|
آراء ولعل حياتنا بمجملها إذا راقبناها بالاحتكاك مع المحيط الخارجي نلاحظ كيف يتم تواصلنا مع الآخر وكيف يعبر جسدنا عن هويته بطريقة جلوس مختلفة، بابتسامة خاصة، باشارة توصل رسالة معينة وفيما عدا ذلك هناك اشارات بدهية ترسل، فمثلا عندما تكون اليدان في وضعية «التكتيف» فهي إشارة إلى الرغبة بخلق حاجز لمنع التواصل، كذلك من يقف حانيا كتفيه ورأسه متجنبا النظر في عيون من هم حوله مصاب بالاكتئاب، ومن يحضن رأسه بيديه مع النظر الى الاسفل فهذا يشير إلى حالة من الملل، أما وضع اليد على الخد إشارة إلى التأمل والتمعن ووضع اليدين على الأوراك يوحي بحالة من العدائية ولمس الأنف أو فركه أثناء الكلام دليل رفض وشك وكذب، أما الجلوس بوضعية يدين وراء الرأس ورجلين مشبوكتين دلالة على ثقة بالنفس وفوقية وتعال، إضافة إلى ملامسة الشعر فهي مرادف لقلة الثقة بالنفس والشعور بعدم الاطمئنان .. الخ. كل هذه اشارات نتلقاها ونفسرها نحن في حيز علاقاتنا الاجتماعية أثناء تواصلنا الفاشل أو الناجح.. في دراسة قامت بها جامعة بانسلفانيا بالولايات المتحدة الأميركية لمعرفة مدى تأثير لغة الجسد في الانطباع الذي يبنيه الناس أثناء تواصلهم فكانت النتائج 55٪ من الانطباع يؤخذ من الحركات والأوضاع، 38٪ من الانطباع يؤخذ من نبرة الصوت، 7٪ فقط يؤخذ من الكلام الذي يقال.. أي إن لغة الجسد تمثل 93٪ من الانطباع الذي يؤخذ عن الإنسان أي إن 93٪ مما نقول لا يخرج من الفم وإنما من لغة الجسد. يقيناً لم تقنعني هذه الإحصائية ولا علم فك رموز لغة الجسد من أصله ذلك لأننا الآن نحيا في عصر ازدهار موهبة المراوغة والدوران حول الأفكار وعدم التصريح، موهبة الاختباء خلف النهار وخلف الأقلام وخلف النظرات وخلف فيروسات العالم الجديد فما جدوى لمادية هذه المواضيع وقد تفوق الإنسان بكل حيلّه على كل العلوم والمعارف، ما على الإنسان في هذه الحالة إلا أن يتقن لغة الجسد والأوضاع المختلفة والحالة الشعورية التي يمثلها ويتصرف لتحقيق غاياته. هي الازدواجية غزت العصر وهذا العصر حمل معه من العقد النفسية والقلق الذاتي من القديم الموروث ومحاولة الثورة عليه والتخلص منه، وطمس الهويات والتخبط والفصام الفكري بامتياز وهنا نذكر مقولة خوسيه سارماجو: «ما أصعب أن يكون المرء مبصراً في مجتمع أعمى». |
|