تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إحداثيات الدور الأوروبي

البقعة الساخنة
الثلاثاء 17-3-2009
علي قاسم

رغم بروز المحاولات الأوروبية في الآونة الأخيرة كعنصر مؤثر من عناصر الحراك السياسي المستجد في المنطقة، فإن ما يشوبها ظل حتى اللحظة يحول دون أن تصل فاعلية الدور الأوروبي إلى ما هو مأمول منه، وإلى ما يتناسب مع موقعه على الساحة الدولية.

وإذا كان من السابق لأوانه التعويل على الحراك الأوروبي الأخير للجزم بارتسام ملامح الاستقلال في الدور والجهد، فإن ما جرى حتى اللحظة يترجم هواجس وتطلعات أوروبية تمتلك مشروعيتها لتكريس واقع الاستقلال هذا، حيث الإرادة التي تدفع بذلك التحرك مازالت تحتاج لعوامل تحفيز إضافية.‏

وشكلت الجهود الأوروبية الرسمية وغير الرسمية لكسر الحصار على غزة فعلاً مهماً لا يمكن تجاهله، بل في جوهره أحد المؤشرات الحقيقية على الرغبة في الانعتاق من أدوار الآخرين أو في أقل تقدير الانفلات من الدوران في فلكهم، وهي مهمة ليست سهلة، لكنها في الوقت ذاته، تبدو ملحة وضرورية، وتمهد الطريق لإحداثيات جديدة للدور الأوروبي.‏

وحين يأخذ الحضور الأوروبي في المنطقة هذا التمايز، وحين يعطي المؤشر والانطباع عن آلية التحكم بالتوجه الأوروبي، لابد من النظر إلى الموضوع بما يستحق من أهمية لا تقتصر على دلالات التعديل في المزاج الأوروبي من قضايا المنطقة، بل تشمل أيضاً النية في إحداث تغيير على المساحة التي يمكن لأوروبا أن تملأها.‏

ما يجري يعكس حداً فاصلاً بعد متغيرين لا يخفيان على أحد، الأول يتعلق بالمناخ الدولي السائد بعد وصول الإدارة الأميركية الجديدة والانفتاح على الحوار، والثاني وهو الأهم التطورات التي شهدتها المنطقة بعد فشل العدوان الإسرائيلي في تموز 2006 وفي كانون الأول 2008 والتعديلات الحاصلة في المعادلات التي كانت قائمة.‏

لذلك ليست المحاولة الأوروبية بهذا الاتجاه معزولة بذاتها، ولا هي فقط مجرد فعل روتيني اعتادت الدبلوماسية الأوروبية أن تجريها عبر وسائل ومستويات عديدة، إنما سياق آخر يمكن التوقف عنده في إطار أي مقاربة جديدة للدور الأوروبي، وإن كانت تلك المقاربة تحتاج لبعض الوضوح، والكثير من الجدية والإرادة السياسية، لتكون فعلاً مستقلاً، يشكل نواة لدور يرسم حضوره بالتوازي مع أدوار الآخرين، وليس مجرد ظلٍّ.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية