|
اقتصاد
وجوده بينما أكد القائمون على عمل البرنامج «ضرورة منح الوقت الكافي للحكم على التجربة التي تطبق في سورية لأول مرة وعدم إطلاق الأحكام بشكل عشوائي». والآن وبعد مضي عامين على هذه التجربة اشتغل المعنيون بالبرنامج على استصدار قرار حكومي بالتمديد لعمل البرنامج الأمر الذي يشير بشكل واضح وصريح أن المعنيين بالبرنامج يعتبرون أن التجربة نضجت واتضحت معالمها ونالت رضا الأطراف المعنية ليمضوا إلى المطالبة بتمديد عمل البرنامج ! لا بل ذهبوا أبعد من ذلك عندما صرحت هيئة المواصفات بأنه سيتم توسيع التجربة وهناك شركة ثالثة على الطريق, متجاهلين الشكاوى الكثيرة والمشاكل التي يتعرض لها الصناعيون جراء تطبيق البرنامج –حسب المذكرات والكتب التي يرفعونها إلى الجهات المعنية- وآخرها الكتاب الذي وجهته منذ بضعة أيام غرفة صناعة دمشق إلى هيئة المواصفات والمقاييس والذي أكدت فيه بداية ضرورة أن يكون هناك هيئة وطنية للرقابة على المستوردات وبمخابر محلية والاستغناء عن شركات الرقابة ثم بينت الغرفة بعض الشكاوى والمطالبات والاستثناءات. تمديد وتريث وبالفعل - حسبما نشر في وسائل الإعلام- منذ نحو الشهر ونصف الشهر وافقت رئاسة مجلس الوزراء بناء على توصية اللجنة الاقتصادية وطلب وزارة الصناعة واقتراحها على تمديد العقود المبرمة بشأن الرقابة على المستوردات بين هيئة المواصفات والمقاييس من جهة وبين الشركتين -بيروفيرتاس الفرنسية و SGS السويسرية- غير أن مدير هيئة المواصفات يقول في تصريح صحفي أول أمس» أن رئيس الحكومة وجه بالتريث بتطبيق توصية اللجنة الاقتصادية بخصوص تمديد مدة العقد المبرم بين الهيئة وشركتي الرقابة على المستوردات وذلك إلى حين انتهاء اللجنة القانونية المشكلة بالقرار 10554 من دراسة العقد الموقع سابقا مع الشركتين والى حين تحديد اللجنة للإجراءات المطلوب اتخاذها في ضوء المخالفات المتحققة, لأن اللجنة لم تنته من إنجاز عملها ويبقى العمل مستمراً بالبرنامج مع التريث بالتمديد» والغريب هذا الاستعجال بالتمديد قبل انتهاء عمل اللجنة القانونية, والاستعجال هذا يذكرنا بالاستعجال بإطلاق البرنامج أساسا حيث ظهر إلى الوجود دون مقدمات ما أثار وقتها الكثير من التساؤلات حول فكرته ومبرراته مروراً باختيار الشركتين الأجنبيتين المتعاقد معهما من قبل هيئة المواصفات لتنفيذ البرنامج وصولاً إلى النتائج التي ستترتب على عملهما. لماذا البرنامج..؟ البرنامج وحسبما أعلنت الجهات المعنية بتنفيذه جاء» لوقف دخول أي منتجات لا تحمل مواصفات جيدة أو أسعارا حقيقية أو شهادة منشأ نظامية والتي يمكن أن تشكل خطراً على سلامة المستهلك والبيئة كما أن تطبيقه يوفر للصناعات المحلية منافسة عادلة..» هذا الكلام من حيث الهدف والمبدأ جميل ولا أحد يستطيع الوقوف ضده، لكن ألا تستطيع كوادرنا ومخابرنا ومؤسساتنا المختصة تحقيق هذا الهدف, وهل أنجزنا فعلا قيمة مضافة جراء تطبيق البرنامج؟. اذا.. البرنامج يهدف الى تحقيق هدفين الجودة والتسعير المناسب وهذان الهدفان في رأي الكثير من المتابعين والمهتمين وأصحاب الشأن لم يتحققا, فغير موضوع الجودة الذي شكل الضربة الأولى للبرنامج برزت الكثير من الشكاوى حول ما يكتنف سلعنا المستوردة من مواصفات متدنية الجودة، ولا سيما تلك الداخلة ضمن قائمة برنامج الرقابة على المستوردات جاءته ضربة ثانية من خلال مصداقية التسعير ومن جهة رسمية عليا حيث شكلت لجنة حكومية في عام 2011 لتطلب التدقيق بأسعار السيارات المستوردة وبمختلف أنواعها., الأمر الذي طرح وقتذاك الكثير من التساؤلات حول مصداقية عمل شركتي المراقبة بل وحول جدوى البرنامج ككل, وهنا لم نأت على الجدل والإشكاليات التي وقعت بين إدارة البرنامج من جهة وبين إدارة الجمارك السورية حول إعادة بعض المواد المستوردة مثل الاسمنت والأسمدة للتحليل رغم حصولها على شهادة المطابقة من الشركة المراقبة...الخ.. أفرغ من مضمونه..! توصية اللجنة الاقتصادية التي وافقت عليها رئاسة مجلس الوزراء تضمنت ضمن بنودها «اقتصار تطبيق البرنامج على المنتجات والسلع التي لا يمكن اختبارها محليا لعدم وجود مخابر متخصصة داخل القطر وإلغاء الرقابة على السعر من ضمن الخدمات المطلوبة» والتوجيه الحكومي بالتريث شمل موضع التمديد للبرنامج أما توصية مراقبة السعر فهي نافذة حسب مدير عام هيئة المواصفات الذي أكد في تصريحه «أن شركات الرقابة ستمتنع بناء على قرار حكومي عن مراقبة السعر وستكتفي بمطابقة المواصفة والمنشأ وذلك بسبب كثرة الشكاوى التي وردت من الصناعيين والتجار خاصة على موضوع رقابة السعر». وهذا يشير بشكل صريح إلى الاستغناء مبدئيا عن أكثر من نصف المهام التي كانت تقوم بها شركتا المراقبة وبقي تقرير أو قرار اللجنة القانونية التي تتابع دراسة العقد في ضوء المخالفات المتحققة والتي قد تودي بالبرنامج ككل حسب توقعات المهتمين وهو ما يدفع إلى طرح تساؤل مهم: لماذا تتحمس هيئة المواصفات لتدرس إدخال شركة ثالثة ؟ ونحن بدورنا نضم صوتنا إلى صوت الصناعيين في أن يكون هناك هيئة وطنية للرقابة على المستوردات والاستغناء عن عمل الشركتين المذكورتين فلدينا من الكوادر والإمكانات ما يؤهلنا لهذه المهمة مع مزيد من الجدية والاهتمام والتدريب. |
|