تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


وكان يبرى بظفره القلم

آراء
الخميس 11-10-2012
 ديب علي حسن

الفقر في الوطن غربة ، والمال في الغربة لايعطيك وطناً ولايجعلك سيدا أبداً ولوكان الفقر رجلاً لقتلته بسيفي هذا هكذا قال الأمام علي كرم الله وجهه ..

وبالتأكيد لم يقل أحد ماأن الفقر عيب وعار ومعرة أبداً بل العيب أن نبقى فقراء إذا كان بإمكاننا أن نتجاوز ذلك ونعمل لنحصل مايغنينا العوز والحاجة والفقر في أيامنا هذه له أشكال وألوان لسنا بصدد الحديث عنها أبدا ً.‏

أظن أن معظم المبدعين إلا ماندر عاشوا فقراً مريراً.‏

وكذلك سياسيون وقادة كبار بعضهم حاول أن يغسل الماضي بألف حيلة وحيلة ظاناً أن الفقر وصمة عار وليس وساماً يستحق أن يرفعه عالياً ..‏

المتنكرون لنضال وتعب وكفاح آبائهم ليسوا قلة وكأنهم لايمثلون تياراً يعتز به أحداً أبداً ، قد يكونون قردة وثعابين في سيركات وبهلوانات أمام عالم يصفق لهم حيناً ويرفسهم إلى غير رجعة..‏

والفقير الذي لايحمل في قلبه نبض الدفء الإنساني ربما يصبح ذات يوم قادراً على رش بعض العطر المغشوش ليلفت الانتباه إليه...‏

وفي القائمة ممن أعرفهم من صال وجال منذ أيام على محطة غربية يشتم الوطن ،يسب ،لايعجبه شيء ...يصول ويجول من الغرب من حيث باع نفسه للشيطان لهذا (الفاوست) ..والبهلوان نذكر أنك جئت المدينة شبه حاف وعار لم تكن لتجد لقمة العيش وحتى كسرة الخبز أبداً كنت شريداً ، طريداً ، بلامأوى ،وحتى كسرة الخبز أبداً كنت شريداً طريداً بلامأوى أبناء القرى المدينة لايهمهم الذين آووك ، أعطوك ومدوا لك يد العون ...هذا وذاك ...أصدقاء كثر من المدينة والقرية تقاسموا معك زادهم.. وصرت رويداً رويداً تشعر أنك إنسان.‏

حظ عاثر امرأة من سبائك الذهب المنقى تزوجتها وفي قلبها براءة الدنيا عنفوان القرية صدق التعامل كانت مفتاح استقرارك ...بيديها بنت لك غرفتين ثلاثاً لاأدري ... حفرت بيديها حملت الحجارة وجبلت الإسمنت رفعته إلى حيث يجب أن يرفع يوماً وراء الآخر ، وشهراً تلو الاخر صار عندك بيت نعم لنقل بيت مهما كان شكله ولونه ، بني بنبض القلب ورفة العين..‏

زوجة من قلب الأمل والألم عملت في بناء منزلك بحثت عن عمل وظيفي لتساعدك وكان لها ذلك لأنها تربي أطفالاً ..‏

وأنت عند أول منعطف وربما قبل المنعطف تأبطت حقيبة وآلة تصوير ورفعت لافتة تقول إنك .. صحفي كاتب . مفكر روائي ناقد معارض لاأدري اختر أي لقب منها مع أنك لست أهلاً لأحدها..‏

سنوات وأنت شارد هنا وهناك تسكر ، تعربد تأخذ راتب زوجتك ليكون نسغ إبداعك كما تقول لم نر من الإبداع شيئاً أبدا ً إلا أنك عدت إلى ذئبيتك ولصوصيتك طلقت زوجتك ... وصار لك مأوى آخر هو على شاكلتك ...في عملك سنوات عشر أوعشرين لم يكن يراك أحد..‏

تزوجت من صاحبة دخل أعلى وكانت أيضاً أسوأ منك لأنها خانت الوطن الذي أعطاها كل شيء أرسلها إلى حيث هي مال ومال ، وبعد استنزاف المال.. كانت إطلالتك البهية على إحدى فضائيات سفك الدم..‏

آه أيها الوطن كم أنت مفجوع بهؤلاء ..كم نحن ماكرون مخادعون الآن الذين عاثوا فساداً كل مقياسه وقدرته صاروا دعاة حرية.. من لم يكن يجد رغيف خبز يقيته وكان يبرى بظفره القلم صار وصار، أنتم الآن تأكلون من خبز من استخدمكم وتضربون بسيفه لكنكم سترمون كفوارغ لايعاد تصنيعها عند الانتهاء من الحاجة إليكم وهذه هي حال الدنيا أبداً، وكما قال الشاعر حامد حسن رحمه الله ! يبقى الصغير وإن أعليت رتبته إلى الكواكب مشدوداً إلى الصغر...‏

d.hasan09@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية