تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حين يعترف الغرب بمسؤولياته في دعم الإرهاب ثم يتنصل!

متابعات سياسية
الأحد 8-5-2016
دينا الحمد

لا يكاد يمر يوم دون أن تتسرب التقارير الصحفية والاستخباراتية من الدول الغربية نفسها لتعترف عن مسؤولية الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وبقية حلفائها وأدواتها عما يجري في سورية من إرهاب منظم، ورغم أن من يعترف بالمسؤولية هم صحافة الغرب

وأجهزة استخباراته فإن العمى ما زال يسيطر على بصر وبصيرة بعض مشيخات البترودولار التي تشارك هذه الدول الغربية عدوانها على شعوب المنطقة.‏

وحتى لا يكون كلامنا بلا أدلة ووثائق تدعمه ننقل هنا اعترافين الأول من بريطانيا والثاني من ألمانيا وعلى لسان وزير خارجيتها ويؤكدان صحة ما نذهب إليه، فقد كشفت صحيفة الغارديان البريطانية أن متعاقدين مع الحكومة البريطانية يديرون بشكل مباشر مكتبا صحفيا يقدم خدمات إعلامية للمجموعات الإرهابية في سورية وفي الوقت ذاته يحاولون إخفاء أي علاقة للحكومة بذلك.‏

ولم تتوقف الأمور عند إدارة المكتب بل وثقت الصحيفة إن الحكومة البريطانية تشن حرب معلومات في سورية من خلال تمويل الحملات الإعلامية لبعض المجموعات المسلحة وهي تبرر ذلك بما وصفه رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون بالحرب الدعائية ضد تنظيم داعش، وتعزيز سمعة ما تسميه حكومته المعارضة المعتدلة رغم أن الأمر كما تشير الغارديان محفوف بالمخاطر لأن جماعات كثيرة أصبحت تميل وعلى نحو متزايد إلى التطرف كما قالت حرفياً.‏

ما يثير الاستغراب أن الصحيفة كشفت أيضاً أن المتعاقدين المستأجرين من وزارة الخارجية البريطانية ينتجون تحت إشراف وزارة الدفاع أشرطة الفيديو والصور والتقارير العسكرية والبث الإذاعي ويطبعون المشاركات في وسائل الإعلام الاجتماعية بشعارات المجموعات المسلحة ويديرون بشكل فعال المكتب الصحفي لهم وتعمم المواد في الإعلام العربي المرئي والمسموع وتنشر على الإنترنت مع إخفاء أي دليل على تورط الحكومة البريطانية.‏

وبدأت هذه الخطط كما تؤكد الصحيفة لمصلحة ما تسميه المعارضة المعتدلة في سورية بعد فشل الحكومة في إقناع البرلمان بدعم عملية عسكرية ضد سورية في عام 2013 حيث شرعت بالعمل سراً على التأثير في مسار الحرب من خلال وضع تصورات محددة للإرهابيين، وتظهر وثائق التعاقد التي اطلعت عليها صحيفة الغارديان أن الحكومة عرضت المشروع باعتباره وسيلة للحفاظ على موطئ قدم في سورية إلى أن يكون هناك تدخل عسكري بريطاني.‏

والمفارقة أن الحكومة البريطانية لا تزال تكذب وتزعم أنها تحارب المتطرفين مع أنها أنفقت على هؤلاء المتعاقدين الذين يديرهم مستشار الاتصالات الدولية في وزارة الدفاع ريجستر لاركن نحو 4ر2 مليون جنيه استرليني وهم يعملون في اسطنبول على تقديم الاتصالات الاستراتيجية والحملات الإعلامية لدعم المجموعات الإرهابية المسلحة في سورية.‏

أما في ألمانيا فقد أقرّ وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أن الأزمة في سورية لم تكن من البداية داخلية، وأن الأحداث في سورية أثرت فيها دول جارة قريبة وبعيدة عنها، وأن بعض القوى الإقليمية لا تزال تسيطر على الجماعات التي تقاتل في سورية.‏‏

والمفارقة الساخرة أن شتاينماير يقول في مقابلة مع صحيفة «دي فيلت» الألمانية إن ألمانيا أساءت تقدير مصالح روسيا في سورية موضحاً أن موسكو لم ترد فقط حماية قواعدها العسكرية في المنطقة، لكن أيضا التأكد من أن النظام الجديد في الشرق الأوسط سينشأ آخذاً بعين الاعتبار المصالح الروسية، مع أن حكومته كانت للتو تغرد في السرب الأميركي وتنتقد التدخل الروسي.‏‏

ولعل أكثر ما يدعو للسخرية أن الوزير الألماني لم يعترف بمسؤولية بلاده واستخباراته بتدريب الإرهابيين ومشاركة الولايات المتحدة الأميركية خططها لإطالة أمد الأزمة في سورية نزولاً عند رغبة الكيان الإسرائيلي وتنفيذاً للسياسات الاستعمارية الغربية.‏

هذه السياسات الاستعمارية الغربية تقودها الولايات المتحدة الأميركية محددة لنفسها مساراً كاذباً في مكافحة الإرهاب ويثير السخرية والاستهزاء بآن معاً فهو مسار يدعي ويزعم الحرب على الإرهاب لكن أهم ما فيه دعم التنظيمات المتطرفة ومدها بكل أسباب البقاء تحت غطاء محاربة الإرهاب ومكافحة تنظيماته المتطرفة.‏

وهنا الأدلة تدعمها الحقائق والوقائع على الأرض، فعندما تطلب روسيا من الولايات المتحدة الأميركية التعاون مع دول المنطقة وحكوماتها وجيوشها ومنها الجيش العربي السوري لمحاربة داعش المتطرف ولوضع خطة لضربه فإنها ترفض ذلك وتقول إنها أسست التحالف الدولي لهذه الغاية، وفي الميدان نرى عكس ذلك أي نرى أميركا وحلفاءها وأدواتها وتحالفها المزعوم يمدون داعش وأخواتها بكل ما تحتاجه من أسلحة وأموال ودعم لوجستي مرة عن طريق الخطأ المقصود ومرة عن طرق الاعتدال المزعوم، وكما هو معروف فحين تطالب روسيا بأن تقوم الولايات المتحدة بالتنسيق مع حكومات المنطقة الشرعية وخصوصاً في سورية والعراق لتثمر الحرب على الإرهاب نرى إدارتها تصر على المضي قدماً في تجاهل الحكومات المعنية بمكافحة الإرهاب لغايات يعرفها القاصي والداني.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية