما.. البعض عباراته تتهاطل بشكل هستيري حتى ما عاد قادرا على الإمساك بزمام كلامه, وأصبحواعلى حالة مجنونة من فقدان الوعي. تطفر دمعة العجز من عيني لأنني غير قادرة على صفعهم, ولا على مغادرة المكان وتركهم. إنهم مرضى.. ولست المسعفة المناسبة لهم. وصرت أتحاشى رؤية الدم وصار حتى سماع أخباره الممتدة على مساحات كبيرة من حياتنا وفضائيات العالم يجعلني أعرق عرقاً بارداً وأتذكر لحظة ضعفي التي لم أجرب ما يماثلها.. يقال إن الضعف يصهرنا ويعيد تشكيل معنوياتنا, إنه المسطرة المرفوعة في وجه عنفواننا.. تعلمت من لحظة ضعفي تلك الكثير، تعلمت ألا أترك أي حادث أو ظرف يستولي على خلاياي ويحشرني في زاوية من لا حول له ولا قوة حين تصبح الدمعة الغالية حنفية فسدت جلدتها وأنا لا أريد أن أكون امرأة بكاءة.. لذلك أقسمت ألا أبكي بعد اليوم ولو حنقا.. من حقي أن أخاف على وطني وأهلي وأحبتي، ولكن من حقهم علي ألا أضعف أو أنهار فالليل العاصف دائما يعقبه نهار مشمس ودافئ. |
|