تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أميركا تشنُّ حربها على سورية ومحور المقاومة أيضاً عبر المصارف اللبنانية !!

مصارف وتأمين
الخميس 11-10-2012
إعداد : علي محمود جديد

لن يهنأ عيش الولايات المتحدة الأمريكية وإدارتها الفاسقة حتى ترى أعداءها من قوى الخير والمقاومة تستسلمُ لها وترفع يديها أمامها معلنة التوبة عن مناهضتها، إذ لاتزال الولايات المتحدة تعيش بوهم قيادتها للعالم، وقدرتها على التأثير الموغل في الفساد والفتن لتحقيق أمانيها الشيطانية،

‏‏

فهي لاتريد أن تعترف حتى الآن بهزيمتها النكراء التي بدأت ملامحها بالظهور ، حتى أنها قد تخطّت مرحلة الملامح هذه وصولاً إلى مرحلة البلورة والتحييد أمام القوى العظمى الجديدة الناهضة والتي استطاعت سورية أن تُمهّد أمامها الطريق لتنطلق بسرعة فائقة سبقت التقديرات كلها، حيث تمكّنت روسيا والصين من حرق الكثير من المراحل واستطاعت قبل أعوام من تقديراتها أن تقف بقوة في وجه الصّلف الأمريكي، وتصرخ بقوة في وجه واشنطن : كفى .. لقد تعب هذا العالم منكم ومن أفعالكم الإجرامية، ولن نسمح لكم بعد اليوم أن تحتكروا مصير القرار في العالم، وبدأ التنفيذ الفعلي منذ الدبل فيتو الروسي الصيني الأول حول الأزمة السورية.‏

انهيار السطوة‏

غير أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال تستصعب هذه الحقيقة، فهي لا تنفكُّ تحاول أن توهم نفسها بأنها ما تزال سيدة العالم وصاحبة القرار، ولكنها سرعان ما تصطدم بالوقائع الجديدة التي تتأكد من خلالها وبما لا يرقى إليه الشك بأن الأمور قد تغيّرت كثيراً، وسيد العالم صار في مكان آخر.‏

في الواقع إن قوى الخير والمقاومة لم تستسلم للولايات المتحدة الأمريكية في عزّ سطوتها، وظلّت تواجه عربدتها بمزيد من التمسّك بمبادئها ومواقفها الثابتة، ولذلك فهي لن تكون اليوم إلا ساخرة من تلك المحاولات الأمريكية الجديدة مهما بلغ تأثيرها، وعلى مختلف الأصعدة، ولاسيما على الصعيد المالي والمصرفي، فلقد تعوّدنا، وكان الفضل لأمريكا في ذلك بأن تعلّمنا أكثر كيف نتصدّى لها وبكثير من البراعة التي تجعلنا نتخطّاها .. ولا نبالي.‏

مع أمريكا .. أو معها‏

صحيفة الأخبار اللبنانية أشارت في مقال لها مؤخراً إلى أن المصارف في لبنان تخضع في هذه الأيام لـ«الضغط الأميركي» فصحيح أنها تحقق أرباحاً طائلة سنوياً، إلا أن كل خطواتها اليوم، محسوبة بدقّة على وقع «الإملاءات» الأميركية التي تدفع المصارف تدريجياً إلى خيار من اثنين: معنا أو ... ضدّنــا تنتهي!‏

وأوضحت الصحيفة بأن الضغوط الأميركية قد بلغت ذروتها خلال السنتين الأخيرتين، وكان أبرز مؤشّر على ذلك، ارتفاع وتيرة زيارات وفود وزارة الخزانة الأميركية للبنان، آخر هذه الزيارات كانت لنائب وزير الخزانة نيل ستيفن وولن. وكان قد سبقه مساعد الوزير لشؤون تمويل الإرهاب دانيال غلايزر، وقبله، أيضاً، جاء مساعد الوزير لشؤون مكافحة الإرهاب والاستخبارات المالية ديفيد كوهين، اللافت أن هؤلاء يحملون رتبة عالية في أعمال الاستخبارات المالية، وزياراتهم للبنان لم تنقطع منذ بدء الأزمة السورية، وأكثر تحديداً منذ إثارة قضية البنك اللبناني الكندي، لم يقتصر الأمر عليهم، فالسفراء الأميركيون في لبنان كانوا يتابعون هذه الملفات.‏

خطوط ملونة‏

المهم، أن المسؤولين الأميركيين اعتادوا ترتيب مطالبهم من السلطات النقدية وفق أولويات سياسية، فيناقشون تفاصيلها مع كلّ من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ومجلس إدارة جمعية مصارف لبنان، وفي بعض الأحيان كانت لقاءاتهم تشمل رئيس الحكومة أياً يكن هذا الرئيس، إلا أنه قبل هاتين السنتين، كانت المطالب الأميركية تمرّ في قنوات غير مُعلنة خلافاً للعلنية التي تحيط بالزيارات الأميركية اليوم وبتفاصيلها والتصريحات التهويلية أيضاً التي يطلقها الزوار، سواء من بيروت أو في بلدهم الأم.‏

ورأت الصحيفة أن كل هذه الزيارات والضغوط أرست «قواعد لعبة» بين المصارف اللبنانية والأميركيين. «عندما تتعرّف إلى قواعد هذه اللعبة، عندها فقط يمكن أن تعرف مدى تأثير الضغوط التي يمارسها الأميركيون، وإلى أي مدى يمكن أن تذهب، وما الهدف منها، وما هي الخطوط الحمر والخضر والصفر» حسبما يروي أحد أعضاء مجلس إدارة جمعية المصارف.‏

ممنوع فتح حسابات للمقاومين‏

في الواقع، تظهر المعطيات الناتجة من زيارة وولن لبيروت أخيراً أن جمعية المصارف والسلطات النقدية في لبنان لم تفهم قواعد اللعبة إلا بعد زيارة وولن التي وُصفت بأنها «إيجابية». ففي هذه الزيارة، أبلغ وولن رسالة واحدة مفادها أن «القطاع المصرفي اللبناني ليس مستهدفاً، لكننا لن نتهاون مع أي مصرف أو جهة تسهّل تمويل الإرهاب». عُدّت هذه الرسالة إيجابية للبنان، ولاسيما أنها أُبلغت إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وسلامة وجمعية المصارف بلهجة «لطيفة»، على ما يقول أحد نواب حاكم مصرف لبنان.‏

لكن ما خفي من هذه الزيارة، كان هو الأكثر تأثيراً والأكثر جديّة ضمن قواعد اللعبة، وبحسب مسؤول مصرفي غير رسمي، فإن المطالب الأميركية لم تتغيّر منذ اندلاع الأزمة في سورية، «فقد قالوا لنا إن وزارة الخزانة ستتعامل مع الجميع على أساس معنا أو ضدنا، أي أن تسهيل فتح حسابات للسوريين والإيرانيين ولعناصر حزب الله والمقربين منهم في لبنان يعني أننا نعمل ضدّهم (الأميركيين)».‏

رغبة بعرض الحائط‏

ما كان لافتاً في هذا المجال، بحسب المصرفي نفسه، هو أن الأميركيين أبلغوا السلطات السياسية والنقدية في بعض دول الجوار الرسالة نفسها المبلّغة في لبنان، في محاولة منهم لزيادة الحصار المالي على المحور السوري _ الإيراني _ حزب الله. لكن هذه الدول، ومنها الأردن ومصر والإمارات العربية، لا تنفّذ الإملاءات الأميركية كما ينفّذها لبنان؛ هنا أصدر مصرف لبنان عشرات التعاميم المصرفية لتقييد عمل الصرافين الذين يعتقد أنهم يسهمون في عمليات تبييض أموال لحزب الله، واقترح على مجلس النواب التشدّد في دخول الأموال النقدية، وأعطى توجيهات شفويّة للمصارف بعدم فتح حسابات مصرفية لكل من السوريين والإيرانيين والسودانيين فأصبح صعباً إلى درجة الاستحالة فتح حساب لأي كان من هذه الجنسيات في لبنان، أما بنك صادرات إيران فهو يبحث منذ أكثر من سنة عن مصرف ينوب مكانه في مركز المقاصة في المناطق التي ليس له فروع فيها، فلم يقبل أي مصرف بذلك، وبالإضافة إلى ذلك، بدأ مصرف لبنان يعدّ العدّة لتطبيق نظام التصريح عن حسابات الأميركيين المقيمين في لبنان للتأكد من عدم تهرّبهم من سداد الضريبة في أميركا، أو ما يعرف باتفافية «FATCA».‏

تسهيلات تحت وطأة المراقبة‏

عملياً، إن دولاً أخرى تبلّغت الرسالة الأميركية نفسها ولم تتشدّد مثل لبنان في تعاطيها واستقبال الودائع السورية والتعامل مع التجّار الإيرانيين، فالأردن على سبيل المثال، يروي المصرفي، لم يمتثل لأي من ذلك، ويستقبل حالياً قسماً كبيراً من الأموال السورية، ويستقبل صرافوه كل الأموال النقدية السورية، أما دبي فهي تعجّ بالأثرياء السوريين، وفي مصر أيضاً، هناك عدد لا بأس به من السوريين الذين بدأوا يحوّلون وجهتهم النهائية إلى دبي، حيث للإيرانيين معقل تجاري مهم.‏

هذه المفارقة برأي المصرفي نفسه، تعود إلى «وجود علاقات جيّدة ومنفتحة لدى سلطات هذه الدول مع الأميركيين». ولا يكتفي المصرفي بهذه الإشارة، بل يلفت إلى أن «هذا الانفتاح يعني التعاون بين الطرفين على أكثر من صعيد، وأكثرها أهمية التعاون الاستخباري. فما تحتاج إليه وزارة الخزانة الأميركية من هناك تحصل عليه عبر آلية التعاون الاستخباري، وبالتالي فإن الأميركيين ليسوا بحاجة إلى التشدّد في هذا المجال، بل تركه متنفساً يمكن مراقبته بسهولة، علماً بأن هذا الأمر ليس مطلوباً في لبنان حيث يحصل الأميركيون على مطالبهم تدريجياً وعلى جرعات».‏

على أي حال، لم يكرّر الأميركيون مطلبهم بالنسبة إلى تطبيق لبنان اتفاقية «FATCA» التي لا تمثّل شيئاً قياساً على مطلبهم الرئيسي بتطويق سورية وإيران في عقر دار ما يسمونه محور الشرّ، أي محور الممانعة.‏

وماذا بعد ..؟!‏

بعد كل هذا الذي أوردته صحيفة الأخبار اللبنانية .. ما الذي يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تفعله أكثر من ذلك ..؟! نعتقد أنها لن تستطيع أن تفعل أكثر من ذلك، وحتى وإن استطاعت فهي لن تؤثّر بشيء على النتائج التي ترجوها وتتمناها بأوهامها التي لا تزال تركب رأسها بأن شيئاً لم يتغيّر .. وقد تغيّر كل شيء.‏

أمريكا ( الغالية ) كنّا نتمنى أن نخدمك من أجل مصلحة العالم، ولكننا آسفون .. فلن نستطيع أن نفعل ذلك لأنك أنتِ آفة هذا العالم، وأمامك حل وحيد لنقدّم لك كل ما تريدينه على طبق من ورد، وهو الانضمام إلينا لتصيري من قوى المقاومة، أشعرُ برغبةٍ عارمة للضحك أمام هذا الخيار .. ولكن في الحقيقة ليس لها أي حل آخر .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية