تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الأزمة السورية .. واستهداف العروبة

مجتمــــع
الخميس 11-10-2012
وائل المولى

ليس من باب المصادفة أو إنها صفحة تاريخية جديدة باستهداف العروبة ، بل إنه مشروع قديم جديد بآن واحد فقد بدأ منذ أن أعلنت الأمة العربية عزمها على بناء دولة العرب الواحدة

وإعادة مجدهم الحضاري القديم. لكن الاستعمار الغربي كان لها بالمرصاد، فاستغلّ طموحها القومي للتحرّر من الاحتلال العثماني لخدمة أهدافه ومخططاته، وتمكّن من إحكام سيطرته الاستعمارية على الوطن العربي وتقسيمه بموجب اتفاقية سايكس بيكو وزرع الكيان الصهيوني فيه.‏

لكن العروبة المغدورة ردّت على الاستعمار والتجزئة بملاحم النضال الوطني والقومي التي بدأت بتحرير الأقطار العربية من الاستعمار الغربي وحققت في خمسينيات القرن الماضي مدّاً تحررياً وحدوياً جارفاً تمثّـلت شعاراته الكبرى في مقاومة الامبريالية والصهيونية، وتحرير فلسطين، وتحقيق الوحدة العربية.‏

ولم تنجح العروبة في تحقيق كل أهدافها طبعاً ولا سيما فيما يخصّ فلسطين والوحدة، وتعرّض مشروعها لضربات وهزائم قاسية. لكـنّها استمرت في المحاولة حتى بعد هزيمة 1967 التي توّهم العدو الصهيوني أنها ستكون القاضية على العرب، لكنّ‏

شرفاء العرب شنوا عليه حرب تشرين التي اقتربت كثيراً من هدف تحرير الأرض العربية المحتلّة لوْلا مسارعة الغرب بقيادة الولايات المتحدة إلى نجدة «إسرائيل» وإقدام القيادة المصرية ، في هذا الإطار، على خيانته المعروفة. ثم كانت اتفاقية كامب دافيد الاستسلامية التي أخرجت مصر رسمياً من معادلة الصراع العربي الصهيوني، وكانت حجر الأساس في المخطط الامبريالي الصهيوني الجديد الذي ركّز على استهداف العروبة من الداخل من خلال الحرب الناعمة النفسية والإعلامية والسياسية بهدف غسل العقل العربي ومحو ثوابته الوطنية والقومية.‏

وكان على العروبة أن تواجه منذ ذلك الوقت أعداء الخارج وأذنابهم أعداء الداخل ممثلين بالقسم الأعظم من النظام الرسمي العربي، وأن تتراجع إلى خندق الدفاع عن وجودها ذاته.‏

وقد برهن احتلال أمريكا العراق والعدوان الصهيوني على لبنان وغزّة بتواطؤ رجعي عربي على إسقاط العروبة هو الهدف الأسمى الاستراتيجي الذي تستميت الامبريالية والصهيونية وأدواتهما في الداخل على تحقيقه. لكن العروبة لم تسقط واستطاعت المقاومات العربية في العراق ولبنان وفلسطين ان تتصدّى للاستعمار والعدوان وتقف سدّاً منيعاً في وجههما... وها هي العروبة اليوم تُستهدف في معقلها التاريخي دمشق من خلال حرب ارهابية شرسة يقودها التحالف الغربي التركي الرجعي العربي لإسقاط الدولة السورية وتقسيمها. وتُستهدف في الوطن العربي عموماً من خلال إذكاء كل ما يناقضها ويعاديها من نزعات طائفية ومذهبية وقبلية وعشائرية مدمّرة...‏

وهنا لا بدّ من الإشارة إلى الخطأ الاستراتيجي الفادح الذي ترتكبه القوى السياسية التي تطرح مشاريعها ضدّ العروبة ولا سيما المشروع «الإسلامي السياسي» والمشروع «القطري» وغيرهما. ذلك ان العروبة ليست ايديولوجية ولا طرفا في حلبة الصراع السياسي على السلطة، بل هي هويّة ثقافية وسياسية، وهي التي حملت الإسلام، تاريخياً إلى العالم، وهي التي حررت الوطن العربي من الاستعمار وحمت الدولة القطرية من خطر الانقسامات الاثنية والطائفية والمذهبية وغيرها.‏

وعليه فإن استهداف العروبة لا يقف كما يتصوّر البعض عند منع تحرير فلسطين والوحدة العربية، بل يذهب أبعد من ذلك، إلى ضرب الدولة القطرية ذاتها وتوظيف الايديولوجيات بما فيها ايديولوجية «الإسلام السياسي» في خدمة المشروع الأمريكي الصهيوني.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية