|
ثقافة
فما إن بدأت أولى الطالبات بالغناء حتى تفاعل معها الجمهور بالتصفيق تعبيراً عن إعجابهم بما سمعوه، رغم ان الجمهور السوري بعيد قليلاً عن هذا النمط الغنائي الا أنه وجد اهتماماً واضحاً من خلال الحضور المميز من الفنانين والنقاد. الغناء الأوبرالي له معجبوه ومحبوه، لكن هناك قلة من يستطيع فهم لغته العصية على الإدراك إلا من دخل هذا المجال وفهم بعض تفاصيله الشيقة والتي تنقل المستمع الى دول و ثقافات من حول العالم وهو في مكانه، هو ماعبر عنه فادي عطية مغني الأوبرا وأستاذ في المعهد العالي للموسيقا، فالخطوة المهمة التي ساعدت على الولادة الفعلية لفن الأوبرا في سورية كانت افتتاح قسم خاص لهذا النوع الموسيقي في المعهد في تسعينيات القرن الماضي، وهو ما ساهم في ردم الهوة المعرفية التي كانت تفصل المغنين السوريين عن هذا الفن، فكانت هذه الحفلة أول ظهور بحفلة كاملة لطلاب الغناء الأوبرالي بعد غياب حوالي 8 سنوات، وقدم من خلالها 18 مقطوعة موسيقية منوعة وبسيطة كي تناسب الجمهور الذي يعد بعيداً بعض الشيء عن هذا الفن، فكانت هذه الحفلة أيضاً فرصة لإطلاق جيل جديد من الشباب الموهوبين، عبر إعادة تكوين كادر جديد يقود الحركة الفنية بما يخص الغناء الأوبرالي في سورية. واكبر دليل على نجاح وتقبل الجمهور لهذا الفن هو ان القاعة كانت ممتلئة بما يؤكد على ان الفن والانفتاح هما جوهر الهوية السورية. فيما نقلتنا رنيم بركات عبر قطعتين من اوبرا سمسون ودليلة الى عالم مليء بالحب فقد غنت برفقة البيانو حكاية الفتاة التي تتدلل على شمشمون الجبار كي تهرب منه، فيما تمايلت بدلع الغجرية اللعوب كارمن مع أربعة عازفي غيتار. أما عبدالله عطفة فقدم بليدر لجوهان برامز وهو مصطلح الماني خاص بهذا النوع من الغناء، كما رافق مغنية أخرى بدويتو ألماني رائع ألهب حماس الجمهور بالكثير من التصفيق، وما زاد جمال الأمسية تفاعل المغنين وتقديم رقصة فالس عبرت عن مدى الانسجام والحب بينهم لتخرج لوحة فنية متكاملة. عازفة البيانو رنا جنيد قدمت مقطوعات من ثقافات متنوعة، وقد أجادت في تقديمها على آلاتها، فروت عبر مقطوعات ايطالية وألمانية وفرنسية الكثير من حكايا الحضارات وثقافات حملت معاني بشرية ونفسية. ثقافة الحب رسالتنا كانت وستبقى بأن ثقافة الحب والجمال والغناء هي التي ستنتصر على ثقافة الجهل والموت بهذه الكلمات ختم اندريه معلولي الامسية والتي كانت من ضمن حفلات دورية يقيمها المعهد العالي للموسيقا من أجل تأهيل الكوادر الموسيقية، فكان ماقدمه هؤلاء الطلاب نتاج عمل وجهود حمل معه الكثير من التطور والانسجام الكامل مع المسرح. ورأى الفنان الناقد طلال معلا الذي كان حاضراً بأن ماقدمه الطلاب يدل على جودة تدريبهم، وكان الاهم كيفية التوجه الى اعادة بناء الشباب بطرق حضارية، وماشاهدناه يحمل الكثير من الرقي ويدل على أن ابداع الشباب السوري لا حدود له فهم يحملون الأمل دوماً، ومهما تردت الاغنية فهناك مواهب تفاجئنا عبر هذا الغناء الجميل والبديع. |
|