تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مصيـــــــر إســـــــــرائيل..!

معاً على الطريق
الثلاثاء 17-3-2009
د.أحمد برقاوي

إن اسرائيل بسبب شروط تكونها التاريخية بوصفها ظاهرة تمت الى نتائج الاستثمار الغربي الامبريالي للمنطقة، ومستنده الى أيديولوجيا دينية - صهيونية ، وبقاؤها مستحيل دون حماية خارجية وضعف داخلي عربي ، أقول هذه الدولة أعادت اليهودي ساكن فلسطين الآن الى مرحلة الهمجية القديمة مع فارق ان الهمجي اليهودي الآن يمتلك أسلحة فتاكة جداً.

فاليهودي - الصهيوني ينظر الى وجوده في فلسطين على أنه وجود ناتج عن قوته ونفي الآخر من جهة، وعلى أن وجوده مهدد بخطر الزوال من جهة ثانية .‏

إن وعي اليهودي الصهيوني بذاته على هذا النحو جعله كائناً سلبياً تجاه الحياة ، تجاه حياته ، وتجاه حياة الفلسطيني والعربي عموماً، سلبياً تجاه حياته لأنه معرض دائماً للموت من أجل أن يوجد دولة وتجاه الآخر الفلسطيني والعربي لأنه يعتقد أن الآخر هذا يجب أيضاً أن يموت.‏

وهكذا فإن إسرائيل كدولة هي التحقق العملي لثقافة الموت ، ضد ثقافة الحياة، ووجودها يحمل الفلسطيني والعربي هو الآخر على أن يموت من أجل الدفاع عن نفسه ضد الموت.‏

ولعمري أن طريقة شن اسرائيل كدولة عدوانها على الشعب العربي وعلى العربي الفلسطيني لا علاقة لها بفن الحروب وأهدافها، وإن كانت حروبها تحمل أهدافاً سياسية ما.‏

إنها طريقة اعدام الحياة، فعبر ثقافة الموت التي تربى عليها اليهودي - الصهيوني فإن الحرب بالنسبة إليه هي موت الآخر : شيخاً ، طفلاً ، امرأة ، رجلاً مسالماً ، نباتاً ، حيواناً ، بيتاً وعشاً.. ولأنه يقيم في قلب ثقافة الموت فهو يقيم في بيتٍ، ملجأ، وسوّر ، وبرج مراقبة، وأسلاك شائكة.‏

إن اسرائيل هي الدولة القلقة القديمة لكل معناها، مع فارق أن القلعة كانت تحمي المدينة ، أما الصهيوني - اليهودي فالدولة هي القلعة.‏

السياسة الأوروبية والأمريكية تريد لليهودي - الصهيوني أن يبقى همجياً ولهذا تريد لهذه الدولة العنصرية - القلقة أن تبقى ، وفي ذلك مصلحة استراتيجية له.‏

إن الشرط الأول لاستعادة اليهودي - الصهيوني ذاته بوصفه إنساناً هو زوال دولته اللاإنسانية ، إن زوال دولة اسرائيل تحرير اليهودي من ثقافة الموت، بل لا يمكن أنسنة اليهودي - الصهيوني مع بقائه فرداً في دولة اسرائيل.‏

استعادة اليهودي لحالته الطبيعية كإنسان ينتمي الى القرن الحادي والعشرين لن يتم إلا بزواله فرداً في دولة غير طبيعية ، وبالتالي : إن تحرير اليهود غير ممكن إلا بزوال دولة اسرائيل، واستعادة ثقافة الحياة في المنطقة غيره ممكنة دون الانتصار على دولة ثقافة الموت.‏

ولأننا نريد أن نعيش ، ونريد للحياة التي نحب أن تكون سعيدة لنا ولغيرنا فيجب بالضرورة أن تزول ثقافة الموت.‏

وعندي أن كل من يدافع عن استمرار وجود اسرائيل أو عن ضرورة التعامل معها كدولة طبيعية إنسانية هو عملياً ضد ثقافة الحياة ومع ثقافة الموت.‏

فاسرائيل هي الموت المتربص خلف أبوابنا دائماً ، ودون سياسة تقوم على ضرورة ذلك لابد للصراع بين الحياة والموت إلا الانتصار على الموت.‏

فهل الضرورة الحيائية والمنطقية لزوال اسرائيل تقود الى تصور امكانية زوالها العقلي ، نعم، زوال اسرائيل أسهل مما يُظن، لكن الأمر يحتاج الى من يؤمن بهذه الحقيقة ، لا نحتاج الى تحليل ولا الى محللين : إن مقاومة شاملة عربية مسلحة بإرادة الانتصار وبهدف إزالة هذه الدولة كفيل بأن يحقق زوال هذه الدولة.‏

لأن هذه المقاومة بدورها ستخلق لدى اليهودي صدمة وعيٍ بذاته كفيلة بأن تنقله من وحش الى إنسان يريد أن يعيش دون دولة متوحشة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية