تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الحلقة الأقوى

عين المجتمع
الأحد8-5-2016
منال السمّاك

في زحمة الأزمة صنفن بالفئة الهشة، ولكثرة التحديات لقبن بالحلقة الأضعف، نساء سوريات شاءت مفردات الحرب أن يحاصر بعضهن في متاهة فقر وحاجة وفقدان معيل وانهيار سند نفسي، في دوامة الحياة التي تؤطرها حرب عايشن يوميات عنوانها التحدي،

وأدواتها إصرار وقرار مسبق بعدم الانهزام أو التفريط بكرامة حفظاً لماء الوجه، في سبيل غاية نبيلة هي الأسمى لأم وأخت وابنة ، ألا وهي إعالة عائلة أو المساهمة في الإعالة كونها نصف مجتمع فاعل لا عالة، ومساهمة في العطاء لا مستهلكة ومستنزفة.‏

بكثير من الشجاعة اقتحم البعض منهن مجالات عمل لم تكن يوماً من اختصاص امرأة صنفت إلى حد ما كمدللة ومترفة ، ولأن العمل شرف وعبادة ومد يد الحاجة مذلة ومهانة، كان الرصيف كميدان عمل أشرف من انتظار فتات موائد الآخرين.‏

على رصيف دمشقي لم تألفه بعد تتنقل بنظرات حائرة، تتفحص المارة مستقرأة بين شار وبين مستعجل الخطا غير مبال لرجائها بنفاد بضاعة، وآمالها المعقودة على بضع مئات ليرات تسد رمق عائلة، استقر بها المقام من القامشلي إلى إحدى ضواحي دمشق، في رحلة بأحلام متواضعة ولا أمتعة.‏

باحت لي بخجلها الأنثوي أنها لم تعتد يوماً جلوس الأرصفة، ولم تمارس في حياتها تجارة على بسطة في مهب تحرش محتمل ونظرات متعالية مستخفة، هو الفقر وضيق ذات اليد ووضع معيشي صعب ما دفعها إلى الرصيف، عندما أغلقت الأبواب أمامها كطالبة فرصة عمل محترمة تصون كرامة أنثى.‏

في كل ركن سوري هناك نساء في الظل يعاركن لقمة العيش، ليعلن الانتصار على نظرات قاصرة ويتمردن على صورة نمطية رسمت ملامح امرأة تستهلك عطاء رجل وتترقب حسنة، تلك هي المرأة التي سارعت لتكون سنداً ومعيلاً، لتقول للعالم أجمع أنها الحلقة الأقوى ولو كانت في ظل أزمة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية